تصاعدت الأصوات الفرنسية الغاضبة المحتجة على إغلاق منشأة بلحاف اليمنية، واعتبر نواب مجلس البرلمان الفرنسي سكوت حكومتهم على هذا الإغلاق إهداراً للمال العام الفرنسي، فقد كلفت هذه المنشأة من خزينة فرنسا 216 مليون يورو، وأعطي لها 40% لصالح شركة توتال الفرنسية، ويؤدي هذا الإغلاق برأيهم إلى حرمان فرنسا من حصولها على الغاز مجانا وحصولها على إيرادات كبيرة من هذه المنشأة، فقد ذكر موقع الإمارات 71 الإخباري بتاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر 2020 "وجَّه واحد وخمسون نائبا فرنسيا، استجواباً لوزير الخارجية جان إيف لودريان، بشأن سيطرة القوات الإماراتية على منشأة بلحاف الغازية التي تديرها شركة توتال الفرنسية، بمحافظة شبوة، جنوبي اليمن".
وإزاء ذلك تحركت الحكومة الفرنسية مسرعة تجنباً للمحاسبة القانونية، وقابل سفيرها شخصيا محافظ شبوة بن عديو في الرياض "فقد صرح بن عديو أن لقاءه مع السفير الفرنسي جان ماري سافا كان لمناقشة وتطوير الشراكة في مجال إنتاج وتصدير النفط والغاز في محافظة شبوة، حسب قوله، فيما يرى مراقبون أن الأمر متعلق بمنشأة بلحاف الغازية في رضوم" (وكالة عدن الاخبارية)، هذا من جانب الحكومة الفرنسية ونوابها المتحدثين باسم الشعب الفرنسي الذي يرى، على حد تعبيره، أن هذه المنشأة وما تنتجه من غاز هو ملك لها سمحت لها الحكومة اليمنية بالاستفادة منه والتربح، فقد صرح النائب في البرلمان الفرنسي سيبستيان نادو لقناة الجزيرة بتاريخ 16/12/2020 "بأن كافة العناصر التي لها علاقة بموقع شركة توتال الفرنسية في بلحاف باليمن، تؤكد أن باريس كانت على علم بسيطرة الإمارات على هذا الموقع وارتكاب جرائم حرب فيه".
وكانت الشركة الفرنسية العملاقة التي تملك نحو 39 بالمائة من مشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال في منطقة بلحاف بمحافظة شبوة، غادرت اليمن مطلع العام 2015، تحت ضغط العمليات الحربية وتدهور الأوضاع الأمنية في البلاد. وبدأ اليمن عملية إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال عام 2009 بإجمالي طاقة إنتاجية 6.7 ملايين طن متري سنوياً، وساهمت عائدات صادرات الغاز بحوالي 6.9% و5.1% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة عامي 2014 و2015 على التوالي.
فهذه المنشأة تعتبر من أكبر المشاريع الاستراتيجية في اليمن والتي تضخ للميزانية اليمنية نحو 45% من عائدات الضرائب، ويعمل بها ما لا يقل عن 12 ألف عامل، منهم 60% من العمالة اليمنية. غير أن الإمارات ومنذ عام ٢٠١٥ ومنذ سيطرتها على المنشأة قامت بإغلاقها وتحويلها إلى معسكر وسجن عسكري سري ضجت منه وصرخت كل منظمات الحقوق الإنسانية والقانونية بل وحتى النواب الفرنسيين أنفسهم.
والمستغرب وما يدعو للدهشة هو أن الحكومة اليمنية لا تحرك ساكنا تجاه هذه القضية ولا تعمل لتفعيلها ولا رفد ميزانية الدولة بعوائدها المالية وإن كانت قليلة، مقابل ما تجنيه فرنسا من عائدات، ولولا تحرك الشعب الفرنسي ونوابه لما ذكرت القضية حتى الآن، وكأنَّ هذه الحكومة وكعادتها منفصلة تماما ومغيبة عن قضايا شعبها غير مكترثة لما يعانيه من صعوبة في توفير لقمة العيش ناهيك عن غيرها من متطلبات الحياة، راضية بما تجنيه من أموال لحسابها الخاص وازدياد أرصدتها البنكية.
وهذا يؤكد المؤكد من أن حكام المسلمين موظفون لدى الغرب الكافر ولا يملكون من أمرهم شيئاً، فالعقود التي تم إبرامها في الفترة الماضية في عهد الهالك المجرم علي عبد الله صالح، سواء مع شركة توتال أو غيرها من الشركات النفطية العاملة في اليمن، كلها عقود لصالح الشركات الأجنبية، فلم يصل لأهل اليمن حتى فتات هذه الثروة فبلادهم تنتج الغاز وهم يعيشون في أزمات مستمرة وانعدام لمادة الغاز! فهم كما قال الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ * والماء فوق ظهورها محمول
فهم يعيشون عيشة الكفاف وشبابهم غادروا البلاد بحثاً عن لقمة العيش، والشركات الأجنبية وحفنة قذرة من حكام اليمن يأخذون الرشاوي من الشركات لإعطائها الامتيازات والتوقيع على العقود الجائرة.
إن الغاز هو ملكية عامة لا يحق للدولة أن تتصرف به وفق إرادتها بل يجب أن تعود خيراتها لكل المسلمين، فعلى أهل اليمن خاصة والمسلمين عامة أن يستعيدوا حقهم من هذه الشركات الأجنبية ويحاسبوها على كل فلسٍ أخذته ويزجوا بهؤلاء الحكام السفهاء أمام القضاء العادل لينالوا جزاءهم في دولة الخلافة التي يجب أن يعملوا لإقامتها فهي من سيخلصهم من جور هؤلاء الحكام وظلمهم.
فإلى متى ستظل هذه الحكومة تستبيح الدم والأرض والعرض والخيرات والثروات؟! إلى متى سيبقى أهل اليمن جياعاً مظلومين مضطهدين وغيرهم بثرواتهم وخيراتهم يتنعمون؟!
أيها المسلمون في اليمن وفي كل مكان! عودوا إلى دينكم وشرع ربكم، فالعيش بغير دين الله ومنهجه القويم عيش ضنك كما هو حالنا اليوم، واعملوا مع العاملين لعودته لواقع الحياة، يإقامة دولته دولة الخلافة، التي وعدنا بها ربنا سبحانه وبشر بها نبينا ﷺ «خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» كخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، خلافة يسودها العدل والخير والسؤدد والنصر والتمكين، ﴿وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾.
بقلم: الأستاذة أم محمد الفاتح – اليمن
رأيك في الموضوع