الصراع في ليبيا هو صراع بين بريطانيا صاحبة النفوذ القديم والمتمثل حاليا في المجلس الرئاسي الليبي وأمريكا التي تزاحمها بقوة عن طريق عميلها خليفة حفتر، إلا أنه من الواضح أن حفتر لا يملك القدرة على مجابهة رجالات بريطانيا وحده هناك، وقد لقي جراء ذلك ضربات موجعة كادت تخرجه من المعادلة بالكلية لولا الدعم المصري المتواصل، فالنظام الذي يطمع في نيل رضا السادة في البيت الأبيض لن يتوانى عن تقديم القرابين التي ترضيهم ويسيل لها لعابهم، وليس أيسر عليه من تبني رؤيتهم وحمل رايتهم في حربهم على الإسلام والمسلمين وسعيه لتحقيق مآربهم في التوسع على حساب نفوذ الإنجليز في المنطقة، خاصة مع صعود ترامب للسلطة وما أعلنه من عداء واضح وسافر للإسلام والمسلمين ولكل ما يمت للإسلام بصلة، وما يتبناه من سياسة عنجهية متعالية في التعامل مع الشركاء القدامى.
يختلف السادة في الغرب الكافر، سواء أكان خلافهم على مناطق النفوذ أم على اقتسام المصالح أم الحصول على حصص منها، فيختلف العملاء ويتراشقون ويتقاتلون فتسفك دماؤنا قربانا على أعتاب السادة لتأمين مصالحهم وبسط نفوذهم!!
لم تكن هذه الهجمات هي الأولى لمصر على ليبيا، فقد كانت هناك هجمات شباط/فبراير 2015، التي سبقها إعدام 21 قبطيا في ليبيا على يد تنظيم الدولة، تلك الذريعة التي تتخذها أمريكا وعملاؤها مبررا للتدخل في البلاد وتثبيت أو توسيع مناطق نفوذهم والبطش بمعارضيهم، وهذا ما أثبتته الهجمات الأخيرة على ليبيا بعد حادث المنيا الذي تبناه تنظيم الدولة، فقد قال مسؤولون مصريون وليبيون إن الضربات استهدفت معسكرات ومخازن أسلحة تابعة لمجلس شورى مجاهدي درنة. من بين المناطق التي استهدفت المدخل الغربي لدرنة والظهر الحمر في الجنوب والفتائح وهي منطقة تلال على بعد نحو 20 كيلومترا من المدينة، وتقاتل قوات موالية لحفتر مجلس شورى مجاهدي درنة منذ فترة طويلة وقطعت طرق الإمداد للمدينة وتستهدفه بضربات جوية من حين لآخر. وعلى الرغم من الحصار الذي يفرضه الجيش الوطني الليبي فإن الموقف العسكري في درنة يشوبه الجمود منذ شهور، ويلمح كثيرون إلى أن الضربات الجوية خطط لها مسبقا لزيادة الدعم لحليف السيسي الرئيسي في ليبيا القائد العسكري خليفة حفتر وما يعرف بالجيش الوطني الليبي الذي يقوده، ويرون أن هجوم المنيا اتخذ ذريعة لشنها على حسب ما نشرته وكالة رويترز على موقعها في 31/5/2017م وقد أثار تصريح لرئيس الأركان المصري أكد فيه أنه حصل على «تفويض» من قائد الجيش الليبي، الجنرال خليفة حفتر، للتدخل البري في مدينة درنة، أثار جدلاً كبيراً في ليبيا، حيث دعا البعض إلى محاكمة حفتر، فيما دعا آخرون إلى مواجهة الانتهاك المتكرر للسيادة الليبية من قبل الجيش المصري.
كما قلنا سابقا هي صراعات بين السادة يتناحر فيها العملاء وتراق فيها دماء أبناء الأمة، فلا السيسي تعنيه الدماء التي أريقت ولا الثأر لها، ولا النخب الليبية التي تبكي على انتهاك سيادتها تعنيهم تلك السيادة أو تؤرقهم الانتهاكات.
