لا يزال الريال اليمني يتهاوى أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى دون جدوى المعالجات الاقتصادية التي أعلنت عنها حكومة ما يسمى بالشرعية في ظل تبادل للاتهامات بينها وبين الحوثيين المسيطرين على العاصمة صنعاء، وكلٌ يقامر على حساب معاناة أهل اليمن وقتلهم سواء بالحروب أو بالمجاعة أو بالأمراض، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي إلى أكثر من 700 ريال يمني في ظل الصراعات والحروب الدائرة في اليمن بين المتصارعين الذين يحققون مصالح أسيادهم المستعمرين وخاصة أمريكا وبريطانيا الدولتين المتصارعتين على النفوذ والثروة في البلاد، ومع أن الرواتب مقطوعة في أغلب محافظات البلاد خاصة المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثيين الذين عبثوا بالأموال في سبيل مجهودهم الحربي، بالإضافة لتعطل الخدمات والبطالة وقلة تصدير النفط والغاز وغيرها من ثروات البلاد، والفساد المستشري فيها؛ سواء الواقع تحت سيطرة ما يسمى بالشرعية أو تلك الواقعة تحت سيطرة الحوثيين؛ حيث كلا الطرفين لا يملك القرار، بالإضافة إلى التنافس المحموم بين السعودية والإمارات على البلاد وثرواتها وموانئها، حيث تسيطر الإمارات على موانئ جنوب اليمن ومشروع غاز بالحاف فيما تعمل السعودية لمد أنبوب نفطي في أراضي المهرة لنقل النفط، إلى بحر العرب...
وهكذا أصبحت اليمن مطمعاً للطامعين وأسيادهم المستعمرين فيما يعاني شعبها البؤس والشقاء ويصطلي بنيران حروبهم المشئومة، بينما تحاول الأمم المتحدة أن تضغط على الأطراف للحل السياسي الذي تريده أمريكا وبريطانيا عبر الضغط في الجانب الاقتصادي ومنع المتصارعين من التصرف بالثروات لتحقق اختراقاً للأزمة في ظل تعنت كلا الطرفين للقبول بالحل خاصة الحوثيين؛ حيث غادر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث صنعاء بعد التقائه بهم دون جدوى، وقد أدت طباعة ما يقارب 600 مليار ريال يمني إلى تضخم العملة وقلة القيمة الشرائية لها في ظل هذه الصراعات والحروب، ودخلت الحرب الاقتصادية حيز التنفيذ على اليمن وأهله المنكوبين لتزيد من معاناتهم. هذا وقد صرح المبعوث الدولي مارتن غريفيث بأنه سيناقش الأوضاع الاقتصادية في اليمن مع البنك وصندوق النقد الدوليين والأمم المتحدة ودول الخليج، وفي ذلك إشارة لما ترجوه أمريكا من تسليم إيرادات البلاد من جميع الأطراف للبنك الدولي في مقابل قرض لليمن كانت الأنباء قد سربت خبراً عنه فيما مضى، حيث ستتسلم الأمم المتحدة هذه الإيرادات وتتكفل هي بصرف الرواتب! وهذا ما يجعلنا نفكر لماذا لا يتم تصدير النفط والغاز وتشغيل الموانئ ودفع الرواتب بعد طبع الأموال للعملة اليمنية بصورة مفرطة ومن الذي يمنع ذلك؟!
كل مرة تقوم الأمم المتحدة بدعوة الدول للتبرع للوضع الإنساني في اليمن ثم تجمع الأموال وتتم سرقة النصيب الأكبر منها بينما يصرف للشعب الفتات بواسطة منظمات تجامل الحوثيين الذين يسيطرون على هذه المساعدات لتباع في الأسواق مع أنه مكتوب عليها أنها مجانية؟!!
أما السعودية والإمارات وإيران وغيرها الذين يدعمون الصراعات والحروب في اليمن ويشاركون فيها سواء بشكل مباشر أو عن طريق الأتباع، فإنهم لا يعيرون اهتماماً لحال أهل اليمن ومعاناتهم؛ فقد كانت إيران تَعِدُ أتباعها الحوثيين حال سيطرتهم على صنعاء أنها ستودع 2 مليار دولار في البنك المركزي لدعم الاقتصاد والعملة اليمنية ولكنها نكصت عن ذلك، وهي مستمرة بجلب السلاح للحوثيين لمزيد من الحرب والدمار، أما السعودية والإمارات فهما تنفقان أموالهما للغرب وصفقات السلاح ومحاربة الإسلام والبذخ؛ حيث أعطت السعودية مئات المليارات من الدولارات لأمريكا بدل أن تعطيها لمن يكتوون بنار حروبها، فهي تشارك في حرب تدمير اليمن حتى لو أظهرت أنها تقف مع شعبه نفاقاً وخداعا، ولو كانت السعودية تريد فعلاً إنهاء الحوثيين وتقليص نفوذهم تماماً لتكفلت بالرواتب وغيرها من الحاجات الأساسية والخدمات والبنى التحتية لأهل اليمن الذين يعيشون الشقاء، وذلك كي تكسب القلوب ويتفرق الناس عن الحوثيين، لا أن تعطي أهل اليمن الفتات أو ما يسمى بالوديعة السعودية 2 مليار دولار التي صدعت وسائل الإعلام رؤوسنا بها دون أن نلمس أثرها في البلاد أو في دعم الاقتصاد!!
ومن المعلوم أن سياسة السعودية هي سياسة أمريكية تعمل لإشراك الحوثيين في الحكم وعدم تعرضهم لضربة قاصمة، بل فوق ذلك تحارب المغتربين من أهل اليمن لديها وتتخذهم وسيلة للتكسب حيث تقوم بفرض التأشيرات الباهظة والإتاوات الجائرة ثم تهددهم بالترحيل، فأصبحت دولة رأسمالية أشد من الرأسماليين أنفسهم؛ حيث الإسلام من أعمالها ومن نظامها براء، فوق أن سياستها تلك تخدم الحوثيين وتمكن لهم فيستفيدون من ذلك بخداع الناس وتحميسهم للقتال في الجبهات ولو كرهاً ونكاية بها.
إنه لمن الواجب عليكم يا أهل اليمن العمل لتغيير الأوضاع في البلاد لما يرضي الله ورسوله عنكم والأخذ على يد العملاء وطرد المستعمرين، فليس ما ينقصكم هو الثروات ولا الموارد بل إن بلادكم غنية بثرواتها وموقعها وقواها البشرية، ولتعلموا أن الحل الصحيح إنما هو بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستضع الإسلام موضع التطبيق بنظرته الصحيحة للمشكلة الاقتصادية؛ حيث إن النظام الاقتصادي في الإسلام يمتاز بالاستقرار والثبات ولا يتقلب مع الدولار لاعتماده قاعدة الذهب والفضة كأساس للعملة، بل إن النظام الاقتصادي في الإسلام يمكّن الناس فرداً فرداً من إشباع حاجاتهم الأساسية من مأكل وملبس ومسكن ويساعدهم على اقتناء الكماليات، إلى جانب تطبيق الإسلام في بقية أنظمة الحياة؛ في الحكم والسياسة الخارجية والتعليم والنظام الاجتماعي وغيرها من أنظمة الحياة...
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع