على الرغم من معارضة أطراف محلية ودولية إجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان، فإنَّ الاستفتاء جرى في موعده المُحدد: (25/9/2017)، وأعلنت مفوضية الاستفتاء أنَّ نسبة الذين صوتوا بـ(نعم) بلغت: 92% لصالح الاستقلال.
وبعد انتهاء الاستفتاء صدرت تصريحات عدة من المسؤولين في الحكومة المركزية وعلى رأسهم رئيس الوزراء العراقي الذي رفض نتيجة الاستفتاء ووعد باتخاذ إجراءات عقابية ضد الإقليم، وكذلك فعل رئيس مجلس النواب حيث طالب بمحاسبة النواب الكرد المشاركين في الاستفتاء قضائياً ووجه كتاباً إلى المحكمة الاتحادية بهذا الخصوص، وطالب البرلمان باتخاذ إجراءات، منها: إيقاف التعاملات والتحويلات المالية، والسيطرة على المنافذ الحدودية البرية، وغلق المجال الجوي، وغيرها من الإجراءات! وذكرت تقارير إخبارية أن القوات العراقية أجرت مناورات عسكرية مشتركة مع القوات التركية قرب الحدود العراقية التركية من جهة الإقليم.
أمَّا ردود الأفعال الخارجية فإنَّ تركيا وإيران هما أكثر الدول التي انتقدت الاستفتاء وأوعدت وتوعدت بعقوبات شديدة، فصرح خامنئي خلال لقائه بأردوغان الذي زار إيران: "إنَّ القوى الأجنبية تحاول خلق (إسرائيل) جديدة"، وأوردت شبكة أخبار العراق عن السفير الأمريكي قوله: "إنَّ بلاده أُصيبتْ بخيبة أمل من إجراء الاستفتاء"، وأضاف: "نحث الجميع على التهدئة وندعم عراقاً موحداً".
وأمَّا على الصعيد الأوروبي: ففي باريس التقى حيدر العبادي بالرئيس الفرنسي: إمانويل ماكرون، الذي صرّح بأنَّ على الحكومة المركزية أن تتفهم مطالب الكُرد، ومن جانبها قالت بريطانيا بعد الاستفتاء إنها حريصة على وحدة العراق، علماً أنها في تصريح سابق أيَّدت إجراء الاستفتاء!
ومن خلال متابعة التصريحات المحلية والخارجية حول الاستفتاء نلاحظ أنَّ هناك شبه إجماع على رفضه؛ لأنَّه يهدد وحدة العراق، ولكن كل التصريحات وخاصة المحلية منها لم يظهر فيها الجدية لاتخاذ إجراء حاسم للوقوف في وجه تطلعات الكُرد لإقامة دولة مستقلة، خاصة بعد اللقاء الذي جمع مسعود البارزاني بنائبي رئيس الجمهورية إياد علاوي، وأثيل النجيفي، يوم السبت 7/10/2017، حيث دعوا إلى ضرورة إلغاء إجراءات الحصار على الإقليم، وإجراء مباحثات بين حكومة المركز والإقليم.
أمَّا الدول الأخرى؛ فإنَّ تركيا وإيران هما اللتان تتخوفان من إقامة دولة كردية وذلك لوجود الكُرد في المناطق المحاذية لإقليم كردستان العراق، وهناك تمرد كردي قوي في تركيا، وبصورة أقل في إيران، لذلك نجد الدولتين تصرحان باستمرار برفضهما لإقامة دولة للكُرد في العراق.
أمَّا الدول الاستعمارية فكلُّها مع تفتيت البلاد، ولكن الخلاف بينهم أنَّ لكل منها مصالح تختلف عن الأخرى، فأمريكا مثلاً منذ التحضير لاحتلال العراق بعد أحداث 11/9، وهي تفكر في تقسيم العراق، والذي أغاظها هو التوقيت الذي لا يخدم مصالحها، أمَّا بريطانيا فإنَّها صرحت منذ البداية مؤيدة للاستفتاء على إقامة دولة كردية، وحذت فرنسا حذوها بعد إعلان نتائج الاستفتاء، في محاولة لإحراج أمريكا التي لم تجد حلاً لسوريا حتى تتفرغ للعراق الذي لا يزال يعاني من بقايا تنظيم الدولة في بعض مناطقه!!
إنَّ حالة التفكك التي يعاني منها العراق وبلاد المسلمين جميعاً وتقسيمها على قياسات تخدم مصالح الغرب يرجع سببه إلى بُعْد المسلمين عن أحكام دينهم، وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية؛ لذا فالأمة تفتقر إلى إمام عادل يأخذ بيدها لتنهض وتكون دولة مبدئية تقارع دول العالم، وتوحد بلاد المسلمين ولا تفرقها، وتمنع الكفار من التدخل في شؤونها، دولة تكون مهابة من العالم كلِّه؛ لأنَّها تطبق الإسلام في الداخل وتحمله بالدعوة والجهاد إلى الخارج، وعند ذلك يكون إمام هذه الدولة «جُنَّةٌ؛ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ»، وعند ذاك لا يبقى وجود لأمثال البارزاني وحيدر العبادي، ولا سيسي مصر وبشار سليل الإجرام، إنَّها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
رأيك في الموضوع