عقدت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة اجتماعاتها السنوية من 19-25 أيلول/سبتمبر في نيويورك على مستوى زعماء الدول الأعضاء أو ممثليهم يلقون الخطابات حول قضاياهم وقضايا العالم. والدولة العضو تعتبر مشروعة ومعترفاً بها دوليا، ويبلغ عددها 193 دولة. ويحضر هذه الاجتماعات حكام الأنظمة المتسلطة في البلاد الإسلامية والتي اعترفت بهم المنظمة، نحو 55 دولة أقامها المستعمر على أنقاض الدولة الإسلامية الواحدة التي هدمها والتي كانت مترامية الأطراف دامت 13 قرنا ونيفاً، كانت تنشر الهدى وتدير شؤون العالم بعدل الإسلام ورحمته.
فكانت كلمات هؤلاء الحكام وممثليهم حول القضايا التي تحدثوا فيها ضمن ما أملاه الغرب عليهم وما يروجه من حلول وما يطلقه من شعارات: محاربة (الإرهاب والتطرف)، وحل الدولتين في فلسطين، وحل قضايا ليبيا واليمن وسوريا، وقضية الصحراء المغربية... وغيرها حسب قرارات مجلس الأمن، وما عقدته الدول الكبرى من اتفاقات كاتفاق الصخيرات وجنيف. فأصبحت الأمم المتحدة هي الشرعة التي يحتكمون إليها وينصاعون لقراراتها ويشتكون إليها على بعضهم بعضاً بدلا من أن يتحاكموا إلى كتاب الله وسنة رسوله e!
فوزير آل سعود، الجبير، طلب في خطابه تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة (بالإرهاب) على قطر...
وأمير قطر شكى الدول التي تقاطعه وأكد أنه مع المشاريع الأمريكية في مكافحة (الإرهاب والتطرف)، وحل الدولتين في فلسطين واتفاق جنيف حول سوريا...
والسراج ممثل ليبيايستجدي الأمم المتحدة لتقديم خطة عمل وإطار زمني واضح للمرحلة القادمة...
وممثل الإمارات، وزير خارجيتها ابن زايد يطلب زيادة الرقابة على برنامج إيران النووي...
والرئيس الإيراني روحاني يطالب بعدم المساس بالاتفاق النووي الذي وقعته بلاده مع الدول الكبرى، وكان اتفاقا استسلاميا ومذلا لإيران؛ حيث أوقف نشاطها لتطوير قوتها ومع ذلك يدافع عنه! وقال إن "أزمات سوريا واليمن والبحرين ليس لها حلول عسكرية ولا يمكن تسويتها إلا بوقف القتال وقبول إرادة وآمال الشعوب"، علما أن قواته تشارك في القتال ضد آمال الشعب السوري وتعمل على كسر إرادته، دفاعا عن عميل أمريكا بشار أسد ونظامه العلماني الكافر!...
وعباس ممثلا لفلسطين دعا إلى إنهاء احتلال يهود لأرض (دولة!) فلسطين مختزلاً إياها في الضفة وغزة وقال "نحن نستطيع أن نتعايش إلى الأبد" مع المغتصبين اليهود، واجتمع مع سيده ترامب مستجديا عدو الإسلام مدعيا بأنه "سيأتي بصفقة العصر في الشرق الأوسط"، متوهما أنه سيحقق له حلمه بدويلة! واستخدم مصطلح ترامب "تجفيف المستنقع" تعبيرا عن الصراع في المنطقة وأنه "سيكون له عظيم الأثر في محاربة ظاهرة (الإرهاب) وحرمان التنظيمات (الإرهابية) من أهم الأوراق التي تستغلها لتسويق أفكارها الظلامية"، ويشير بذلك إلى من يدعو إلى الإسلام والجهاد لتحرير فلسطين ليرضي أعداء الله...
وحاكم مصر السيسي يطلب من الشعب الفلسطيني "الاستعداد لقبول التعايش مع الآخر، مع (الإسرائيليين) في أمان وسلام"، أي الاستسلام للعدو والتسليم بما اغتصب وسلب! والتقى مع العدو نتنياهو متذللا له بأنه يسعى لتأمين الاستقرار والأمن لكيان يهود بدعوته إلى "تسوية نهائية وعادلة من أجل توفير واقع جديد في الشرق الأوسط تنعم فيه جميع شعوب المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية". فقد سلّم بوجود يهود وكيانهم في فلسطين، ولم يعتبرهم غرباء ومغتصبين لفلسطين، ولم يقل بوجوب تحرير فلسطين من دنس يهود، بل يطلب التعايش معهم في أمن وسلام! هكذا، فهو يعلن خيانته لله ولرسوله وللمؤمنين كباقي حكام البلاد الإسلامية. وتطرق إلى التصدي (للإرهاب) إرضاء للكفار ومدعيا كذبا أن "المخرج الوحيد لأزمات المنطقة العربية هو التمسك بالدولة الوطنية التي تحترم حقوق الإنسان وترفض المذهبية والتطرف"، متناسيا ما فعلته دولته الوطنية وكافة الدول الوطنية التي تسحق الإنسان وتهينه وتذلّه وتسلب حقوقه وإنسانيته، ويدّعي أنه مسلم فلا يقول بوجوب تطبيق نظام الإسلام الذي يحترم الإنسان ويمنحه حقوقه ويحول دون الحروب المذهبية والقومية. ويدعو إلى الحلول الأمريكية في ليبيا وفلسطين وغيرها...
وأردوغان تركيا بعدما أعلن أن ملف مسلمي أراكان على رأس أجندته في الأمم المتحدة، يعلن من هناك أنه سيرسل ألف طن من المساعدات لمسلمي الروهينجا ومن ثم يرسل فيما بعد 10 آلاف طن، فينطبق عليه المثل "تمخض الجبل فولد فأرا". فلن يرسل أي جندي ولن يقطع أية علاقة مع ميانمار ولكنه كما قال "سيحث حكومتها على حل المسألة على أرضية إنسانية"! فيطلق التصريحات النارية في كل بداية أية مشكلة ومن ثم ينفّس كالبالون ليمتص مشاعر الناس على عادته، أي يركب الموجة ومن ثم لا يفعل شيئا ويخذل المسلمين ويسلمهم لعدوهم كما فعل في سوريا وفلسطين وحادثة الطائرة مع روسيا وأذربيجان، والآن يفعل في ميانمار...
ورئيس لبنان "عون" الحريص على طائفيته يعتبر "توطين الفلسطينيين في لبنان جريمة كجريمة تهجيرهم وهم يعيشون في لبنان منذ 69 عاما" في مخيمات مزرية ومحرومين من كافة الحقوق، علما أن لبنان هي وطنهم كفلسطين، لهم الحق في الإقامة فيه والعمل على تحرير فلسطين مع أهلها المسلمين كافة، وخاصة العمل معا على إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ستعلن الجهاد فينضموا إلى مسيرة التحرير...
إن الأمم المتحدة أسستها الدول الاستعمارية الغالبة في الحرب العالمية الثانية لتملي سياساتها وقراراتها على الدول المغلوبة وغيرها، فأسست مجلس أمنها من أجل ذلك، وجعلت لنفسها الحصانة بحيث جعلت لنفسها حق الفيتو فلا أحد يستطيع أن يتخذ ضدها قرارات فهي تنقضها. فالانتماء لها والاحتكام إليها باطل. عدا ذلك فإن قراراتها لم تكن في يوم من الأيام لصالح المسلمين وبلادهم، بل كلها مليئة بالتآمر عليهم، وهي سبب البلايا في فلسطين، كيف لا وصاحب القرار هو العدو؟!
إن الأمم المتحدة منظمة ظالمة مجرمة تتحكم فيها دول كبرى استعمارية تعتبر الإسلام عدوها الأول ولا تسمح لحوالي ملياري مسلم أن يقيموا دولتهم ويحكموا أنفسهم بشريعتهم الإسلامية، فتعتبر ما ورثته من اتفاقيات بين الدول النصرانية في أوروبا للوقوف في وجه الدولة الإسلامية أساسا للقانون الدولي الذي تحتكم إليه. فهي لا تستحق أن تكون مرجعية ولا الثقة بها، فهي تعمل على تنفيذ قراراتها بالقوة على من تريد وتمتنع عن تنفيذها عمن تريد. فنفذت قراراتها على بلاد المسلمين في العراق وأفغانستان والصومال ومالي وليبيا وغيرها وعلى الدول الإفريقية الفقيرة، فكانت قراراتها وبالاً على المسلمين وبلادهم وعلى فقراء العالم... فيجب لفظها والخروج منها. إن الحل الصحيح هو حلّ الأمم المتحدة وبناء منظمة تقوم على الأعراف المتفق عليها من دون التدخل واستعمال القوة، بل تلتزم كل دولة أدبياً بتلك الأعراف وإذا خالفت دولة تلك الأعراف يُثار ضدها الرأي العام. وسوف تعمل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على تحقيق ذلك فينعم الناس بالأمن والأمان وعدل الإسلام.
رأيك في الموضوع