(مترجم)
إن مسلمي الروهينجا في بورما عانوا لأكثر من نصف قرن من القمع المنظم والمنهجي على يد السكان البورميين وجيش بورما. وإن البورميين وبالأخص البوذيين أساؤوا معاملة مسلمي الروهينجا وبدؤوا بعمليات مختلفة ضدهم طوال هذا الوقت.
وقد بدأت معظم هذه العمليات بعد أن تولى الجنرال (ني وين) السلطة في ميانمار منذ عام 1962. وكانت الكراهية ضد المسلمين نقطة انطلاق هذه المحرقة التي استمرت دون توقف على مدى العقود القليلة الماضية.
وفي عام 1978، أطلق الجنرال بشكل رسمي عملية تطهير عرقي ضد مسلمي الروهينجا وما زالت مستمرة منذ ذلك الحين. ومن أجل ضمان حرمان الروهينجا من حقوقهم في البلاد، تم سن قانون التابعية الجديد في عام 1982 الذي ألغى الاعتراف بالروهينجا كرعايا بورميين. وأدى ذلك إلى فرض قيود على السفر والحصول على التعليم والزواج والرعاية الصحية لمسلمي الروهينجا.
إن ما نراه اليوم هو استمرار للتعذيب المنهجي الذي تعرض له مسلمو الروهينجا في بورما. وخلال هذا الوقت لقي العديد منهم مصرعهم على يد البوذيين القمعيين وهرب الكثيرون إلى دول مجاورة مثل بنغلاديش وماليزيا والهند.
إن الهروب ليس خياراً سهلاً للمسلمين البورميين لأن الجيش البورمي يتمكن منهم بإطلاق النار عليهم أثناء هروبهم، وحتى في بعض الحالات التي نجوا فيها وتمكنوا من عبور الحدود إلى البلدان المجاورة لم تكن المعيشة ميسرة في تلك البلاد. ومع انتشار قوات الأمن على الحدود ووجود الذين يتاجرون بالبشر؛ فإن ذلك قد جعل من اللاجئين فريسة سهلة، فالعيش عبر الحدود أكثر صعوبة بمراحل منه في بورما.
ويندر ما تحصل أسرة بورمية لاجئة على فرصة للوصول إلى وجهتها في البلدان المجاورة بجميع أفرادها. وفي بلدان كالهند، لعب الذين يتاجرون بالبشر في مثل هذه الحالات دوراً سيئاً، حيث قام العديد منهم باختطاف الروهينجا الضعفاء، ومعظمهم من الشابات اللواتي يتم بيعهن بعد ذلك في جميع أنحاء البلاد ليعملن في الأعمال المنزلية وفي بعض الأحيان يتم استغلالهن في التجارة الجنسية.
وعلى الرغم من المصاعب التي يواجهونها، إلا أنه بسبب دعم المسلمين في الهند، اختار العديد من الروهينجا البحث عن ملجأ لهم فيها مع أكثر من 40.000 من الروهينجا سافروا إلى الهند خلال السنوات العشر الماضية ووضعوا هناك كلاجئين. وقد قبلت وكالات الإغاثة الدولية عدداً كبيراً منهم كلاجئين، كما قامت بمساعدتهم بطرق شتى. ومع ذلك، ومع موجة القتل الأخيرة التي بدأها الجيش البوذي في بورما، أعلنت الحكومة الهندية التي سكتت حتى الآن عن مسألة مسلمي الروهينجا، أعلنت أنها تخطط لترحيل 40.000 من الروهينجا لأنهم مهاجرون غير شرعيين، وبالتالي فهي مسؤولة عن ترحيلهم. وكان هذا خلال الوقت الذي زار فيه رئيس الوزراء الهندي بورما والتقى بنظيرته أونغ سان سو كي.
وما يجبر المرء على التفكير هو الموقف الهندي في هذا السيناريو. فإن الهند قد كررت مراراً وتكراراً دعمها ومساعدتها للهندوس والسيخ الذين يرغبون في الانتقال إلى الهند وعرضت عليهم تسريع عملية حصولهم على الجنسية الهندية، وفي الوقت نفسه أبدت عدم اهتمامها بمسلمي الروهينجا، فهي تسعى إلى ترحيل كل من لجأ منهم إلى الهند. إن المعايير المزدوجة التي تلعبها الهند باتت واضحة؛ فهي تستند لمعيار مع الهندوس وآخر مع المسلمين. وينبغي لهذه الحوادث أن تفضح حقيقة ما يسمى بالنظم العلمانية وتعرض الوجه الحقيقي للنظام العلماني الذي لا يمنح حقوقاً متساوية لجميع رعاياه. وينبغي أن يكون دليلا لمن يمعن التفكير بأن النظام الليبرالي العلماني هو نظام فاشل أدى إلى عدم الاستقرار ونشر الظلم في المجتمع.
وهناك درس عميق للمسلم المخلص في ما يجري في بورما ولمن يبحث عن حل للوضع الذي تعيشه الأمة. وهو فهم حقيقة البوذيين في بورما الذين يتبعون الدين الذي يسعى لنشر اللاعنف، ولكن على الرغم من تعزيزهم لهذه الفكرة لآلاف السنين إلا أنهم أصبحوا متعطشين لدماء مسلمي الروهينجا. وهم يعبرون عن ذلك بجرأة لأنهم لا يخشون من العواقب، ولا يخشون صلاح الدين الأيوبي الذي سيقاتل من أجل المسلمين أو محمد الفاتح أو السلطان بيبرس.
إن خوفهم فقط هو من وجود قائد مخلص يرعى شؤون الأمة، وهو الخليفة المسلم الذي سيقف على حقوق المسلمين، ويذكّر البورميين وجميع الطغاة والحاقدين على الإسلام والمسلمين بأن القمع وإساءة معاملة المسلمين هو أمر لن يكون مقبولاً، وأن الخليفة لن يتردد ولو للحظة في تسيير جيوشه لحماية ورعاية المسلمين أينما كانوا سواء في الهند أو بورما أو الصين أو في أي بلد آخر يتعرض فيه المسلمون للاضطهاد.
بقلم طلحة حسن – الهند
رأيك في الموضوع