أصدرت منظمة أوكسفام الخيرية المستقلة تقريراً صادماً حول الثراء الفاحش والفقر المدقع في هذا العالم، وذلك في مستهل انعقاد منتدى الأثرياء في دافوس بسويسرا، وجاء في التقرير أنّ "واحداً في المائة من أغنى أثرياء العالم خلال السنتين الماضيتين يستحوذون على ما يقرب من ضعف ما يمتلكه باقي سكان العالم"، وهو ما يعني أنّ ذلك الواحد بالمائة يستحوذ على ثلثي الثروة الجديدة للعالم منذ 2020 وقيمتها نحو 42 تريليون دولار، وبحسبة بسيطة فإن الـ1% الذي يستحوذ بمفرده على 42 تريليوناً ترك للـ99% الباقين من البشر نصف هذا الرقم وهو 21 تريليوناً فقط.
وذكر التقرير أنّ "ولادة ملياردير واحد كل 30 ساعة يسقط معه مليون شخص في براثن الفقر المدقع، وأنه في الوقت نفسه الذي يضاعف فيه عشرة أغنى رجال في العالم ثرواتهم تنخفض فيه قيمة الدخل لدى 99% من البشر"، وحتى عندما ترتفع تكلفة السلع الأساسية يقول التقرير بأنّ "حجم ثروات أصحاب المليارات تزيد بمقدار مليار دولار كل يومين".
فالهوّة إذاً تتسع باستمرار وانتظام بين الأثرياء والفقراء، فمثلاً كنّا نتحدث في عام 2010 عن 43 شخصاً كانوا يمتلكون ثروة تعادل نصف سكان الأرض، وأصبحنا في عام 2016 نتحدّث عن 8 أشخاص فقط يمتلكون ثروة تعادل ثروة نصف سكان الأرض، وأمّا في العام 2022 فأصبحنا نتحدث عن أنّ 1% فقط من الأثرياء يمتلكون ثروة تعادل ثروة ثلثي سائر البشر.
إنّ هذا التوزيع المجحف والصادم للثروة على البشر إن دلّ على شيء فإنّما يدل على مدى توحش النظام الرأسمالي وانحطاطه، فالهوة بين الأغنياء والفقراء لا تتوقف عن الاتساع، ويزداد معها الظلم بوتيرة مخيفة، ولا يتصدى لهذا الظلم أحد.
فإذا كان عدد المليارديرات عام 2022 هو 2668 مليارديراً يمتلكون ثروةً بقيمة 12.7 تريليون دولار، وعدد المليونيرات أكثر قليلاً من 62000 ويمتلكون ثروةً بقيمة تقارب الــ150 تريليون، ولا ندري كم عدد أنصاف المليونيرات وكم تبلغ ثروتهم؟ فماذا يتبقى إذاً من الثروات لباقي السكان؟
إنّ الإسلام هو الوحيد القادر على ردم الهوة السحيقة بين الأثرياء والفقراء من خلال توزيع الثروة بالعدل وفقاً للأحكام الشرعية المفصلة في نظامه الاقتصادي، ولا يكون ذلك إلا من خلال دولة الإسلام الحقيقية؛ دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
رأيك في الموضوع