(مترجم)
أكد زعيم حزب النهضة الإسلامية في طاجيكستان محيي الدين كبيري مرةً أخرى أن حزبهم يلتزم بأفكار العلمانية: فهو يعتقد أن طاجيكستان يجب أن تكون دولة علمانية، أي أنه يجب فصل الدين عن الحياة والدولة، كما قال في مقابلة مع الصحفية آنا تسيسليفسكايا لموقع IA Fergana.ru: "كيف يجب أن يكون مستقبل طاجيكستان؟ ما الدولة التي نريد رؤيتها؟ الجميع يتفق على أن طاجيكستان يجب أن تصبح ديمقراطية بحق قائمة على القانون، ويجب أن تكون دولةً علمانية". هذا ليس التصريح الأول له من هذا النوع، ففي وقت سابق تحدث كبيري مراراً وتكراراً حول المستقبل العلماني للبلاد.
تجدر الإشارة إلى أن تاريخ ولادة حزب النهضة الإسلامية في طاجيكستان يعود إلى 70 عاماً أثناء الاحتلال السوفييتي لشعوب آسيا الوسطى. نشأ الحزب في شكل حركة بين الشباب؛وهي إحياء الإسلام "نخزتي إسلوم"، التي كانت موجودة في طاجيكستان المحتلة بطريقة غير مشروعة. وفي ظل راديكالية الإلحاد الصارمة للقوة السوفيتية فإن مؤسسي المنظمة وفقا لـ(S. Nuri) كان لهم هدفان رئيسيان: نشر أفكار الإسلام النقي، وتعليم الناس الروح الدينية. حتى عام1991 عندما حصل حزب النهضة على وضع رسمي في طاجيكستان، حيث كان العديد من أعضائه وأنصاره في السجن. وفي أوائل تسعينات القرن الماضي أعلن الحزب على الملأ عن موقفه الإسلامي فيما يتعلق بنظام الدولة الإضافية في طاجيكستان، حيث دعم هذا الموقف الأغلبية في الحزب.
وبعد ما يسمى بـ"المواجهة المدنية"،التي انتهت بتوقيع الحكومة على اتفاقات سلام من جانب حكومة طاجيكستان والمعارضة الطاجيكية الموحدة والتي شملت أيضا هيئة مراقبة (الإرهاب)، شارك الحزب بعد ذلك في الانتخابات البرلمانية وحصل على عدة مقاعد نيابية في البرلمان، وبالتالي ابتعد عن موقعه الأصلي.
ولكن على الرغم من ذلك أعطى شعب طاجيكستان ثقة كبيرة للحزب وأيده لأن اسم الحزب مرتبط بالإسلام. ولكن أكثر من مرة دعمت قيادة الحزب قرارات الحكومة بشأن قمع مختلف الحركات والأحزاب الإسلامية. على سبيل المثال في شباط/فبراير 2005 أخبر السيد كبيري معهد صحافة الحرب والسلام بأنه: "يوجد بالفعل حزب سياسي إسلامي في طاجيكستان، ولا توجد حاجة إلى حزب آخر من هذا القبيل". كما أن عبدي نوري زعيم "حزب النهضة الإسلامية" قد عبر عن هذا الرأي في وقت سابق في مقابلة مع صحيفة "تادزهوت". وقد قال كبيري: "إن حزب النهضة الإسلامية في طاجيكستان يعتقد أن الحريات الديمقراطية التي يتبناها المجتمع الدولي لا تتناقض مع أفكار وعبارات الإسلام" مشيراً بذلك إلى أن حزب التحرير يرفض النظام السياسي العلماني باعتباره "سلعة غربية" ويدافع عن إقامة الخلافة العالمية.
روى أبو هريرة أن رسول الله eقال: «الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ مِنْ حَيْثُ لَقِيَهُ يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ».
إن المرآة تعكس كل شيء كما هو ولا تخفي أي خلل أو عيب ولا تقلل من جمال شيء ما؛ لذلك كل الانعكاسات هي نفسها، ولن تكون المرآة متحيزة، ولن تحفظ غضب شخص ما، فالجميع متساوون أمامها؛ لا يوجد قسم للأغنياء والفقراء أو الصغار والكبار أو الجميلين وغير الجميلين، وظيفتها هي أن تعكس كل شيء بدقة،لذا يجب أن يكون المسلم هو نفسه، ولا ينبغي أن يكون متحيزاً في التعامل مع الناس، يجب أن يكون عادلاً وصادقاً مع الجميع. بعد الحديث أعلاه إضافة إلى الحجج الشرعية الأخرى من الضروري أن نشير إلى أخطاء الإخوة في حزب النهضة الإسلامية ونرشدهم إلى الطريق الذي سيرضى الله ورسوله والمؤمنون به.
إن الغرب من أجل تحقيق مصالحه فإنه يمارس على الأقل بعض الضغط على نظام طاجيكستان الذي يخضع للنفوذ الروسي بشكل لا ريب فيه، فقد قام الغرب بتوفير المأوى لزعيم الحزب وإملاء شروطه الخاصة عليه. إن كبيري معتقداً بوعود الغرب يفي بهذه الشروط، ولكن بمجرد أن يصل الغرب إلى أهدافه أو يرى عدم جدوى التعاون مع الحزب،فإنه سيتخلى عنه فوراً، كما حدث مع حركات وأحزاب أخرى في وقت سابق، مثال ذلك "الإخوان المسلمون". إن العلمانية والإسلام غير متطابقين على الإطلاق بل إنهما من الأضداد: فالإسلام يطالب بإخضاع جميع أنظمة الحياة لأوامر الخالق، بينما تدعو العلمانية لفصل الدين عن حياة المجتمع والدولة.
لقد أرسل الله الإسلام لنا مع عقيدته وشريعته والتي لا تحتاج إلى استكمال أو تنقيح مع مرور الوقت، ومن غير المقبول أيضاً تعديل أحكام الشريعة بتغيّر الواقع. هذا ليس نهج النبي e، ولا نهج الصحابة والتابعين وتابعيهم، هذا ليس نهج أسلافنا الأبرار؛أمثال سلمان الفارسي والبخاري وأبي حنيفة وغيرهم... يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾، ويقول سبحانه: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
إننا نحث محيي الدين كبيري على عدم الخضوع لوعود مختلفة من الغرب وعدم تغيير الإسلام بحسب الواقع بل العودة إلى جذوره، أي نشر أفكار الإسلام وتثقيف الناس بروح الإسلام، وهذا ممكن فقط مع استئناف طريقة الحياة الإسلامية، التي يجب أن تلتزم بنهج الرسول e، فإن الله تعالى يرضى به. هدانا الله جميعا إلى طريق الرشاد.
بقلم:الأستاذ فردوس ساليزودا
رأيك في الموضوع