تتابعت زيارات الوفود الغربية؛ الأمريكية والأوروبية ووفود كيان يهود، عقب الانقلاب العسكري في 25/10/2021م، الذي قام به البرهان، وإقصاء الشق المدني المتمثل في قوى الحرية والتغيير، فاشتعل الشارع بالمظاهرات، وإغلاق الطرق والكباري، وسوء الأحوال السياسية والاقتصادية والأمنية، وانسد الأفق السياسي. فكان وصول هذه الوفود وبخاصة الأمريكية يوم الأربعاء 19/01/2022م برئاسة مولي في مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية، وديفيد ساترفيلد المبعوث الأمريكي الجديد للقرن الأفريقي، وقد تزامن مع هذه الزيارة وصول وفد أمني من كيان يهود.
عقدت هذه الوفود لقاءات مع عدد من القوى السياسية، وتجمع المهنيين، بالإضافة إلى جمعيات نسوية عدة، ومنظمات المجتمع المدني، وكان من أبرز اللقاءات لقاء الوفود برئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي). وقد جاء الوفد بتعليمات كثيرة منها:
1- ضرورة جلوس أقطاب الصراع في حوار وطني شامل عبر مائدة مستديرة يشمل جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات المهنية، عدا حزب المؤتمر الوطني (حزب النظام البائد)، للتوصل إلى وفاق وطني يضمن الخروج من الأزمة السياسية الحالية.
2- تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة (تكنوقراط) بقيادة رئيس وزراء مدني، لاستكمال مهام الفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي حسب الرؤية الأمريكية.
3- إدخال بعض التعديلات على الوثيقة الدستورية تواكب مستجدات الأحداث خلال هذه الفترة.
4- إجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.
وعقب هذه الزيارات قام رئيس مجلس السيادة البرهان بتشكيل الحكومة، وتعيين رئيس وزراء، وتأتي هذه الزيارات بعد تعنت أحزاب قوى الحرية والتغيير التي كانت تشكل الحكومة، والتي تأتمر بتوجيهات السفارة البريطانية، وترفع اللاءات الثلاث (لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية)، فجاءت زيارة الوفد الأمريكي رفيع المستوى لدعم العسكر الموالين لأمريكا، لتثبيت نفوذها الذي استمر منذ انقلاب جعفر النميري في أيار/مايو 1969م، مروراً بانقلاب البشير 1989م، وانتهاء بانقلاب البرهان في تشرين الأول/أكتوبر 2021م، وهذه الانقلابات كلها بدعم أمريكي مكشوف.
إن قوى الحرية والتغيير توالي أوروبا وبخاصة بريطانيا؛ ففي منتدى كباية شاي بصحيفة التيار في تشرين الأول/أكتوبر 2021م قال الناطق الرسمي لقوى الحرية والتغيير جعفر حسن "نحن نقابل الخواجات السفراء، ونتصل بكل السفارات سفارة سفارة، ونمشي نشتكي العسكر، لأن العسكر تجاوزوا في علاقتهم معنا، ولأن تحالفنا مع العسكر عبر الوثيقة الدستورية، وهذه الدول شاهدة على ذلك، لذلك فنحن نطلعهم على تجاوزات العسكر، والحديث عن هذا الاتصال بأننا خونة هذا كلام قديم، والقصة أصبحت مفتوحة"، هذا التصريح يعبر بقوة ووضوح أن الاتصال بالقوى الخارجية في أمور تتعلق بالبلاد، لا ترى هذه القوى السياسية فيه غضاضة، ولا تعتبره خيانة! وهكذا وصلت الحياة السياسية في هذا البلد، حيث يعتز السياسيون بالعمالة للدول الخارجية، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
إن تدخلات القوى الخارجية في شئون البلاد هو لتحقيق مصالح تلك الدول الغربية الاستعمارية، وإعانتها لنهب الثروات، وتمزيق البلاد وطمس هويتها وإبعاد الإسلام ومنعه من توجيه الحياة على أساسه وإبعاده عن العلاقات بين الدولة والمجتمع. وهذا الأمر تتفق فيه القوى الاستعمارية كافة، غير أنها تتصارع على النفوذ في السودان (أمريكا وبريطانيا)، فالعسكر والمدنيون هما وجهان لعملة واحدة هي تنفيذ سياسة الاستعمار في السودان، فكان الخراب وسوء الحال والمآل في ظل الحكم المشترك بين العسكر والمدنيين، أو حكم العسكر منفردين، فجميعهم ينهل من المستنقع الغربي الآسن.
والمطلوب من أهل السودان، ومن الشباب الثائر بخاصة، والذي يقود الحراك الآن في الشارع، يبحث عن معالجات لقضايا السودان المتشعبة، المطلوب منهم لا يكون بالمراهنة على حكم مدني ديمقراطي، ولا حكم عسكري ديكتاتوري، وإنما بإقامة الحكم على أساس الإسلام العظيم، عقيدة أهل السودان، في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
هذا هو المشروع المنقذ لأهل البلاد، والذي يحمله حزب التحرير، ولديه مشروع دستور معد من 191 مادة تعالج أزمة الحكم والاقتصاد والاجتماع والتعليم وغيرها. والمطلوب هو الالتفاف حول هذا المشروع وتأييده، وعلى إخواننا في الجيش أن ينحازوا لهذا المشروع، ويعطوا النصرة لحزب التحرير ليقيم الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ليتغير واقع السودان والبلاد الإسلامية، والعالم أجمع، ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع