اشتعلت جبهات القتال مجددا بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أنشأته الإمارات، وبين قوات عبد ربه منصور هادي الذي جعلته بريطانيا خليفةً للهالك علي صالح وفق اتفاقية المبادرة الخليجية التي رعتها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وكان الطرفان قد وقعا على ما يعرف بـ"اتفاق الرياض" العام الماضي في الرياض، والذي ينص على دمج المجلس الانتقالي الجنوبي ضمن حكومة عبد ربه هادي في الإطارين العسكري والسياسي، وبهذا يصبح المجلس الانتقالي ذائباً داخل حكومة عبد ربه هادي ويفقد كينونته بوصفه كياناً مستقلاً.
وقد جعلت السعودية من توقيع اتفاق الرياض فخاً كبيرا سخرت له وسائل إعلامها وجعلت منه ركيزةً للحل الشامل في اليمن، وبارك ترامب ذلك الاتفاق واصفا إياه بنصرٍ في سياسة المملكة.
وكانت السعودية تهدف من إبرامه أن تجعل المجلس الانتقالي والشرعية كيانا واحداً في مفاوضات الحل الشامل، على أن يكون الحوثيون الطرف الثاني، وبهذا تضمن لسيدتها أمريكا من يحافظ على المصالح الأمريكية في اليمن بأن يكون لهم نصف السلطة على الأقل من خلال الحوثيين، تماما كما هو الحال في لبنان إذ جعلت السعودية لحزب إيران هناك مساحةً واسعةً في السلطة في البلاد. ولم تكن السعودية يوماً معنيةً بقتال الحوثيين، بل على العكس، فهي بقيادتها للتحالف العربي قامت بحماية الحوثيين وسهلت لهم تمددهم في البلاد، بينما ضمنت لهم أمريكا تمثيلا سياسيا في الأمم المتحدة والمحافل الدولية يوازي تمثيل حكومة هادي.
وهكذا كان، فقد أجبرت السعودية طرفي النزاع في جنوب اليمن على الذهاب إلى الرياض وتوقيع "اتفاق الرياض" الذي يسهل لها الطريق نحو تنفيذ الخطة الأمريكية.
إلا أنه ومنذ اليوم الأول لتوقيع اتفاق الرياض لم يعمل طرفا النزاع في الجنوب على تنفيذه، بل اتهم كل طرف الآخر بعرقلته، وكثيرا ما دارت بينهما حروب عبثية في عدن وأبين وشبوة وسقطرى، تهدف إلى عرقلة اتفاق الرياض وتعطيل الخطة الأمريكية خدمة لمصالح بريطانيا في البلاد والتي يمثلها كلٌ من حكومة عبد ربه هادي والإمارات بمجلسها الانتقالي، والضحية هم أهل اليمن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فحكومة عبد ربه هادي تعيش خارج البلاد، وكذلك قيادات الإمارات وقيادات مجلسها الانتقالي، بينما زرعوا جنودا داخل البلاد سفكوا الدماء وانتهكوا الحرمات ودمروا ما بقي في البلاد من خراب وعاثوا فيها فساداً لم تفعله مليشيات الحوثي التي يزعمون أنهم جاءوا لمقاتلتها!
إن ما يحدث في أبين وسقطرى اليوم هو حلقة من حلقات مسلسل تعطيل اتفاق الرياض، في الوقت الذي تصر السعودية على تفعيله، وآخره ما أعلنته رويترز من أن السعودية تقترح إطاراً لإنهاء المواجهة بين الشرعية والانتقالي.
وهكذا يتضح لكم يا أهل اليمن العدو عياناً؛ إنها أطراف النزاع المحلية وقياداتها (شرعية عبد ربه، والحوثيون، والمجلس الانتقالي) وكلها قيادات معروفة لديكم من تاريخها الماضي وسجلها الحالي وقد ولغت في دمائكم، ولم تعنِها يوما رعايتكم، فها أنتم اليوم بدون أبسط مقومات الحياة من كهرباء ومياه ووقود وغاز منزلي، بلا طرقات صالحة وبلا مستشفيات قادرةٍ على رعايتكم، في الوقت الذي تؤمن فيه تلك العصابات، خروج ثرواتكم (من نفط وغاز و...) إلى أسيادهم خارج البلاد... لقد جعلت تلك القيادات المحلية لعدونا سلطانا علينا، بينما يأمرنا الله بألا نجعل لهم ذلك ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.
فإلى العمل لإقامة نظام الإسلام ندعوكم تحت راية خلافةٍ راشدةٍ على منهاج النبوة بشّر بعودتها نبي الأمة عليه أفضل الصلاة والتسليم «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». رواه أحمد
رأيك في الموضوع