تتسابق دويلات الخليج في مسيرة التطبيع الخيانية مع كيان يهود؛ ففي أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت استقبل قابوس سلطان عُمان بشكلٍ مُفاجئ وبدون مُقدّمات رئيس حكومة كيان يهود بنيامين نتنياهو، وبعد سويعات عدة من ذلك الاستقبال، استقبلت بدورها دولة قطر وفداً رياضياً يهودياً للجمباز، ثمّ بعد أقل من أربع وعشرين ساعة استقبلت أبو ظبي وزيرة الرياضة اليهودية ميري ريغيف على رأس وفد رياضي للجودو، وتمّ في جميع هذه الزيارات المقبوحة، رفع علمكيان يهود وعزف النشيد الرسمي لكيان يهود في عواصم الدول الخليجية الثلاث، وأعقب ذلك بأيام زيارتان قام بهما وزيرا الاتصالات والنقل في كيان يهود لكلٍ من دبي ومسقط لحضور مؤتمرين دوليين أقيما في عُمان والإمارات.
لا يشك أحد من السياسيين بأنّ هذه الدويلات الخليجية العميلة المُصطنعة مُنخرطة في أعمال التطبيع الخيانية مع كيان يهود مُنذ زمنٍ بعيد، فهي ليست جديدة، ولكنّ الجديد فيها هو هذه النقلة النوعية الوقحة في مُستوى التطبيع، إذ أصبحت أعمال التطبيع الجديدة تختلف عن سابقاتها بكونها علنية ورسمية ومُباشرة ومن دون حاجة لأي تبرير أو تأويل!!
أمّا بخصوص زيارة نتنياهو لعُمان فلا بُدّ من ربطها بما سبقها وما تلاها من زيارات وتحركات، فقد سبقها زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لعُمان قبيل زيارة نتنياهو لها بسويعات، وكان عباس قد أظهر في تصريحاته الأخيرة تلهفاً واشتياقاً للعودة للمفاوضات العلنية أو السرية مع كيان يهود ومن دون أية شروط، ودافعه في ذلك حسده وبغضه لرعاية المُخابرات المصرية لمُفاوضات غير مُباشرة بين كيان يهود وحركة حماس، وخوفه من فقدان أهميته لدى أمريكا وكيان يهود، وشعوره بخطر مُنافسة حركة حماس لسلطته، لذلك راح يُوسّط سماسرة الإنجليز كسلطان عُمان لمساعدته في إقناع كيان يهود للتفاوض معه نكايةً بحماس، وليس لحل المشكلة الفلسطينية التي يدرك هو أنّه لا يوجد في الأفق أي حل لها.
وما يدل على هذا الفهم تصريح مسؤولين عُمانيين بأنّ السلطة هي من طلبت من عُمان التوسط لدى نتنياهو للعودة إلى التفاوض مع سلطة عباس، وتحريك ما يُسمّى بالعملية السلمية، وما يؤكد ذلك أيضاً التقاء يوسف بن علوي وزير خارجية عُمان بمحمود عباس بعد زيارة نتنياهو لمسقط وإطلاعه على نتيجة المحادثات.
وأمّا استقبال قطر لوفد الجمباز اليهودي فسببه المباشر هو سماح كيان يهود لقطر بإدخال الوقود إلى قطاع غزة دعماً لحركة حماس، وتخفيفاً للحصار الخانق الذي فرضته سلطة عباس على القطاع، فالتطبيع العلني هو الثمن الذي قدّمته قطر لكيان يهود مُقابل إدخال الوقود عبر المعابر التي يسيطر عليها، بالإضافة إلى تأهيل حماس للعب دور سياسي مُعترف به دولياً.
وأمّا استقبال أبو ظبي لوزيرة الرياضة اليهودية المعروفة بعدائها الشديد للإسلام فهو نوع من التنافس الرخيص مع قطر على التقرّب من كيان يهود، وأن تكون للإمارات حظوة عند يهود أكثر من الحظوة التي تتمتّع بها قطر!
إنّ تحرك هذه الدويلات الخليجية التابعة سياسياً لبريطانيا في موضوع التطبيع لا شك بأنّه يخدم السياسات البريطانية في الشرق الأوسط، والتي تسعى من خلال هذا التطبيع لأن يكون لها دور مُهم إلى جانب الدول التابعة لأمريكا في قضايا المنطقة المهمة.
لكنّ دولة الإسلام الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القادمة قريباً بإذن الله تعالى لن تدع مجالاً لأمريكا وبريطانيا وكيان يهود وجميع الدول الاستعمارية بأنّ يكون لهم أي دورٍ في أي بُقعةٍ من بقاع العالم الإسلامي، وذلك باستئصال الوسط السياسي العميل لهذه الدول المُستعمرة، وإسقاط هذه الأنظمة العميلة، وكنس النفوذ الأجنبي من بلاد المسلمين كنساً نهائياً إلى غير رجعة، ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾.
رأيك في الموضوع