فالسيسي هو ورقة تلعب بها أمريكا وتوظفها لبسط نفوذها على ما يستطيع في الداخل الليبي وهو لا يدخر جهدا في بذل أموال مصر ودماء شبابها في سبيل تنفيذ سياسات أمريكا في ليبيا وبسط وتثبيت نفوذها هناك، وقد سبق لحزب التحرير من خلال بعض الأجوبة لأميره العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أن بين حقيقة الصراع والدور الذي يقوم به النظام المصري لصالح أمريكا فهو يتبنى رؤيتها في حربها على الإسلام ونعته بـ(الإرهاب) ويحارب معها ويحمل رايتها؛ فالمواقع التي قصفتها الطائرات المصرية في ليبيا وكما ورد في تقارير لرويترز خرجت عن حكومة الوفاق الوطني الليبي بعضها تابع لحكومة السراج وبعضها معارض لحفتر، فغاية السيسي ومن خلفه أمريكا هي دعم عميلها حفتر بكل الوسائل والقضاء على معارضيه ووأد الحراك الثوري في شرق ليبيا على الأقل في هذه المرحلة وحتى إشعار آخر.
يا جند الكنانة! إنه لمن العجيب أن يأمن كيان يهود من غاراتكم وقصف طائراتكم ولا يأمن منها إخوانكم الصائمون القائمون في ليبيا!! والأعجب أن تقتلوا إخوانكم بأيديكم وبدم بارد خدمة لسياسات عدوكم الذي يمكر لكم!!
أيها الضباط والجنود! إن هذه الدماء التي تسفك بسلاحكم هي دماء إخوانكم وأهليكم والله سائلكم عنها يوم القيامة وسيتعلق القتلى برقابكم؛ يقول الواحد منهم مخاطبا الله عز وجل يا رب سل هذا فيم قتلني؟ فجهزوا إجابتكم من الآن وجهزوا ما تفتدون به أنفسكم وقد مست أيديكم الدم الحرام وأوغلت فيه، فسارعوا بتوبة لله نصوح عسى الله أن يتقبلكم، واخلعوا عنكم ولاء حكام عملاء يسوقونكم كما تساق الخراف لخدمة مصالح سادتهم في الغرب الكافر، وأقيموها مع إخوانكم في حزب التحرير خلافة على منهاج النبوة ترضي ربكم وتعيد عزكم ومجدكم وتوجه سلاحكم وجهته الصحيحة التي يجب أن يكون عليها نحو أمريكا وأوروبا وعملائهم وكيان يهود فتقضي على التبعية وتنهي عقود استعمار بلادنا ونهب ثرواتنا وخيراتنا.
أيتها الجيوش الرابضة في ثكناتها والتي إن تحركت لا تتحرك إلا لقمع شعوبها! ألا فلتعلموا، فالأمر جد لا هزل فيه؛ إنكم مسؤولون ولن يغني عنكم هؤلاء الحكام شيئا، بل سيكونون أسرع للبراءة منكم وحينها لن ينفعكم الندم ولن يغني عنكم الصراخ، وإنا والله لكم ناصحون ولخيركم عاملون، ألا فشدوا يدكم على أيدينا نعلنها معا خلافة على منهاج النبوة تنجيكم في الدنيا والأخرة فتروا في دنياكم عز الإسلام وعز دولته وتنعموا بخيراتها التي ينهبها عدوكم ويلقي لكم بفتاتها وتنعموا في الآخرة بالدرجات العلى والنعيم المقيم وكفى بالزحزحة من النار فوزا عظيما... نسأل الله لنا ولكم الجنة ونعيمها ونصرا في الدنيا يبلغنا أعالي الدرجات فيها وستذكرون ما نقول لكم ونفوض أمرنا إلى الله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
بقلم: عبد الله عبد الرحمن*
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع