(مترجم)
أعلن دونالد ترامب مؤخراً من خلال صفحته على تويتر أن أمريكا ستفرض رسوما عقابية جديدة على واردات الصلب بنسبة 25٪ وواردات الألومنيوم بنسبة 10٪ التي تدخل إلى أمريكا. وبالرغم من أنه من غير المعتاد أن يعلن رئيس ما هذه السياسات عبر وسائل التواصل الإلكتروني، إلا أن ترامب يحب أن يظهر نفسه مختلفًا ومفاوضًا خبيرًا. وقد تم قبول هذه الخطوة على أنها طلقة افتتاحية في سياسة تجارية أكثر عدوانية من قبل أمريكا، وخاصة ضد الصين التي حافظت في العام الماضي على فائض تجاري ضخم يبلغ 500 مليار دولار مع الأمريكيين.
إن النظرة الساذجة التي يجادل ترامب بناء عليها هي أن الدول الأخرى تستفيد من أمريكا بمواد وبضائع ذات أسعار باهظة، عبر استراتيجيات التسعير التي تضر المنتجين الأمريكيين وتساعد في تغذية العجز الكبير. هناك وجهة نظر أخرى تتمثل في أن أمريكا بصفتها الجهة المصدرة للعملة العالمية الفعلية (الدولار)؛ تقوم بتمويل أكبر جيش في العالم وتمويل أسلوب حياة مبني على الترف على حساب جميع الدول التي تبيع سلعها وتقبل النقود الورقية الأمريكية المتدنية باستمرار. في المقابل تمتلك الصين ما يقرب من 2 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية وسوف تتضرر بشدة من انخفاض قيمة هذه الفواتير إذا استمرت أسعار الفائدة في الارتفاع وبسعر الضرائب الجديدة على الصلب.
على الرغم من أن خطابات زعماء العالم بما في ذلك ترامب تدعو إلى التجارة الحرة إلا أن العالم لا يزال يدعم نظام الحمائية.
إن الحجة للتجارة المفتوحة بين الأمم مقنعة، فيمكن لأولئك الذين يتمتعون بميزة تنافسية في بعض السلع أن يتاجروا مع الآخرين بمزايا في سلع أو خدمات أخرى، وبالتالي يستفيد كلا الطرفين من الأسعار المنخفضة ووجود اختصاصات أوسع والمزيد من التجارة. الحجة الرئيسية ضد التجارة الحرة هي أنها تسمح للبعض بأن يهيمن على الأسواق الرئيسية والصناعات الاستراتيجية على حساب المنتجين المحليين.
لكن أمريكاوبريطانياوغيرهما من الدول الكبرى كانت دائماً حمائية على الرغم من أن خطاباتها تظهر عكس ذلك. ودونالد ترامب يتبع نهج أسلافه في البيت الأبيض في حوادث عديدة.
قال ألكسندر هاملتون - أول وزير خزانة في أمريكا ومهندس النظام الاقتصادي الأمريكي الحديث في عام 1789 - بأن الصناعات في مرحلة الطفولة بحاجة إلى الحماية، كما أصر على الاستثمار العام في البنية التحتية.
وقال الرئيس يوليسيس غرانت ذات مرة ردا على الضغوط البريطانية من أجل التجارة الحرة: "في غضون 200 عام، عندما تنهي أمريكا الحماية على كل ما يمكنها أن تقدمه، فإنها أيضا ستعتمد التجارة الحرة". أندرو جاكسون - يستخدم الرسوم الجمركية في المنطقة من 35% إلى 40%. كما نفذ أبراهام لنكولن مستويات أعلى من الرسوم الجمركية. هذه السياسات الحمائية ساعدت على نمو الاقتصاد الأمريكي الوليد.
البريطانيون أيضاً كانوا حمائيين، على سبيل المثال في صناعاتهم الصوفية والنسيجية الجديدة.
ولا يزال ترامب يواصل تقليد القادة الرأسماليين الليبراليين الغربيين في العصر الحديث. إنهم جميعا يدعون إلى "التجارة الحرة" مع العالم النامي، ولكن في عالم اليوم هذا يعني:
• افتح أسواقك لسلعنا
• مكّنا من الوصول إلى السلع الخاصة بك التي سنبقيها بسعر منخفض عبر عقود التجارة المتبادلة الآجلة المتلاعب بها.
• تحرير الاقتصاد الخاص بك - وهذا يعني السماح بالاستثمار الأجنبي دون عوائق.
• اعتماد الخصخصة - أي بيع أصولك العامة الرئيسية للقطاع الخاص.
• خفض قيمة عملتك - السماح بشراء البضائع الخاصة بك بسعر مخفض.
• وعلى رأس كل ذلك، احصل على قروض باهظة الثمن من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي سيستنزف اقتصادك لصالحلنا لعقود من الزمن.
يمكن ملاحظة مغالطة مثل هذه السياسات بأن أمريكا و بريطانيا باعتبارهما العضوتين البارزتين في صندوق النقد الدولي، لن تتبنيا مثل هذه الخطط لاقتصادهما.
هناك طريقة أفضل؛ فإن دولة الخلافة على منهاج النبوة هي دولة مبدئية ولا تركز فقط على الاقتصاد أو إبرام أفضل الصفقات بحسب (منظور التراب). لذلك وفي بعض الأحيان ستجري صفقات تجارية مواتية مع الدول التي ترغب في تعزيز علاقة قوية معها - يمكن أن يكون هذا هدفًا للدعوة أو هدفًا استراتيجيًا بعيد المدى للسلع أو الخدمات الأساسية.
في أصلها فإن الحمائية حرام في الإسلام. روى أحمد وأبو عبيد عن عقبة بن عامر أن رسول الله eقال: «لا يدخل الجنة صاحب مكس»، ومع ذلك، عندما يتم فرض هذه الضرائب يمكن تطبيقها أيضًا من خلال المعاملة بالمثل، إذا اختار الخليفة ذلك.
لكن السؤال يذهب أبعد من إمكانية تطبيق الضرائب العقابية أم لا. فيجب إعادة دراسة مفهوم التجارة الحرة. إن القوى الغربية تركز أكثر من اللازم على التوازن البسيط في التجارة وعلى العجز واستغلال الدول الأخرى للموارد. في حين ينشط تنظيم الخلافة للسياسات التجارية للبلاد لضمان إدارة الدول الأخرى بالمعاملة بالمثل، وذلك لتوفير احتياجات البلاد بما في ذلك المكاسب النقدية والأصول الاستراتيجية والعملة الأجنبية. والأهم من ذلك، حمل الدعوة الإسلامية.
بقلم: جمال هاروود
رأيك في الموضوع