قبل سبع سنوات، وتحدیداً في الشهر التاسع من عام ٢٠١٥م، دخلت روسيا إلى سوريا لتنقذ المجرم أسد من السقوط، وذلك بإيعاز وإذن من أمريكا صاحبة النفوذ الحقيقي في سوريا. لقد ظن بوتين أن مهمته قصيرة، فجيشه العرمرم سيواجه بضعة مقاتلين متفرقين، فأعلن أن مدة حربه لا تتجاوز ثلاثة أشهر. إلا أن حساب السوق لم يطابق الصندوق، فرغم كل ما حققه خلال السنوات السبع، إلا أنه لم يقض على الثورة ولم يستطع إحياء النظام المتهالك، وكل ما استطاع تقديمه عبارة عن جرة أوكسجين تبقي النظام على قيد الحياة بينما هو مضطجع في غرفة الإنعاش.
والجميع يدرك أن روسيا بقبولها الدخول إلى سوريا قد وقعت في ورطة لا يمكنها التراجع عنها ولا المضي فيها كما يريد المجرم بوتين، فالتراجع سيظهره بمظهر الجبان الذي لم يستطع أن يكمل مهمته، أما المضي كما يريد فقد كبّلته أمريكا باتفاقات مع تركيا لتمنع تقدمه عسكرياً، ولتماطل فيما تطرحه من حلول سياسية، وتفشلها.
واليوم نشاهد توريطةً أخرى لروسيا في أوكرانيا، إذ فعلت أمريكا ذلك لتوجد فصلاً بين روسيا والصين، ولتهيمن على أوروبا بشكل أكبر، وتزيد من عزلة وضعف الروس دولياً.
روسيا واجهت في الشام جماعات متفرقة وأدوات بسيطة ليس فيها مضادات طيران ولا مسيرات، ورغم ذلك تكبدت الكثير من الخسائر، ولولا ارتباط قادات الفصائل لاستطاع أهل الشام أن يمرغوا أنف روسيا في التراب ويعيدوها صاغرةً ذليلة.
وإن كان من المبكر جدا الحكم على نتائج المعركة في أوكرانيا، إلا أن عامل النصر الأساسي إن توفر لدى الأوكرانيين فإنهم قادرون على حسم المعركة لصالحهم، هذا العامل يتمثل في إرادة الصمود ووجود القيادة العسكرية الخبيرة والسياسية الفذة.
ورغم وجود عامل الإرادة واستعداد التضحية لدى أهل الشام إلا أنهم لم يستطيعوا حسم المعركة لصالحهم حتى الآن، وذلك يرجع بالدرجة الأولى لفقدانهم القيادة السياسية الفذة، والتي بوجودها يكتمل العنصر الحاسم في النصر.
لقد عانت الثورة كثيراً نتيجة انفصال القيادة السياسية المصنعة خارجياً عن واقع الثورة، وعدم قدرتها على تمثيل الثورة تمثيلاً حقيقياً، وكذلك ارتهانها للداعم الذي أغرقها بالوعود الكاذبة، واستطاع حرف مسار الثورة والتأثير على أفكارها وثوابتها.
وإن أحد أسباب جعل أوكرانيا طرفاً في الحرب هو ضعف قيادتها السياسية وارتباطها بالغرب، الذي سرعان ما ظهر تخاذله مع بدء الهجوم الروسي، لنرى الرئيس الأوكراني يشكو من وحدته في الميدان ويلغي متابعته لرؤساء أوروبا على تويتر، بعد أن كان متأملاً بنصرتهم!
لهذا كله كان لزاماً على أهل الشام أن يتداركوا أمرهم ويكملوا مسيرة ثورتهم، فهم يملكون جانباً مهماً في عنصر النصر، هذا الجانب لا يمكن لأي عدو يواجههم أن يمتلكه، فهو مستمد من العقيدة الإسلامية، التي تدفعهم للتضحية في سبيل الله، وتُوجههم نحو وجوب رفع الظلم عن العباد، وتحكيم شريعة الله تحقيقاً للعدل في الأرض.
واكتمال عنصر النصر يكون باتخاذهم قيادة سياسية واعية، تعبر عن أفكارهم، وتحمل قضيتهم محمل الجد، وتتبنى ثوابت الثورة، لتأخذ بأيديهم وقوتهم نحو نصر الله، هذه القيادة التي تحمل صفات العزة والكرامة وترفض أن تساوم على دماء الشهداء وتضحيات الأمة هي المؤهلة لقيادة الثورة وإكمال مسيرتها بما يرضي الله وحده، لإسقاط نظام الإجرام وإقامة حكم الإسلام مكانه.
رأيك في الموضوع