نشر موقع سودان تريبيون بتاريخ 29/11/2020م (وصل الخرطوم في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري للمرة الأولى وفد (إسرائيلي)، ومكث بضع ساعات، التقى فيها قادة عسكريين، وهي زيارة قال مجلس الوزراء إنه لا يعلم بها ولم يخطط لها، وقال المتحدث باسم مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، في مقابلة مع صحيفة حكايات الصادرة الأحد 29/11/2020م: "الوفد (الإسرائيلي) ابتدر زيارته للسودان، بطواف على منظومة الصناعات الدفاعية التابعة للقوات المسلحة، والتقى فيها بعسكريين". وأشار إلى أن الوفد ناقش قضايا امتنع عن تفصيلها في الوقت الراهن، مؤكداً على أن الزيارة كانت ذات طبيعة عسكرية، دون التطرق إلى جوانب سياسية).
بالإشارة إلى الخبر أعلاه يتبين إلى أي مدى بلغت الوقاحة والجرأة بقادة الحكومة الانتقالية في التماهي مع المشروع الاستعماري القائم على تمكين الكافرين من بلادنا، وأن تتواطأ مع كيان مجرم محتل، وتكشف لهم منظومة عسكرية، وهم الأعداء الذين قال فيهم الله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾. بل يؤكد الخبر أعلاه أن هذا المشروع يتفق فيه كل قادة الحكومة عسكريين ومدنيين، فهم في عظم الخيانة وقذارة العمالة سواء، وهذا ما أكدته تصريحاتهم وأفعالهم.
إن كشف القيادات العسكرية والمقدرات الدفاعية للأعداء خيانة تعاقب عليها حتى الأنظمة الوضعية فضلا عن دين الأمة وشريعتها. ألم يقرأ هؤلاء عن مشروع يهود لتدمير السودان الذي عبر عنه مدير الأمن الداخلي في كيان يهود آفي دختر في محاضرته المشهورة، حتى لا يقيم أهل السودان دولة قوية تملك قرارها وتتحكم في ثرواتها وتقطع أيادي الكافرين المستعمرين؟!
لقد نافق، في بادئ الأمر، الحكام المدنيون في الحكومة الانتقالية في موضوع التطبيع، وحاولوا الكذب على الرأي العام المسلم الذي يكره التطبيع بشكل مبدئي، ففي 25/8/2020م نُشر أن "عبد الله حمدوك، أخبر وزير الخارجية الأمريكي بأن حكومته لا تملك تفويضا للتطبيع مع (إسرائيل)". وقال حينها المتحدث الرسمي باسم الحكومة، فيصل محمد صالح: "لا تملك الحكومة الانتقالية تفويضا يتعدى هذه المهام للتقرير بشأن التطبيع مع (إسرائيل)". وفي 24/8/2020م: "أبلغت قوى الحرية والتغيير، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، رفضها اتخاذ أي خطوات للتطبيع مع (إسرائيل)". وتحت عنوان: "مجلس الوزراء السوداني يكذّب البرهان في تصعيد جديد لأزمة التطبيع مع (إسرائيل)" نشر موقع سودان تريبيون بتاريخ 5/2/2020م: "وجدد المتحدث باسم الحكومة في بيانه التأكيد على أن اجتماع البرهان - نتنياهو كان مفاجئا". وفي 18/8/2020م نشر سودان تريبيون على لسان عمر قمر الدين وزير الخارجية السودانية المكلف، "تبرأت وزارة الخارجية السودانية من تصريحات متحدثها الرسمي التي أعلن فيها التطلع للتطبيع مع (إسرائيل) وأن هناك اتصالات بين البلدين". وفي 21/9/2020م قال فيصل محمد صالح، في تصريح صحفي: "إن الوفد الوزاري المرافق لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، لا يحمل تفويضاً لمناقشة التطبيع مع (إسرائيل)". وأكد صالح على أن موقف بلاده ثابت حيال التطبيع مع (إسرائيل)، وذلك لأننا "ليس لدينا تفويض لاتخاذ قرار في مثل هذه الأمور، وهي من مهام حكومة منتخبة، وما زلنا عند ذات الموقف، ولم نتراجع عنه". إلا أن وزير العدل جاء بعد هذا اللقاء مع الوفد الأمريكي بتصريحات تؤكد تواطؤ الحكومة وخضوعها لتعليمات الكافرين حيث نشر موقع سودان تريبيون في 24/10/2020م "قالت وزارة العدل السودانية، إن حكومة الانتقال تمتلك تفويضاً لإقامة علاقات مع (إسرائيل) في سبيل تحقيق مصالح السودان"، وأضاف وزير العدل نصر الدين عبد الباري: "الوثيقة الدستورية لا تضع قيوداً غير المصلحة والاستقلالية والتوازن.. ولا تمنع إقامة علاقات مع (إسرائيل)".
لقد طالب هؤلاء الحكام السفهاء أمريكا بدفع مبلغ من المال لإكمال هذا الملف القذر، وتسليم أرض السودان الطيبة ليهود وأجهزة مخابراتها سيئة الذكر، ففي يوم الجمعة 4/9/2020م نشر موقع سودان تريبيون تقريراً بعنوان: "السودان طلب مساعدات مالية ضخمة من واشنطن نظير التطبيع مع (إسرائيل)" حيث جاء في التقرير: "قالت مصادر دبلوماسية موثوقة إن السودان طلب مساعدات مالية كبيرة من الولايات المتحدة الأمريكية وإزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب نظير التطبيع مع (إسرائيل). وكشفت المصادر بحسب صحيفة "إيلاف" أن وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو قدم عرضاً مالياً متواضعاً للحكومة بقيمة 50 مليون دولار مقابل الموافقة على الانضمام لعملية التطبيع!!! ونقلت الصحيفة عن المصادر تأكيدها أن الخرطوم قدمت بالمقابل لائحة للمكاسب المنتظرة تتضمن رفع اسمه من لائحة الإرهاب، والحصول على مساعدات مالية لا تقل عن عشرة مليارات دولار للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة... وكانت صحيفة "التيار" نقلت الأربعاء 2/9/2020م، عن وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين قال إن بومبيو "لم يقدم التزاماً واضحاً، إنما وعود". هذه هي حقيقة سماسرة السياسة هؤلاء.
إن العسكر والمدنيين في السلطة متفقون على ارتكاب خيانة التطبيع مع هذا الكيان الملطخة أياديه بدماء المسلمين من أهل الشام المبارك، وإن ما يصرح به الحكام المدنيون هو كذب ونفاق، وهي تشبه في هذا الباب من الكذب والنفاق ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز: "إن رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان أبلغ وزير الخارجية الأمريكي بأن العلاقة مع (إسرائيل) لن تتطور ما لم يجز الكونغرس قانون الحصانة السيادية" (سودان تريبيون 1/12/2020م). إن البرهان لا يملك من أمره شيئاً، فقد جاء في التقرير نفسه الوارد أعلاه: "وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن البيت الأبيض يخطط لإقامة حفل توقيع رسمي للتفاهمات بين السودان و(إسرائيل) خلال ديسمبر الجاري".
وهذا يؤكد أن هذه الحكومة كغيرها من الحكومات الوطنية التي أنشأها المستعمر، بعد هدم دولة الخلافة، تسترزق من جرائمها وخيانتها لله ولرسوله وللمؤمنين، تحركها الدول الاستعمارية كالدُمى، فهل حكومات بهذا الوصف تستحق أن تحكم بلداً كريماً مثل السودان؟!
وجب على أهل السودان أن يزيلوا عن أعناقهم الحكام السفهاء، بإقامة حكم الإسلام وتطبيق شرعه، عبر دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع