(مترجم)
قال الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون: "يتفاعل الناس مع الخوف وليس الحب. لا يعلّمون ذلك في المدرسة، لكن هذا صحيح". لقد وصفت كلماته الحالة المزاجية لانتخابات منتصف الولاية الأمريكية الحالية، والتي ستقرر في 6 تشرين الثاني/نوفمبر الحزب الذي سيسيطر على مجلسي النواب والشيوخ، فضلا عن العديد من مواقف الحكومة. تتميز حملة الانتخابات النصفية هذه بالخوف، والسبب في ذلك هو التقسيم العميق الذي يقطع الولايات المتحدة وحتى العائلات إلى النصف.
إن ابن وابنة مرشح جمهوري في ولاية ميسوري يطلبان من الناخبين رفض والدهما، فقد قال الابن: "والدي متعصب لا بد من إيقافه. فكرته هي الكراهية الخالصة. إنها فكرة مجنونة تماما". كما قالت الابنة: "لقد أدلى بتعليقات متعددة عنصرية". وفي نيفادا كتب اثنا عشر من أقارب المرشح الجمهوري لمنصب حاكم الولاية مقالا يعارضونه فيه، حيث قالوا إنهم "يشعرون بأنهم مضطرون لحماية اسم عائلتهم من الاستغلال". كما أن مرشح جمهوريا آخر، بول جوسار، تحدث مؤخراً في تجمع مناهض للمسلمين في بريطانيا وقدم ادعاءات بأن جورج سوروس كان متعاوناً مع النازيين، وقد عارضه ستة من إخوته وأخواته. فقد قاموا بإعلان تلفزيوني يدين شقيقهم ويؤيد منافسه الديمقراطي الذي يقف في ولاية أريزونا.
على المستوى الوطني أيضا فإن الناس يخافون. بعد أن قام مسلّح يميني بقتل 11 مصلياً يهودياً في كنيس يهودي في بيتسبيرغ، وصل ترامب ليجد المتظاهرين يرددون: "إنه خطؤك" و"الكلمات مهمة". قبل عامين وصل ترامب إلى السلطة على أساس الخوف والخطب المليئة بالكراهية، ويستخدم المواضيع نفسها لتحفيز القوميين البيض على التصويت للجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي. وهو يعقد مسيرات حاشدة في ولايات رئيسية، ويحذر من مخاطر الأجانب قائلاً بسخرية: "يريد الديمقراطيون المتطرفون إغراق بلدنا في كابوس من الجمود والفقر والفوضى، كما تعلمون. إنهم يريدون فرض الاشتراكية على بلدنا، وتحويلنا إلى فنزويلا أخرى، وجعل حدودنا مفتوحة على مصراعيها للمخدرات المميتة والعصابات القاسية. تفضلوا بالدخول جميعاً! هيا!". إن أنصاره يحبون هذا الخطاب، ويثيرهم إلى هذا الجنون بحيث يعتقدون أنهم في حالة حرب. في مسيرة ترامب في ولاية ويسكونسن، أجرى مراسل من صحيفة الجارديان مقابلة مع أحد المؤيدين الذين تفاخروا بأنه أخبر أخته: "إذا كانت هناك حرب أهلية في هذا البلد وكنت على الجانب الخطأ، فلن أواجه مشكلة في إطلاق النار على وجهك". وقد أرسل مؤيد آخر لترامب 14 قنبلة عبر البريد في تشرين الأول/أكتوبر إلى ديمقراطيين بارزين وغيرهم من معارضي ترامب. مع هذه المشاعر يتم إنفاق الكثير من المال من قبل كلا الطرفين، ومن المتوقع أن تبلغ التكلفة النهائية للانتخابات 5 مليارات دولار.
قال ترامب: "ألعب لأوهام الناس. يريد الناس أن يصدقوا أن شيئاً ما هو الأكبر والأعظم والأكثر إثارة"، وأحد هذه الأوهام هو أن الإرهابيين "الشرقيين" مختبئون بين قافلة تضم عدة آلاف من المهاجرين الذين يمرون عبر المكسيك إلى أمريكا. المهاجرون مسالمون، ولا يوجد دليل على وجود أي صلة لهم بـ(الإرهاب)، لكن ترامب وصفه بأنه غزو ويرسل آلاف الجنود إلى الحدود مع المكسيك. بالنسبة لأتباعه يقاتل ترامب لحماية الأمريكان البيض النزيهين من أكاذيب ومؤامرات القوى الشريرة التي تدمر البلاد وتسرق وظائفهم.
يتضمن نظام الحكم الأمريكي نظاماً من "الضوابط والتوازنات" مصمماً لمنع إساءة استخدام السلطة، ومن ثم وبعد عامين من الانتخابات الرئاسية، نجري انتخابات نصف المدة لإتاحة الفرصة لتغيير من يسيطر على مجلسي الشيوخ النواب. ويسيطر حزب الرئيس في الوقت الحالي على كل منهما، ولكن من المرجح أن يتحول مجلس النواب إلى السيطرة الديمقراطية بعد انتخابات هذا الأسبوع. إذا حدث ذلك فسيقوم الديمقراطيون بمطاردة ضرائب ترامب وفضائحهم على أمل مقاضاته، كما فعل الجمهوريون لكلينتون بسبب فضيحة مونيكا لوينسكي. سيكون الرد من القوميين البيض أكثر عنفا، لأنهم يعتقدون أنهم جزء من الحرب "لاستعادة بلدهم" وترامب هو بطلهم الوحيد. ومع ذلك، إذا استمر الجمهوريون في الحفاظ على أغلبيتهم في مجلسي الكونغرس، فإن هذا سيكون تأكيدا لقيادة ترامب وسيصبح أكثر جرأة من أي وقت مضى.
رأيك في الموضوع