قد يستغرب بعض القراء عنوان هذه المقالة، ويقولون كيف تكون المخدرات حرباً، وكيف ننتصر عليها بالخلافة؟! وقبل الإجابة عن هذين السؤالين لا بد أن نقف قليلاً عند المخدرات وعلاقتها بالسودان.
فالمخدرات ليست مسألة طارئة، وإنما كانت موجودة منذ زمن بعيد، ولكنها في حدود الحشيش أو البانجو الذي يزرع في منطقة دارفور، وكان تعاطي هذا المخدر في بيئة ضيقة، وكان المجتمع ينظر لمتعاطيه بعين الاحتقار، لذلك ما كان أحد من المتعاطين يجرؤ على إعلان تعاطيه. إلا أنه في الآونة الأخيرة ظهرت أنواع جديدة يغلب عليها الطابع الصناعي الكيميائي، وأخطر هذه الأنواع ما يسمى بمخدر الشيطان، أو الآيس، أو الكريستال ميث، أو الشابو، أو غيرها من المسميات، وهذا المخدر يصنف من المخدرات قوية التأثير، وتأتي في شكل مسحوق أو بلورات كريستالية، ويتم استنشاقها أو تدخينها أو حقنها بالوريد.
ومنذ العام 2013م، حدثت نقلة نوعية كبيرة، حيث بدأت المخدرات تدخل البلاد بالحاويات الضخمة عن طريق الموانئ والمطارات والمعابر البرية، وحدود السودان الواسعة المستباحة، مع كثرة الدول المحيطة بالسودان، حتى صارت المخدرات أرخص من رغيف العيش، دون أن يكون هناك تحرك جدي من الحكومة! ففي تموز/يوليو 2022م، وصلت شحنة مخدر ترامادول من دويلة يهود تتبع لحركة مسلحة، تم ضبطها بمطار الخرطوم، بل إن الحركة دون أن يطرف لها جفن طالبت بفك حجز الشحنة، مدعية أن هذه المخدرات تستخدم بغرض التدريب، بل وكان الطلب بخطاب رسمي، وبالرغم من ذلك لم تتخذ السلطات الحكومية أي إجراء تجاه هذه الحركة المسلحة، بل والأنكى أن من قام بحجز الشحنة تم توقيفه عن العمل جزاء لما قام به وفضح المستور!
وبسبب السيولة الأمنية في البلاد لم يتورع مروجو المخدرات حتى من إدخال ماكينة لصناعتها داخل السودان، فقد أعلنت شرطة النيل الأزرق مطلع كانون الثاني/يناير 2023م، عن ضبط مصنع خاص بإنتاج حبوب الكبتاجون المخدرة بحاضرة الإقليم مدينة الدمازين، وأوضح المكتب الإعلامي لشرطة الإقليم أن المصنع ينتج حوالي 7200 حبة في الساعة الواحدة، ويبلغ سعر الحبة الواحدة أربعة آلاف جنيه سوداني.
وبعد أن صارت المخدرات حديث الناس، وبدأت أصابع الاتهام تشير إلى تورط أو تواطؤ الحكومة في الأمر، وفي محاولة من رئيس مجلس السيادة لنفي الاتهام، عقد في الثالث من كانون الثاني/يناير 2023م، اجتماعاً ضم وزراء العدل، والداخلية، والتعليم العالي، والتربية والتعليم، إضافة إلى النائب العام، وقادة الأجهزة الأمنية، أطلق من خلاله حملة لمكافحة المخدرات تستمر لمدة عام، واتهم البرهان جهات لم يسمها بالعمل على انتشار المخدرات، بدعم بعض المجموعات الشبابية تحت ستار دعم الديمقراطية.
ومنذ أن أطلق البرهان هذه الحملة نشطت الأجهزة الأمنية المعنية بالأمر في القبض على صغار المروجين وبعض المتعاطين، وحتى يومنا هذا لم نسمع عن القبض على الرؤوس الكبيرة التي تغرق البلاد بأطنان المخدرات، بل إن الحكومة سكتت ولم تقم بأي إجراء تجاه تجار المخدرات الذين اجتمعوا لمناهضة الحملة، فقد قال موقع دارفور 24 في 18/01/2023م، إن اجتماعاً لمناهضة الحملة الحكومية لتجار المخدرات عقد شرق دارفور وجمع نحو 100 شخص من تجار ومروجي ومنتجي مخدر البانجو.
