نعيش هذه الأيام الفضيلة ونحن نشعر بقربنا من الله، ونرجو مغفرته لذنوبنا، وقلوبنا تتوق لنصر من عنده يزيل همومنا ويفرج كربنا، وما بين هذا الرجاء والأمل علينا أن نكون على قدر الطلب والدعاء.
فقد علمنا رسول الله ﷺ أن الدعاء يكون مع العمل، وأن العمل يجب أن يكون متقناً، فقد قال ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ». كما أنه ﷺ كان يجهز جيشه ويرسم خطته ثم يدعو ربه ويطلب منه النصر على عدوه.
وإننا في ثورة الشام أحوج ما نكون إلى إتقان عملنا المرتبط بإسقاط النظام، لأننا نجد أنفسنا نتحرى الأوقات الفضيلة ونجأر إلى ربنا وندعوه مراراً أن يهلك عدونا وينصرنا عليه، فهل تساءلنا عن عملنا الذي نقوم به، هل أتقنا فعله؟ هل أتممنا تجهيز عدتنا؟ أم أننا ندعو دون عمل، ونستمر بثورتنا على أمل؟!
إن أول ما يجب أن يتحلى به الثائرون هو الوعي على كل ما يخطط لهم ويمكر بهم، فإن الإنسان الذي يعرف خطة عدوه يمكنه أن يتجاوز مكره، وأن يرسم طريقه خالياً من العقبات، فهذا رسول الله ﷺ بعد أن علم خطة قريش بالوصول إلى آبار بدر واتخاذها معسكراً، غيّر خطته وسارع إليها وردم بعضها وعسكر على لقيتها.
وفي ثورة الشام يجب أن يكون واضحا للجميع أن العدو ليس هو نظام أسد المجرم فحسب، بل عدو الثورة هو ما يسمى المجتمع الدولي برمته، المتمثل بالدول الفاعلة على الساحة الدولية وعلى رأسها أمريكا، وقد ثبت ذلك خلال سنيّ الثورة الماضية، ومن لا يزال يخيل إليه غير ذلك فعليه أن يعيد النظر ويجلي البصر ليرى الحقيقة ويبصرها، ومن ثم يبني كل خططه على أساسها.
وعندما نقول إن العدو هو أمريكا وأدواتها فإننا يجب أن نتخذ إجراء العداء معها، فلا تستجدى ولا يطلب منها مؤازرة ولا نصر، ولا حتى من أدواتها التي قدمتها لثورتنا على شكل دول ادّعت صداقتنا كالسعودية وقطر وتركيا وغيرها، فقد كانت هذه الأدوات تسعى جاهدة لتنفيذ مكر أمريكا الهادف لتثبيت نظام الإجرام والقضاء على ثورة الشام، وليس آخرها السعي الحثيث لتطبيع العلاقات مع النظام، ومحاولة فرض شرعيته واعتباره أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه.
وقد أثبت أهل الشام على مدار السنوات الماضية وعيهم على كثير مما حيك لهم، إلا أن كثيرا ممن تسيد أمر الثورة قد انفصل عن واقع أهله وارتبط بداعميه، فلم يكن على قدر المسؤولية، وليس آخرها ما صدر عما يسمى المجلس الإسلامي السوري من موقف تجاه حركة حماس التي طبعت علاقاتها مع نظام الإجرام، ولا يعتبر هذا الموقف جديداً لدى حماس فقد وصفت قبل فترة قاتل أهل الشام قاسم سليماني بـ(شهيد القدس)!
إن الخطوة الثانية في طريق إتقان عمل إسقاط النظام المجرم تتمثل في العمل الدؤوب على توحيد الجهود توحيدا يقوم على الاعتصام بحبل الله، ويتبنى مشروع دين رب العالمين؛ الإسلام الذي ارتضاه لعباده.
هذه الخطوة يجب أن يقوم بها كل من يملك الوعي من أهل الشام، فيضع لبنة في مشروع الإسلام، ويكون سهماً ينطلق بأمر الله، فلا مكان للانتظار، حيث إن عدونا لا يتوانى عن كسرنا ولا يدع عملاً يفت في عضدنا إلا ويفعله، ولا يدع مكراً يضعفنا إلا ويمكره.
عند إتقان الخطوتين تأتي الخطوة الثالثة التي بغيرها لا يمكننا تحقيق نصر ولا صناعة عز، فالنصر الذي نرنو إليه هو نصر من الله، والعز الذي نحنُّ إليه لا يأتينا إلا بأمر الله، فهذه الخطوة تتمثل في اللجوء إلى الله والتوكل عليه حق التوكل، فنصر الله سبحانه وتعالى قد ثبت بنصوص القرآن كلام الله، ولا مجال للشك بتحقيقه ووقوعه، فالله لا يخلف الميعاد ولا يخذل عباداً أتقنوا عملهم ولجأوا إليه، فهو القائل في محكم كتابه: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾. وهو القائل سبحانه: ﴿إِنْ يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
رأيك في الموضوع