لقد حاول الاستعمار أن يُجْهِزَ على الإسلام قبل مئة عام بالقضاء على دولته، وتغيير أنظمة الحياة واستبدال أنظمة وضعية بها في كل شؤون الحياة سوى ما يُعرف بالأحوال الشخصية وهي أحكام الزواج والطلاق وما يتعلق بها، إلا أنه وقبل سنوات بدأت أبواق الغرب بالترويج للزواج المدني، والمساواة بين الجنسين، وغيرها من أفكار ومفاهيم تهدم المجتمع وتناقض أحكام الإسلام.
وكانت حملة الغرب تستهدف الشباب لتروج بينهم السفور والفجور، وتجعل قبول الزنا والشذوذ وجهة نظر، وتؤسس لأرضية بين أبناء المسلمين لتقبل قوانين سيداو، والرضا بها، فكانت المسلسلات التي تعطي تبريرا للزاني، وتظهر أحكام الإسلام بوصفها قيوداً وعقبات تقف أمام تقدم الإنسان، وتطعن في أحكام الشريعة وتصورها مناقضة للفطرة السليمة.
واشتدت الحملة في الآونة الأخيرة لتستهدف كل بلاد المسلمين، حتى تلك المناطق الخارجة عن سيطرة النظام المجرم في سوريا، فبعد عشر سنوات من الثورة على هذا النظام المجرم، سعى الغرب ومنذ اليوم الأول لحرف مسار الثورة والقضاء عليها عبر أساليب عدّة، أظهرها كان القتل والتشريد وشراء الذمم وتحبيط الهمم، ودس السموم وصناعة الهموم، فكانت أدوات الغرب وماكينته الإعلامية لا تهدأ في الترويج للعملاء، والتعتيم على أهل الثورة الشرفاء.
فلقد خرجت الثورة بعفويتها من المساجد وصرخت "الله أكبر" واتخذت قائداً نبراساً لها، فقالت: "قائدنا للأبد سيدنا محمد" لتعبر بذلك عن مكنونات الصدور، ولتكشف عن سرائر الأمور، فأهل الشام مسلمون، قد ضاقوا ذرعاً بالنظام الوضعي الذي أذاقهم الويلات، فخرجوا عازمين على كنس هذه النفايات، وتطهير البلاد من أنظمة الجور والظلمات، وتطبيق نظام الإسلام الذي فرضه رب الأرض والسماوات.
ولهذا كانت الحرب على الثورة مستعرة، وما هدأت نارها ولا انطفأ وهجها، فإن توقف القصف تارةً، فإن التآمر لم يتوقف، فأمريكا التي خطّت حلّها السياسي، توزع أدوار تنفيذه بين أدواتها، فأداة تقتل وأخرى تروّج للخضوع، وثالثة تسعى لدس السموم الفكرية، ورابعة تضيق المعيشة، وخامسة تكتب بأيديها الآثمة دستوراً جديدا، كل ذلك بهدف الإجهاز على الثورة وإصابتها بمقتل فتعيد الناس لنير العبودية في ظل النظام الرأسمالي.
وكان من آخر سهامها التي استهدفت بها أهل ثورة الشام هو سهم سيداو عبر أداة المنظمات التي تتوغل في مناطق الثورة وتفتتح مكاتبها وتقيم دوراتها ومؤتمراتها التي تروّج للانحلال الأخلاقي، وتشجع على الانعتاق من سلطة الدين المتوفرة في المجتمع الذي ما زال متمسكاً ببعض الأحكام الشرعية فيما يتعلق بالنظام الاجتماعي.
المنظمات هذه ترفع شعار التوعية على العنف القائم على النوع الجنسي أو ما يعرف gbv، وتمكين المرأة، وثقافة الجندر، هذه الشعارات التي لا يظهر فيها مخالفة للأحكام الشرعية إلا لمن يدرك معاني هذه المصطلحات، ما جعل هذه المنظمات تنتشر دون أي ردّة فعل غاضبة من الناس، رغم أن موظفيها غالب عملهم هو ميداني حيث يدخلون البيوت ليعقدوا الجلسات التي تدس هذه السموم الفكرية بين الأسر المسلمة، ما نتج عنه حالات تفكك محدودة داخل هذه الأسر.
إن الخطر الحقيقي لهذه الأفكار ولعمل هذه المنظمات هو أنها تعمل على إيجاد رأي عام لتقبل هذه الأفكار الغربية المناقضة لأفكار الإسلام، بينما اللجنة الدستورية تسعى لتعديل دستور نظام أسد ووضع مواد تشرع قوانين وفق اتفاقية سيداو تؤسس للانحلال الأخلاقي، وتجعل هذا الأمر وجهة نظر تُحترم، بينما هي في نظر الإسلام جرائم تستحق العقوبات، وذلك لما تورثه من فساد في المجتمع.
وأخيرا فإن السموم الفكرية الغربية لا تقل خطراً عن القذائف والصواريخ، وليست أقل إيلاماً من التشريد والتهجير، فإن هذه كلها أدوات عدونا في سعيه لفرض هيمنته على بلادنا وإعادة الناس ليحكمهم بأنظمته الوضعية، وإن مواجهة هذه الأفكار واجبٌ متحتم كما أن التمسك بأفكار الإسلام والسعي لتطبيق أحكام الإسلام كاملة فرض لا ينازع فيه مسلم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً﴾.
رأيك في الموضوع