والآن نجيب عن السؤالين اللذين بدأنا بهما هذه المقالة؛ كيف تكون المخدرات حرباً؟ وكيف تنتصر عليها الخلافة؟
إن الصراع بين الحق والباطل قائم منذ أن خلق الله الإنسان في الأرض، وسيظل حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لذلك نجد أن الكافر ظل يحارب الإسلام دين الحق منذ أن بعث الله سيدنا محمداً ﷺ وإلى يومنا هذا بشتى الوسائل والأساليب، وبالرغم من أنه، أي الكافر، استطاع أن يهدم دولة الخلافة، إلا أنه لم يستطع أن يقضي على الإسلام، ولن يقدر، ولكنه ولقناعته بأن الإسلام ستعود دولته شاء أم أبى، فإنه يعمل بكل ما أوتي من مكر وخسة للحيلولة دون قيامها، لذلك يروجون أفكارهم الباطلة وأنظمتهم الفاسدة عبر آلية إعلامية ضخمة، حتى يجعلوا من المسلمين مسخاً مشوهاً، فهذا باراك أوباما الرئيس الأمريكي الأسبق يفصح عن حربهم ضد الإسلام الذي يسمونه بـ(الإرهاب) قائلاً: "إن الحرب على الإرهاب يجب أن تخاض في العقول والقلوب كما تخاض في البر والجو"، وقالها سلفه جورج بوش الابن صراحة: "إننا نخوض حرباً صليبية"، مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾، ولكن كل الأعمال التي قاموا بها لم تثمر إلا وبالاً عليهم، فقد أصابتهم الدهشة مما فعله شباب الأمة فيما يسمى بالربيع العربي ضد الطغاة من الحكام العملاء فأُسقطوا.
ومن هنا تغيرت خطط الكافر وأساليبه في محاربة الإسلام، فهذه المرة المستهدفون هم الشباب وقود الثورة وحملة لواء التغيير الحقيقي، فكان لا بد من تدمير عقولهم بالمخدرات، وتسميم أجسادهم، حتى لا تقوم لهم قائمة، وبهذا المفهوم تصبح المخدرات حرباً، وهي تندرج في إطار حروب الجيل الخامس، بمعنى تعمد إغراق البلد المستهدف بالمخدرات ولو من خلال التعاون مع كارتلات المخدرات، وهو بالضبط ما يحدث الآن في السودان. وقناعتنا بأن هذه الحرب لن تستطيع هذه الحكومة العميلة في ظل الدويلات الوظيفية التي صنعها الكافر المستعمر ليضمن سيطرته، لن تستطيع أن تقف ضد هذه الحرب، بل ربما هي نفسها العامل المساعد في تنفيذ هذه المؤامرة القذرة على شباب الأمة.
إذن من الذي عنده القدرة على الانتصار في هذه الحرب، إنها دولة مبدئية تقوم على عقيدة الإسلام العظيم وهي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي وحدها القادرة على حماية البلاد والعباد من خطر حرب المخدرات وغيرها، بل ستسعى للقضاء عليها في كل العالم إن شاء الله، ولذلك كانت حملة حزب التحرير/ ولاية السودان متميزة عن غيرها في أنها بعد تبيين المخاطر، وتحميل المسؤوليات تبين الحل الجذري بأنه لا يكون إلا بإقامة الخلافة، وهي حملة ستستمر خلال شهر رجب الخير، تستهدف الشباب في أماكن تجمعاتهم وأنديتهم، كما تستهدف المساجد والأماكن العامة وغيرها.
نسأل الله أن يوفق القائمين على أمرها حتى يكلل العمل بإبطال المؤامرة، وإقامة أحكام الله في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة إن شاء الله.
الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع