(الخطابات الرنانة وتنفيذ مخططات أمريكا هما القاسم المشترك بين دجال أنقرة أردوغان ودجال القومية جمال عبد الناصر)
هدد الرئيس التركي أردوغان بطرد قوات النظام السوري من إدلب بحلول نهاية هذا الشهر شباط/فبراير 2020م والتي تشن حملة مسعورة وبغطاء جوي وحشي من روسيا في إدلب. وقال الناطق باسم الرئاسة التركية أبلغنا النظام الروسي أن أي خطأ يقوم به النظام السوري سيدفع ثمنه باهظا، وقد دفع الجيش التركي بتعزيزات إلى شمال سوريا لدعم نقاط المراقبة التركية. (الجزيرة).
يسعى النظام السوري المجرم لإسقاط إدلب آخر معاقل الثوار بحرب وحشية قل نظيرها في التاريخ وبغطاء جوي مكثف لا يعرف معنى الرحمة مطلقا من النظام الروسي المجرم الذي يستهدف المدنيين بشكل سافر ووقح يؤكد الحقد الروسي الدفين على الإسلام والمسلمين وخوف روسيا من عودة الخلافة التي ستعيد ملايين الكيلومترات المربعة إليها والتي احتلت كثيراً منها روسيا بعد هدم الخلافة العثمانية والتي لحقت بروسيا منها الهزائم الكثيرة خلال مئات السنين، وقد أدت هذه الحملة الشرسة إلى إجبار سكانها على النزوح القسري الذي تجاوز أكثر من نصف مليون نازح.
هذه الحرب الهمجية الشرسة التي تستهدف تدمير المساكن على رؤوس ساكنيها وقتل الأبرياء تحت غطاء ملاحقة (الإرهاب)، وهي حرب قذرة تهدف إلى إعادة إدلب كلها إلى حضن النظام السوري وطرد أهلها منها وقتلهم وتشريدهم وإرجاع أهل سوريا إلى الإذلال من جديد كما كانوا من قبل خلال قرابة نصف قرن من الزمن قبل ثورتهم المباركة الكاشفة والفاضحة للعملاء ومنهم أردوغان وفصائله المتآمرة على الشام وأهلها.
لقد ادعى أردوغان أنه صديق للثورة السورية حتى استطاع تغيير قواد كتائب الثوار المخلصين لدينهم وأمتهم وأهلهم في الشام الذين لا ترغب أمريكا سيدة أردوغان بهم فتحولت إلى كتائب فصائلية تتحرك بأوامر أردوغان والداعمين لها بالمال السياسي القذر الذي خالفوا بأخذه النصوص القرآنية قطعية الدلالة. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحجرات: 15]، والضمير في ﴿بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ﴾ عائد على المجاهدين وليس على الداعمين كدول الخليج وغيرها، فأين المجاهدون من هذا الفهم الصحيح؟! لأن من يعطيك المال يسلب إرادتك وهذا ما حصل معهم.
ودجال أنقرة أردوغان قد أتقن فن التمثيل في تنفيذ المخططات الأمريكية وهو غالبا يسبق تنفيذها بتصريحات رنانة كما كان يفعل دجال القومية عبد الناصر سواء بسواء.
فعبد الناصر كان يحرك الشارع العربي كله من العراق إلى المغرب بالميكرفون، وقد نجحت أمريكا من خلاله بتكريس القومية بين المسلمين لتضمن تمزيقهم وعدم رجوعهم إلى الوحدة التي كانت تجمعهم في دولة واحدة.
