نشرت الجزيرة نت بتاريخ 24/4/2025 تقريرا بعنوان: "حصاد عامين من حرب السودان بالأرقام"، رصدت فيه الخراب والدمار الذي أصاب جميع مناحي الحياة في السودان، جاء فيه: (وثقت وزارة الصحة السودانية مقتل 12 ألف مدني وصلوا إلى مستشفيات البلاد، وهو ما يمثل 10% فقط من إجمالي عدد القتلى في الحرب، بينما تقول لجنة الإنقاذ الدولية إن عدد الضحايا جراء الحرب وصل لـ150 ألف شخص، وهو رقم أعلى من الحصيلة المعلنة للأمم المتحدة، التي تراوح حوالي 120 ألف قتيل، وأصدرت كلية لندن للصحة العامة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي تقريرا، كشف عن وفاة أكثر من 61 ألف شخص في الخرطوم وحدها، منذ بداية الصراع في السودان وحتى حزيران/يونيو الماضي، بزيادة بلغت 50% من معدل الوفيات قبل الحرب، ومن هؤلاء 26 ألف حالة وفاة نتيجة عنف مباشر متعلق بالحرب.
وبعد مرور عامين على الحرب، قالت المنظمة الدولية للهجرة الأسبوع الماضي، إن النزاع المسلح في البلاد أدى إلى نزوح أكثر من 11 مليون و300 ألف شخص، أما أضرار الخدمات فقد جاء في التقرير أن الخسائر وصلت إلى نحو 11 مليار دولار، وخرجت 250 مستشفى من أصل 750 مستشفى عن الخدمة، كما أدى القتال إلى خروج أكثر من 60% من الصيدليات والمخازن عن الخدمة إما بالنهب أو التلف.
وفي مجال التعليم العالي، كشف تقرير رسمي اطلعت عليه الجزيرة نت أن نحو 120 جامعة وكلية حكومية وخاصة، وبصورة خاصة في ولاية الخرطوم، ينتسب إليها نحو نصف مليون طالب وطالبة، خسرت بنيتها التحتية بصورة شبه كاملة، كما تعرضت ست جامعات في الولايات للتخريب والتدمير، منها أربع جامعات في دارفور.
أما التعليم العام فإن الحرب أخرجت أكثر من 17 مليون طفل من المدارس، وألقت بهم في مناطق النزوح واللجوء، ليضاف إلى 6 ملايين و900 ألف طفل غادروا صفوف الدراسة قبل الحرب، في مناطق النزوح وغيرها، يضافوا إلى 6.9 ملايين طفل غادروا صفوف الدراسة قبل الحرب، قبل أن تستأنف المدارس نشاطها في الولايات الآمنة، والتي أعاد الجيش السيطرة عليها في الخرطوم والجزيرة وسنار ومحليات في شمال كردفان، والنيل الأبيض.
أما فيما يتعلق بالمفقودين فليست هناك أرقام موثوق بها، فيما تقدر المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات العدد بنحو 50 ألف مفقود.
وبشأن العنف الجنسي كشفت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في السودان، وهي منظمة حكومية عن تسجيل 1138 حالة اغتصاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب وحتى شباط/فبراير الماضي، وفي آذار/مارس الماضي، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بأنها وثقت 221 حالة اغتصاب ضد الأطفال منذ مطلع العام الماضي.
أما الخسائر الاقتصادية فبحسب دراسة حديثة أعدتها جهات رسمية فإن الدمار والخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوداني جراء الحرب، يقدر بنحو 108 مليار دولار، قدرت وزارة الزراعة والغابات، خسائر القطاع الزراعي خلال عامي الحرب بأكثر من 10 مليار دولار، وتم تدمير ونهب الأموال؛ من معدات ميكانيكية وحركية، وتخريب كل محطات البحوث الزراعية. كما كشف تقرير رسمي أن الدمار بسبب الحرب والتدمير الممنهج والنهب من قوات الدعم السريع، طال 90% من القطاع الصناعي، إذ تضررت 3493 منشأة صناعية موزعة ما بين كبيرة ومتوسطة بولاية الخرطوم، بجانب ولايتي جنوب كردفان، والجزيرة، ويعمل بالقطاع أكثر من 250 ألف عامل، وتقدر خسائر القطاع بحوالي 30 مليار دولار. كما تم تقدير خسائر البنى التحتية العامة في قطاع الطيران المدني، التي تشمل الأضرار الجسيمة في المطارات والطائرات الرابضة، وتدمير آليات الإسناد الأرضي، وأبراج المراقبة، وصالات الركاب، ومخازن البضائع بحوالي 3 مليار دولار.
أما في قطاع الكهرباء والمياه، فقد تم تدمير ونهب محطات المياه في العاصمة والولايات، وتدمير عدد كبير من محطات توليد الكهرباء، ومنشآت التحويل، وأبراج الضغط العالي والمنخفض، وتقدر خسائر القطاع الكهربائي والمائي بنحو 10 مليارات دولار، وبخصوص خسائر البنى التحتية العامة في قطاع الوزارات والمؤسسات، تشمل حرائق وتدمير الوزارات والمصالح والمرافق الحكومية والجسور والطرق، وتقدر هذه الخسائر بنحو 10 مليارات دولار أيضاً.
أما على مستوى خسارة القطاع الخاص والأهلي، فحسب الدراسة الحديثة نفسها، فقد تم تدمير ونهب كل الأسواق الرئيسية في ولاية الخرطوم، وحرق الشركات الكبرى والصغرى، ورئاسات وأفرع كل المصارف بالخرطوم، والجزيرة، وسنار، ودارفور، وكذلك نهب وتدمير الفنادق الكبرى، والمنشآت، وتقدر خسائر القطاع التجاري وقطاع السياحة والفنادق بنحو 10 مليارات دولار.
وفيما يتعلق بمساكن الناس وممتلكاتهم الخاصة وسياراتهم، فيقدر أن حوالي 10 آلاف مسكن بولاية الخرطوم وحدها قد تم نهبها بالكامل، بما فيها من أموال وذهب، وتدمير آلاف المساكن كلياً أو جزئيا، بينما يقدر عدد السيارات الخاصة التي استولت عليها قوات الدعم السريع لأكثر من 40 ألف مركبة مختلفة، وتقدر خسائر الناس الخاصة بنحو 10 مليارات دولار...).
هذا الحصاد المر للحرب في السودان، والتي ما زالت نيرانها تأكل الأخضر واليابس، وبخاصة في دارفور التي تركز فيها الصراع حاليا، في الوقت الذي تستهدف فيه قوات الدعم السريع بالمسيّرات المناطق التي يسيطر عليها الجيش، وبخاصة المحولات الكهربائية الكبرى في مروي وعطبرة وغيرهما من المدن، ما زاد من معاناة الناس حتى في هذه الولايات التي تعتبر آمنة، وهي ليست كذلك، فما يجري الآن يؤكد أن ما بيناه منذ أول يوم لهذه الحرب العبثية اللعينة أن يطول أمد هذا الصراع إلى حد ما، من باب الكر والفر، وليس الحسم العسكري، حتى تحقق أمريكا مآربها من هذه الحرب، وهي إقصاء عملاء بريطانيا وأوروبا من المشهد السياسي في السودان تماما كأولوية، ثم بعد ذلك ربما تسعى لجعل عملائها قوات الدعم السريع يسيطرون على كامل دارفور، حتى إذا أرادت أمريكا أن تفصلها فستكون في يدهم، أما باقي أجزاء السودان فتكون السيطرة فيها لقادة الجيش، الذين تريد منهم أمريكا التطبيع مع كيان يهود، والذي بدأه ترامب في ولايته السابقة بالتقاء البرهان مع مجرم العصر نتنياهو بمدينة عنتيبي بأوغندا.
وفي شباط/فبراير 2025 كنا قد وجهنا نداء لأهلنا في السودان، للوقوف في وجه الثلاثية الموغلة في الجريمة، والتي تسعى لها أمريكا في السودان بأيدي رجالها من قادة الجيش والدعم السريع، وهي تقسيم البلاد بفصل دارفور بعد فصل الجنوب، والتطبيع مع كيان يهود الذي يحتل الأرض المباركة ويعيث فيها الفساد، ثم هذه الحرب المشتعلة الآن بين المسلمين، ونحرص على أن يكون للبلاد جيش واحد، يوجه بنادقه ضد الكفار المستعمرين، وفي ذلك الفوز العظيم.
وها نحن عبر هذه المقالة نعيد نداءنا لأبناء السودان المخلصين، وبخاصة من الضباط، وضباط صف، والجنود، وأهل الرأي، وزعماء العشائر والقبائل، أن نعمل جميعا من أجل تخليص البلاد والعباد من الارتماء في أحضان الكافر المستعمر، سواء أمريكا أو بريطانيا، فاعملوا من أجل توحيد البلاد في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، نعز فيها في الدنيا، ونرضي بها ربنا ونكون في الآخرة من الناجين من عذابه، الداخلين في رضوانه.
* الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع