لقد ذكرنا في المقال السابق عن السفير الأمريكي الجديد وما يشكله من خطورة على شكل ودور النظام في الأردن بسبب خبرته وما يحمله من رتبة...
حيث ورد في الأخبار (اللافت في موضوع السفير ووستر، أن الرجل يشغل منصب "مُفوّض" في وزارة الخارجية الأمريكية، وهذا في العرف الدبلوماسي يعني أن لديه صلاحيات تفوق صلاحيات السفير العادي، وأنه ولأول مرة منذ أربع سنوات، سوف يعمل مستقلاً بالأردن وبمعزل عن سفارة واشنطن في تل أبيب). وهو صاحب التعبير في خطابه في الكونغرس "الأردن الجديد"، وفي هذا السياق يؤكد الأمين العام لحزب "أردن أقوى"، شلاش الخريشة، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن تعيين سفير أمريكي لدى الأردن أمر طبيعي في مثل هذه المرحلة، بعد فراغٍ دامَ ثلاث سنوات، نتيجة ممارسة ضغوضات على الأردن.
وقال مستدركاً: "لكن الأهم في الأمر هو فصل ارتباط السفارة الأمريكية في عمّان عن ارتباطها بسفارتها لدى (إسرائيل) من حيث القرارات والحضور والعمل، وبذلك تصبح تابعة مباشرة للخارجية الأمريكية"، مضيفاً أن العمل جارٍ الآن على الفصل بين السفارتين؛ من أجل الترتيبات القادمة وإنهاء ملف القضية الفلسطينية من خلال صفقة القرن، وتغيير شكل الدولة الأردنية جغرافياً وديمغرافياً وسياسياً.
وتؤكد مصادر خاصة قريبة الصلة بالقرار السياسي، لـ"عربي بوست"، أن الولايات المتحدة تسعى من خلال خطوة تعيين السفير الجديد، إلى التوجه بالأردن نحو حكم ملكي دستوري بالبدايات على ألا يتجاوز ذلك عام 2030.
وأضافت المصادر التي رفضت ذكر اسمها، أن "هذا يفسر اختيار سفير في منصب مفوّض فوق العادة ليتابع السياسات الأمريكية ومثل هذه الملفات، كما تهدف واشنطن إلى تغيير الجغرافيا الأردنية والذي تمثَّل من خلال مشروع نيوم، حيث ستحصل تعديلات على مساحة حدود الأردن". وليس هذا فحسب بل من خلال دمج المكون الفلسطيني أيضا ليكون مكونا أصيلا وإلغاء فكرة الحقوق المنقوصة وإعطائهم دوراً أصيلاً وكبيراً، وسيكون هذا من خلال تغيير قانون الانتخاب والتمثيل السكاني الحقيقي على الأرض وحكومة برلمانية.
ورد في مقال لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية نقلا على لسان سيناتور دبلوماسي متقاعد إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أقال السفيرة السابقة ويلز، بناء على طلب مباشر من الملك عبد الله الثاني. وأضافت أن الملك كان قد طلب ذلك من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إلا أنه رفض إقالتها مؤكدا دعمه لها.
وكانت ويلز سفيرة مزعجة وفضولية أقحمت نفسها كثيرا في قضايا محلية منذ اليوم الأول لتعيينها في تموز/يوليو عام 2014، وكانت تتحرك دون مراعاة للأعراف الدبلوماسية. وبمعنى أدق فإن السفيرة السابقة ويلز والتي كانت مصدر إزعاج للنظام في الأردن ذهبت ليأتي ترامب بسفير آخر سيجعلهم يترحمون على أيام ويلز حسب تصريح أحدهم!
وهنا سألقي الضوء على ما ورد في الأخبار حول فصل ارتباط السفارة الأمريكية في عمّان عن ارتباطها بسفارتها لدى كيان يهود من حيث القرارات والحضور والعمل، وهذا يعني عمليا وواقعيا رفض الإدارة الأمريكية لفكرة التوأمة بين النظام الأردني وكيان يهود أحد ركائز ثبات النظام في الأردن واعتبار العلاقة منفصلة تماما من حيث الحضور والقرارات والعمل بحيث تتعامل مع كل منهما على حدة بدل التعامل معهما كأنهما جسد واحد كما كان في السابق، وبذا تكون الإدارة الأمريكية من ناحية رسمية قد فصلت التوأمة لتجعل منها حقيقة واقعية، وسيكون لهذا الفصل الأثر الخطير على النظام الأردني حيث القرارات الصادمة والحساسة بعيدا عن حساسية علاقته بيهود، طبعا بعد العمل على إحداث شرخ كبير بين النظامين في أبرز القضايا فيما يتعلق بالقضايا الحساسة في موضوع الحل ومسألة الوصاية والمقدسات وإنهاء الدور الأردني الوظيفي من جانب علاقة يهود مع الخليج كما حدث من تطبيع بحيث صارت العلاقة بين يهود والخليج ثنائية ولا تمر عبر الأردن.
وسيكون لنا في الجزء الأخير من هذه السلسلة عرض لما تريده الولايات المتحدة بعد عرض أهم الأخبار والأحداث عن عمل وتفكير أمريكا تجاه الأردن تحقيقا لمصطلح "الأردن الجديد" بوجود صاحب هذا التعبير على رأس الدبلوماسية الأمريكية في الأردن وبما يحمل من رتبة وخبرة، وربط المساعدات الأمريكية بتنفيذ القرارات الأمريكية والرؤى الأمريكية ليبني على ما حرثته ويلز من أعمال فجة وزيارات لمختلف المدن الأردنية ولقاءات وشراء ذمم، فقد حان دور القطاف والثمار بعد عمل دؤوب ومتأن لإحداث التغيير في الأردن.
رأيك في الموضوع