لقد كانت خيانات عبد الناصر تترى، فقد دعا إلى عقد قمتين عربيتين في عام 1964م وقد رحب بإقامة منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري وبالتالي قزم قضية فلسطين من قضية إسلامية إلى قضية عربية ثم قضية وطنية تمثلها منظمة التحرير التي قامت فيما بعد بتصفية قضية فلسطين والتنازل عنها ليهود... إن دجال القومية عبد الناصر وضع الخطوة الأولى للسير في طريق تصفية قضية فلسطين وتحويلها إلى قضية وطنية يدعمها الحكام العرب ماليا وإعلاميا فقط، أما تحريك الجيوش التي تؤدي إلى تحريرها بالفعل فقد مسحها من قائمة الأعمال ففتح الطريق أمام ياسر عرفات ومن جاء بعده للتنازل عنها فيما سمي الأرض مقابل السلام، وصولا إلى صفقة القرن المشئومة التي ترمي إلى تصفية القضية نهائيا، وقد كان عبد الناصر هو الذي تبنى المشروع الأمريكي إقامة دولتين في فلسطين الأولى دولة قوية ليهود، والثانية دويلة قابلة للحياة لأهل فلسطين، فضرب بذلك مشروع الإنجليز الذي كان يرمي إلى إقامة دولة واحدة يمسك بمفاصلها يهود ويذوب داخلها أهل فلسطين.
وقد فصل عبد الناصر الوحدة بين مصر وسوريا كما فصل مصر عن السودان وقد كان البلدان ولاية واحدة من ولايات الدولة العثمانية وبقيت بعد هدمها ولاية واحدة إلى عام 1956م ثم كان حكام مصر هم من يعينون حاكماً للسودان فلما جاء عبد الناصر فصلها نهائيا عن مصر وأصبحت دولة مستقلة عن مصر وكلاهما يخضعان لنفوذ الاستعمار الغربي.
وقد سار أردوغان على خطا عبد الناصر حيث يتشدق بالخطابات التي توهم المسلمين في تركيا وغيرها أنه النموذج الذي يجب على حكام المسلمين تقليده والسير على منواله وهو في الحقيقة ينفذ مخططات أمريكا في المنطقة، فعندما اندلعت ثورة الشام المباركة في عام 2011م واشتعلت بقوة وسقط 70% من أرضها تحت سيطرة الثوار وكادوا يخنقون بشار ويسقطون نظامه، فزعت أمريكا إلى عميلها أردوغان بعد أن عجز النظام السوري عن الدفاع عن نفسه وعجزت إيران ومليشياتها وأحزابها وروسيا وآلتها العسكرية الكبيرة عن إنقاذه.
جاء دور الثعلب الماكر أردوغان الذي كان قد ادعى أنه صديق للثورة وأهلها، وبعد أن تحكم في الإمساك بفصائلها قام بأساليبه الخبيثة التي أوعزت بها أمريكا إليه وإلى صديقه المجرم بوتين، وتتمثل هذه الأعمال في جر الثوار إلى المفاوضات والقبول بنتائجها الوخيمة كفتح الطرقات ومناطق خفض التصعيد ونقاط المراقبة وتسليم المناطق إلى بشار واحدة تلو الأخرى، ففي درع الفرات 2016م سُلمت حلب للنظام السوري، وفي غصن الزيتون 2018م سُلمت له الغوطة وشرق السكة، وفي نبع السلام 2019م استعاد النظام المناطق في شمال سوريا، وها هو اليوم يطلق الخطابات والتهديدات وإجراء المناوشات على أطراف مدينة سراقب، ليستمر في خداعه لأهل الشام وخيانتهم، ومعلوم أن الجيش التركي قادر على إسقاط النظام السوري المتهالك في أيام ناهيك عن منع تقدمه وهزيمته في إدلب.
ثم ها هو دجال أنقرة بدلا من أن يرسل جيشه لتحرير فلسطين من يهود، أرسل جيشه ليقتل المسلمين في ليبيا لكي يدعم حفتر أخاه في العمالة لأمريكا متظاهراً أنه مع عميل بريطانيا فايز السراج ليقوم بالدور الخبيث نفسه الذي يقوم به في سوريا.
يجب على المسلمين أن يدركوا حقيقة الدور الذي يقوم به أردوغان لإفشال أعماله فتفشل بذلك مخططات رأس الكفر أمريكا، نعم يجب على المسلمين أن يدركوا حقيقة الأدوار الموكلة من دول الاستعمار إلى عملائها حكام المسلمين وفي مقدمتهم أردوغان وروحاني والسيسي وسلمان.
إن طريق العزة والنهضة الحقيقية للأمة الإسلامية كلها هو في العمل الجاد مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فهي التي تحكم بالإسلام وترعى شؤون الناس به وتحرك الجيوش لتحرير فلسطين وأخواتها، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
بقلم: الأستاذ شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع