لقد كان أهل اليمن يعيشون في سرور وهناء قبل أن تطأ أرضَهم أقدامُ الكفار المستعمرين، ولما هدمت الخلافة العثمانية، وحملت بريطانيا أفكار المبدأ الرأسمالي المتأصلة فيه أفكار الاستعمار إلى بلاد المسلمين ومنها اليمن استطاعت عن طريق عملائها إشعال ثورة 26 سبتمبر عام 1962م ضد حكم الإمام الذي كان فيه بقايا حكم إسلامي فقضوا عليه وجاؤوا بالنظام الجمهوري العلماني وعملوا على ترسيخه في شمال اليمن. وكان حصاد تلك الثورة لصالح بريطانيا خاصة في فترة حكم عميلها علي عبد الله صالح الذي استمر لأكثر من 30 عاما، وكان استشراء الفساد في جميع مؤسسات الدولة نتيجة حتمية لتطبيق النظام الرأسمالي العفن، فأصبحت حياة الناس في الحضيض ما جعلهم يثورون في عام 2011م على نظام علي صالح.
استغلت أمريكا تلك الثورة لصالح إدخال نفوذها حيث تنحى صالح عن كرسي الحكم لعبد ربه منصور هادي عبر المبادرة الخليجية، ثم عملت على دعم عملائها الحوثيين عن طريق إيران الدائرة في فلكها؛ بالسلاح والعتاد الحربي فسقطت صنعاء في أيديهم بتاريخ 21/09/2014م، ثم جاءت عاصفة الحزم التي عملت على ضرب قوات صالح كي تمكن الحوثيين من السيطرة على صنعاء في 21 أيلول/سبتمبر 2014م والتي عرفت بثورة 21 سبتمبر ويتغنى بها الحوثيون بدعوى أنها جاءت لطرد الوصاية من اليمن، وفي الحقيقة فقد جاءت لإزاحة نفوذ بريطانيا منها وإحلال نفوذ أمريكا مكانه، وهذا ما تم بالفعل؛ فقد تهاوت حصون بريطانيا وقلاعها واحداً بعد الآخر، حيث ركبت موجة الحوثيين عبر عميلها علي صالح وزمرته الذين تظاهروا بالتحالف مع الحوثيين، جاءت عاصفة الحزم بتوجيه من أمريكا لمساندة الحوثيين ومساعدتهم بالوصول إلى السلطة وبالتالي ترسيخ نفوذها في اليمن، فقد حاولت خلال سنوات الحرب أن تبني حاضنة شعبية لهم، وتسعى من خلال المفاوضات والهدنة إلى جلب اعتراف ما يسمى بالمجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة ودول العالم بشرعية الحوثيين والتغاضي عن انقلابهم الذي حدث بتاريخ 21/9/2014م وصبغه بالثورة الشعبية والإرادة المستقلة.
لقد استغل الحوثيون فترة الهدنة التي تمت سنة 2022م في محاولة بناء شعبيتهم وترسيخ حكمهم وإبراز قوتهم وأنهم رقم صعب لا يمكن تجاهله. فقد استعرضوا في 21 أيلول/سبتمبر 2022م قوتهم العسكرية والأسلحة المتنوعة التي يمتلكونها، في الحديدة وميدان السبعين في صنعاء، وبشكل أكبر من العروض السابقة، وهم من خلال ذلك يريدون إرسال رسالة إلى العالم أنهم أصبحوا قوة لا يستهان بها وأن انقلابهم على السلطة السابقة قد عفى عليه الزمن، وأنهم بذلك قد فرضوا سلطة الأمر الواقع، وما على الجميع إلا الاعتراف بهم والتعامل معهم كدولة مثل أي دولة من دول العالم. كما أنها رسالة إلى الأطراف المتصارعة معهم أن لا مجال أمامكم إلا الهزيمة أو المفاوضات دون شروط مسبقة والاعتراف بسلطة الأمر الواقع.
أما حقيقة العروض العسكرية التي تقيمها أنظمة الجور والعمالة في بلادنا فهي تعني ثلاثة أمور:
1- تخويف الشعوب من القيام بثورات ضد الأنظمة وقمع وسحق أي تحرك شعبي ضدهم.
2- الاستعداد الكامل للحروب العبثية بين المسلمين وسفك دمائهم الزكية وتقديمها قرابين خدمة للكافر المستعمر.
3- أنها لن تقوم بتحرير أي أرض احتلها الكفار المستعمرون كفلسطين وكشمير وبورما وغيرها...
وخلاصة القول إن المنقذ للأمة الإسلامية مما هي فيه من البؤس والشقاء؛ هو فقط بالعمل مع حزب التحرير لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، لتزيل الحواجز المصطنعة التي وضعها الاستعمار بين بلادهم لتمزيق وحدتهم وإضعاف قوتهم، وتحمل رسالة الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد لإخراجهم من ظلمات المبادئ والأديان إلى نور الإسلام.
بقلم: الأستاذ حاشد قاسم – ولاية اليمن
رأيك في الموضوع