قال وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية "إن حكومتي الإمارات و(إسرائيل) صادقتا على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين".
إن هذه الشراكة الاقتصادية بين الإمارات وكيان يهود تلقي الضوء على دلالات خطيرة في سلوك حكام الإمارات المشين:
الدلالة الأولى: أن نظام الإمارات بهذه الشراكة يعتبر أن كيان يهود ليس كياناً غاصباً للأرض المباركة وليس عدواً، ولذلك يقوم بهذه الشراكة الاقتصادية الشاملة، وهو بذلك ينسلخ عن أمته وثقافتها وتشوقها لتفعيل الحل الشرعي بتحرير الأرض المباركة، ويصر على ضخ الأموال في شرايين اقتصاد كيان يهود الغاصب لمسرى رسولها الكريم ﷺ.
أما الدلالة الثانية: فإن نظام الإمارات لا يحتكم في علاقاته ونظام حكمه إلى الأحكام الشرعية، وإنما إلى ما تمليه عليه تبعيته للغرب المستعمر، فالأحكام الشرعية تبين طبيعة كيان يهود، وقد نبه القرآن الكريم أنهم كانوا يرون استحلال الخيانة في أموال المسلمين ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، وقد وصفهم كتاب الله عز وجل كذلك ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾ هذا الواقع هو حقيقة في عقلية يهود كما وصفهم الله عز وجل.
والدلالة الثالثة: إن كان يهود قوم فساد وإفساد، فإن أشد مظاهر فسادهم هي في جانب المال والاقتصاد، وقد عرفوا بذلك بين الشعوب وعبر العصور، وتاريخ أوروبا الحديث خير دليل، سواء بالربا والاحتكارات أو تجارة الجنس، والإمارات تدير ظهرها لكل هذه الحقائق الشرعية والتاريخية وتقيم علاقات مع كيان يهود، بل تقيم معه ما يسمى شراكة اقتصادية شاملة.
وعلاوة على ذلك، فإنه وإن كانت العلاقة التي تحكم كيان يهود بغيره من العالم قائمة على النفعية إلا أن العلاقة مع الأمة الإسلامية تحكمها الرؤية العدائية فيصممون مشاريعهم الاقتصادية وعلاقاتهم مع المسلمين بناء عليها، وهذه حقيقة قرآنية، يقول الله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾.
ولا شك أنهم لا يكذبون على أنفسهم كما تفعل الأنظمة العميلة في بلادنا، فأمة تريد أن تجتثهم تعتبر تهديدا وجوديا لهم لا يمكن لهم أن يتجاهلوها، ولا تغيب تلك الحقيقة عن أذهان قادة كيان يهود عند عقد هذه الشراكات والاتفاقيات التي تسكنها المؤامرات ومحاولات الهيمنة والاستحواذ والاختراق للأمة الإسلامية.
وإن ما تروج له الإمارات وبعض الدول التي طبعت مع كيان يهود مثل السودان والمغرب ومصر، من أن العلاقات الاقتصادية ستجلب لهم نفعاً ما يُعد وهماً وسراباً بل كارثة على الأمة الإسلامية، فقد كان كيان يهود أكثر المتآمرين فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي، ومتآمر مع الإمارات في إيجاد البدائل لقناة السويس عبر فلسطين بحيث يكون الكيان هو الطرف المنتفع ولا يرجى منه أي فائدة لهذه البلدان، فهذه الدول ليست دولا منتجة لأي شيء يحتاج له كيان يهود (باستثناء الخامات) لتوصف العلاقة بأنها منافع وتجارة متبادلة وفتح أسواق، ولذلك كانت اتفاقية إنتاج طائرات مسيرة مع المغرب واتفاقية التنقيب عن النفط لا تعني سوى الاختراق الرهيب للمغرب في مجال الأمن والطاقة، ومن أخطر ما تشتريه الأنظمة من كيان يهود هي برمجيات التجسس والتي سبق وأن اشترتها الإمارات وبعض الأنظمة.
أما بالنسبة للإمارات خصوصا فكيان يهود يسعى إلى جعل الإمارات بوصفها مركزا ماليا عالميا أن تكون مركزاً مالياً له يستطيع أن يتسلل من خلاله إلى دول الجوار، ويريد أن تكون ممولاً لمشاريعه، وقد أنشأت الإمارات صندوقاً استثمارياً بقيمة عشرة مليارات دولار للاستثمار في شركات كيان يهود في مجالات النفط والطاقة والفضاء والبرمجيات والتكنولوجيا الزراعية، وهذا يعني ضخ الأموال في شركات كيان يهود وإيجاد وظائف جديدة للمستوطنين، مقابل العائد التمويلي على شكل أرباح لجيوب الخونة من الحكام! هذه هي النتيجة الحتمية لهذه الشراكة الاقتصادية.
هنالك نماذج واضحة للخسارة في الشراكة مع كيان يهود، منها صفقات الغاز الخاسرة بينه وبين مصر، والذي كانت تصدره مصر لتصبح مستوردة للغاز من كيان يهود، ومن ثم الأردن، ومشروع ربط كهرباء لبنان بالغاز المصري المستورد من كيان يهود ليصبح الكيان المسخ مسيطرا في الطاقة على الإقليم. وفي المياه كذلك فكيان يهود لا يسعى للشراكة وإنما للاختراق والهيمنة، فالأنظمة التي فشلت في أن تستفيد وتحقق التنمية اقتصاديا مع العالم برمته عبر عشرات السنين، لن يضيف لها كيان يهود إلا خسارة ورهقا وتبعية.
إن الذي يعقد هذه الاتفاقيات مع كيان يهود هم الحكام الخونة والأنظمة العميلة للغرب الذين يرون في كيان يهود مصلحة للغرب يجب أن يحافظ عليها وتقام العلاقات الطبيعية معه وتحمى حدوده، فالأنظمة في واد والأمة في واد آخر، فالأمة الإسلامية لا تريد أن ترى مسرى الرسول ﷺ والأرض المباركة محتلة من يهود، فهل يرضى أهل الإمارات بهذه الاتفاقيات؟ هل ترضى الأمة الإسلامية بهذه العلاقة بين حكامهم وكيان يهود؟ هل ترضى الأمة بأن يقوم حكامها بحراسة كيان يهود ومدّهم بالأموال والتطبيع معهم ومحاولة تثبيت أركانهم بحل الدولتين؟
إن الأمة الإسلامية لا ترضى بذلك إطلاقاً وتتشوق لتحرير مسرى الرسول ﷺ، ولرفع راية الإسلام على بيت المقدس، وللصلاة في ساحات المسجد الأقصى، فمن الذي يمنعها من ذلك؟!
إن الذي يمنعها من ذلك كله هم الحكام الخونة الذين يحرسون هذا الكيان ضمن خدمتهم لمصالح الغرب في بلادنا، ولا حل إلا بالتخلص منهم واقتلاعهم وإقامة دولة المسلمين، وهذا الحل بين يدي قادة الجند المخلصين، الذين يجب عليهم أن ينقلبوا على هؤلاء الحكام ويقتلعوهم من عروشهم، ويفرحوا الأمة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ترضي الله سبحانه وتعالى وتعيد للأمة عزتها ومقدساتها وثرواتها.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع