تناقلت الأخبار تهافت قادة الحكومة الانتقالية لإرضاء كيان يهود الغاصب لأرض مسرى النبي ﷺ، ما أدى إلى امتعاض الكثير من أهل السودان، وقد خرجت بعض أصوات المؤيدين للجانب المدني تتهم العسكر بالتواطؤ، ولكن الحقيقة هي أن كلا الفريقين المدنيين والعسكر متورطون في هذا الملف القذر. وندلل على ذلك بعدد من الشواهد:
فقد أورد موقع الجزيرة نت في 3/11/2021م، نقلا عن موقع أكسيوس، أن البرهان كان شخصية محورية في عملية التطبيع بين كيان يهود والسودان، على مدار العامين الماضيين، وقال: "كان هو وجنرالات سودانيون آخرون ينسقون مع مسؤولي الاتصالات في مجلس الأمن القومي (الإسرائيلي) ووكالة استخبارات الموساد". ونشرت صحيفة الشرق الأوسط 3/11/2021م، أن وفداً أمنياً ضم عدداً من قادة الموساد، زار الخرطوم في الأسبوع الماضي والتقى عدداً من المسؤولين. وقالت إن وفد كيان يهود التقى البرهان، وحمدوك، وعبد الرحيم دقلو، وأوضحت أن رئيس الوزراء حمدوك أبلغ الولايات المتحدة بأنه قرر المشاركة بنفسه في التوقيع على اتفاقية التطبيع مع كيان يهود في واشنطن، التي كانت مقررة نهاية تشرين الأول/أكتوبر، وتم تأجيلها بسبب التطورات في السودان. وفي 9/10/2021م نشر موقع سودان تريبيون أن وفداً سودانياً عسكرياً وأمنياً وصل إلى كيان يهود في زيارة سرية برئاسة قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم حمدان كما يضم الفريق أول ﻣﻴﺮﻏﻨﻲ إدريس سليمان مدير منظومة الصناعات الدفاعية.
وقد جاء في بيان مجلس الوزراء السابق برئاسة حمدوك في 26/10/2020م أن: "أمريكا اشترطت التطبيع مع (إسرائيل) لشطبنا من القائمة السوداء" (الجزيرة نت). ثم وقَّع وزير العدل نيابة عن الحكومة في 6/1/2021م "اتفاق أبراهام" للتطبيع مع يهود. (سودان تريبيون).
ونشر موقع عربي 21 في 29/11/2020م: "كشف عضو مجلس السيادة السوداني، محمد الفكي سليمان، أن الوفد (الإسرائيلي) الذي وصل إلى الخرطوم، زار منظومة الصناعات الدفاعية التابعة للقوات المسلحة.. وأن الزيارة "ذات طبيعة عسكرية بحتة، وليست زيارة سياسية، ولا يمكن الحديث عنها في الوقت الحالي". وأضاف: "كل أعضاء مجلس السيادة من مدنيين وعسكريين مشاركون في ملف التطبيع".
وفي 6/4/2021م ألغى مجلس الوزراء، "قانون مقاطعة (إسرائيل)، للعام 1958م"؛ الذي يحظر التعامل مع كيان يهود وحدد عقوبات تصل إلى السجن 10 سنوات، مع غرامة مالية، والعجيب أن الاتصالات والزيارات توالت بين أعضاء الحكومة بشقيها المدني والعسكر مع كيان يهود، قبل إلغاء هذا القانون!
وفي 13/10/2021م: "التقى وزير العدل نصر الدين عبد الباري وزيرَ التعاون الإقليمي (الإسرائيلي)، في أبو ظبي" (القدس العربي)، و"التقى كذلك نائب وزير خارجية (إسرائيل) عيدان رول". (سودان تريبيون 13/10/2021م)
وكان من أقبح وأقذر هذه الزيارات، زيارة وزير مخابرات يهود، إيلي كوهين الذي قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة "يسرائيل هيوم" يوم الأربعاء: "وصلنا، تسيطر علينا مخاوف، وعدنا راضين تماماً، فقد تحول الأعداء إلى أصدقاء" وقال: "هذه ليست مجرد زيارة، إنها لحظة تاريخية، بعد 72 عاماً على تأسيس الدولة، أنا كنت المسؤول الأول الذي يصل إلى الدولة التي أعلنت فيها اللاءات الثلاث، وشاركت في الحروب ضدنا"، وقال إن لقاءه بوزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم، "مفاجئاً" حيث إن الوزير السوداني هو الذي بادر بتقديم مشروع للتعاون الاستخباري لوفد يهود. (العربي الجديد 27/1/2021م). ولفت كوهين إلى أنه أهدى مضيّفيه زيتاً وثماراً من الأرض المقدسة، وأنهم في المقابل أهدوه بندقية من طراز إم-16 لدى رحيله. (بي بي سي 27/1/2021م)، "وقال كوهين إنه فوجئ من هذه الهدية، مشيراً إلى أنها كانت بندقية هجومية حقيقية ولم تكن مجرد لعبة أطفال". (وكالة قدس نت للأنباء 27/1/2021م).
ومن أخطر النقاط "أشار كوهين إلى أن نحو 6 آلاف سوداني تسللوا بشكل غير قانوني إلى كيان يهود، وأنهم سيتلقون تدريباً مهنياً ومن ثم نقلهم للسودان وفتح مشروع اقتصادي لهم. وبين أنه تم الاتفاق على فتح سفارتين في تل أبيب والخرطوم". (قدس نت 27/1/2021م).
وحتماً فإن كيان يهود المجرم قد قام بتأهيل هؤلاء الـستة آلاف، حسب نظامه الإجرامي في بث الفوضى والفتن في السودان حسب استراتيجيته ضد السودان التي عبر عنها مدير الأمن الداخلي آفي ديختر في 4/9/2008م.
إن هذه الحكومات الوطنية الوظيفية كلها متآمرة مع يهود، فقد هيأ نظام البشير أهل السودان لهذه الجريمة، ففي 18/1/2016م قال رئيس القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني آنذاك، مصطفى عثمان إسماعيل: "إن مسألة إقرار التطبيع من عدمه عائدة إلى لجان الحوار الوطني". (سودان تريبيون). وفي 14/1/2016م، قال وزير الخارجية السوداني السابق غندور إن بلاده لا تمانع في دارسة إمكانية التطبيع مع كيان يهود. وكذا في 4/4/2012م قال والي القضارف كرم الله عباس: "إنه لن يتردد فى تطبيع علاقات السودان مع (إسرائيل) حال تسلمه حقيبة وزارة الخارجية..." وقال "أنا من مدرسة داخل المؤتمر الوطني توافق على التطبيع مع (إسرائيل)".
إنه لمن المحزن أن يتهافت هؤلاء القادة لإرضاء يهود، وعندهم الإسلام أعظم عقيدة ونظام للحياة، فلو أنهم رجعوا لدينهم لاتخذوا المواقف الشرعية لكنهم لا يفعلون! ففي 17/5/2021م قال البرهان، في مقابلة مع فرانس 24: "التطبيع ليس له علاقة بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، بل له علاقة بالتصالح مع المجتمع الدولي، ومن ضمن هذا المجتمع (إسرائيل)"... وأضاف: "ما يحدث في غزة مؤسف في حق الأبرياء والمدنيين والعزل"، داعياً إلى إنهاء الصراع (الإسرائيلي) الفلسطيني عبر حل الدولتين.
ألم يسمع هؤلاء الحكام قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ وقول النبي ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ»؟! ألم يعلموا أن سِلْمَ المسلمين واحدة وحربهم واحدة؟ فقد دلل بذلك النبي ﷺ في بيعة العقبة الثانية بقوله: «أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ».
إن يهود هم أداة من أدوات المستعمرين، يستخدمونهم بخبث ودهاء لتمزيق بلاد المسلمين ومنها السودان، وبث الفتن بين أهله بتواطؤ هذه الحكومات الوظيفية، ولن يجد السودان أمناً ولا رخاءً إلا في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي يجب أن يعمل لها أهل السودان.
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع