(مترجم)
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن 755 من موظفي السفارة الأمريكية "يجب أن يوقفوا نشاطهم في الاتحاد الروسي" اعتبارا من الأول من أيلول/سبتمبر. ويأتي هذا التصعيد في التوتر الدبلوماسي بعد توقيع ترامب على مجموعة جديدة من العقوبات على روسيا، والتي أقرها الكونغرس بأغلبية ساحقة من الجمهوريين والديمقراطيين، واضطر ترامب لقبول قرارهم. واشتكى ترامب في الثالث من آب/أغسطس من أن العلاقة بين أمريكا وروسيا "متدنية بشكل دائم وخطير". ومع ذلك، فإن الأمور ليست كما تبدو، والعلاقات بين مختلف فروع الحكومة في أمريكا أضعف من العلاقات الأمريكية-الروسية. وعلاوة على ذلك، فإن للعقوبات الأمريكية ضد روسيا هدفاً خفياً.
واحتقر ترامب قرار الكونغرس للعقوبات الجديدة، قائلاً: "بإمكانكم شكر الكونغرس، الأشخاص الذين لا يستطيعون حتى أن يقدموا لنا الرعاية الصحية!" وقد رد أعضاء الكونغرس من حزبه، مثل السيناتور بوب كوركر ورون جونسون، أن على ترامب لوم بوتين؛ "الدكتاتور القاتل الذي هاجم ديمقراطيتنا"، كما قال الممثل آدم كيزينجر. إن عدم ثقة الكونغرس بروسيا تاريخية، والتي تغيرت قليلا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، ولكن يبدو أن ثقة أعضاء الكونغرس برئيسهم ضعيفة، وهذا هو سبب إصدار الكونغرس لتشريعات لوقف ترامب من تحسين العلاقات مع روسيا بشكل علني. العلاقات سيئة جدا بحيث نشر السيناتور جيف فليك الأسبوع الماضي مقتطفا من كتابه القادم، وصف فيه التحالف الجمهوري مع ترامب بأنه "صفقة مع الشيطان". وبعد تمرير الكونغرس لمجموعة العقوبات الجديدة، قال السيناتور تيم سكوت "نحن نعمل من أجل الشعب الأمريكي. نحن لا نعمل من أجل الرئيس".
كما قدم الكونغرس مشروعي قانون لوقف ترامب من التدخل في التحقيق القضائي لروبرت مولر في علاقات ترامب مع روسيا. وقال جون ثون، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري الكبير: "أعتقد أنه من المهم أن يؤكد الكونغرس سلطاته بموجب الدستور وأن يكون فرعا متساويا من الحكومة". إن التوتر بين إدارة ترامب والكونغرس يشبه التوتر مع السلطة القضائية وأجهزة المخابرات، ويدعي ترامب ومؤيدوه أن هناك مؤامرة ضد الإدارة الجديدة. وأعلن زعيم مجلس النواب السابق نيوت جينغريتش "إنني أعتبر مثال مولر كأنها دولة عميقة في أسوأ حالاتها وهذا يقلقني. وهو ما يتناسب مع الحالة برمتها التي رأينا فيها وزارة العدل في بعض الأحيان خارجة عن السيطرة". إن الصراع الداخلي المستمر بين فروع الحكومة الأمريكية وبين موظفي البيت الأبيض واستمرار التسريب للمعلومات الحساسة حول ترامب يشير إلى أن السياسة الأمريكية تبدو وكأنها صفقة بين الشياطين. وتتركز المشاكل حول العلاقة الأمريكية مع روسيا، ومع ذلك، وعلى الرغم من الضجيج والعقوبات والأعمال الانتقامية الدبلوماسية المتبادلة، يبدو أن روسيا وأمريكا تعملان كاليد الواحدة بطرق عدة.
كانت أمريكا منذ إدارة أوباما، تنسق ضد الثورة في سوريا، وقد ازداد هذا مع توقف وكالة الاستخبارات المركزية دفع المال القذر لبعض فصائل الثورة. كما عينت أمريكا ممثلا خاصا في أوكرانيا، كورت فولكر، سعيا للتوصل إلى حل للتوتر مع روسيا في أوكرانيا، وأقر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بالقول على قناة (Rossiya24)التلفزيونية الروسية "إننا مهتمون برؤية انطباع المبعوث الخاص لأمريكا حول الوضع الراهن". وقال لافروف أيضا إن محادثاته في الاجتماع الآسيوي الذي عقد في مانيلا الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية الأمريكية تيلرسون كان مطولا وغطى مجموعة واسعة من الموضوعات، من القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية إلى خطط التنسيق بين روسيا وأمريكا لمواجهة الهجمات. وبينما يستمر التنسيق مع روسيا، يشعر بعض حلفاء أمريكا في أوروبا بالتهديد من أمريكا.
فقد طلبت وزيرة الاقتصاد الألمانية بريجيت زيبريز من المفوضية الأوروبية بحث التدابير المضادة المحتملة ضد أمريكا، بعد فرض عقوبات على روسيا والتي من المحتمل أن تضر بالشركات الأوروبية، حيث قالت: "لا يستطيع الأمريكيون فرض العقوبات على الشركات الألمانية لأنهم يعملون اقتصاديا في بلد آخر.هناك شركات للغاز الطبيعي والبترول". وفي حزيران/يونيو، أصدرت ألمانيا والنمسا بيانا مشتركا ذكر فيه: "إن إمدادات الطاقة في أوروبا مسألة تخص أوروبا وليس أمريكا". إن أمريكا والاتحاد الأوروبي يتنافسان مع بعضهما بعضا لاستهداف العقوبات ضد روسيا (افتراضياً) والتي تضر حليفهم المفترض، في حين ترك مجال لشركاتهم الخاصة لاستغلال النقص المترتب على المنافسة. وقد سخرت (وكالة سبوتنيك الإخبارية) الروسية من رد الاتحاد الأوروبي على عقوبات أمريكا في السادس من آب/أغسطس، تحت عنوان: ("سوف تحتل الشركات الأمريكية مكانة جديدة بلا خجل" في الأسواق الروسية عقب عقوبات الاتحاد الأوروبي). إن أمريكا تضر الاتحاد الأوروبي أكثر بكثير من ضررها لروسيا، وهذا لا يبدو مصادفة.
رأيك في الموضوع