أعلن صباح يوم السبت 08/10/2016 عن نتائج الانتخابات التشريعية، وكما كان متوقعاً، فاز حزب العدالة والتنمية بأغلبية المقاعد، متبوعاً بحزب الأصالة والمعاصرة.
وقد كانت النتائج كالتالي: حزب العدالة والتنمية 129 مقعدا، حزب الأصالة والمعاصرة 103 مقعدا، حزب الاستقلال 40 مقعدا، التجمع الوطني للأحرار 39 مقعدا، الحركة الشعبية 26 مقعدا، والحزبان الأخيران كانا مشاركين في الحكومة، أما أحزاب اليسار فلم يتجاوز نصيب حزب الاتحاد الاشتراكي 19 مقعدا، بينما حزب التقدم والاشتراكية فقد حصل على 10 مقاعد، أما فيدرالية اليسار الديمقراطي، المشكلة من ثلاث أحزاب هي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد، فحصلت على مقعدين اثنين فقط. فباستثناء حزب العدالة والتنمية الذي تقدم مقارنة بنتائج انتخابات 2011 بـ 18 مقعدا وحزب الأصالة والمعاصرة بـ 55 مقعدا فإن باقي الأحزاب ذات البال المشاركة في الحكومة أو عدم المشاركة قد تراجعت.
وقد بلغت نسبة المشاركة 43% من عدد المسجلين باللوائح الانتخابية والذين يبلغ عددهم 15 مليوناً و702 ألف و592 ناخبا وناخبة. وباحتساب نسبة المشاركة ممن يحق لهم فعلا التصويت والذين يقارب عددهم 28 مليونا فإن نسبة المشاركة الفعلية هي حوالي 24% وعدد المقاطعين 21 مليونا ونصف المليون.
لقد أثبتت هذه الانتخابات مرة أخرى لكل ذي عينين ما ظللنا نكرره دائماً وهو:
- أن أغلبية أهل المغرب غير معنيين بالانتخابات، وأكبر دليل على ذلك نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات، والتي لم تتعد 24% باحتساب عامة من يحق لهم التصويت وليس فقط عدد المسجلين، أي أن 4 من كل 5 أشخاص ممن يحق لهم التصويت لم يشاركوا. أما إذا احتسبنا عدد الأصوات الملغاة وقدرناه في عدد البطاقات الملغاة لانتخابات 2011 أي في حوالي 1,4 مليون بطاقة فإن عدد المقاطعين الفعليين يقارب 22 مليوناً و800 ألف، ونسبة المشاركة الحقيقية حوالي 18,57%.
- رغم كل الزخم الذي أبداه المخزن (الدولة) لدعم حزب الأصالة والمعاصرة فإنه لم يستطع الفوز كما أريد له، وهذا يدل على أن إرادة الأمة أقوى من إرادة الدولة. لقد أبدى حزب الأصالة والمعاصرة غباء سياسياً منقطع النظير تجلى في أمرين اثنين: الأول، اختيار أمين عام شبه أمّي كلما تحدث تحول إلى أضحوكة على مواقع التواصل الإلكتروني، والثاني، اختيار شعارات سياسية لا يمكن إلا أن يرفضها الشارع من مثل محاربة الإسلاميين وتقنين الحشيش ومن مثل تبني حركات معاداة الدين كالإفطار العلني في رمضان وحق اللباس القصير للنساء...، فكانت النتيجة أن نفر منه معظم الناس، ولولا الدعم اللامحدود الذي تمنحه الدولة لهذا الحزب لما كان له وجودٌ يذكر.
- على الرغم من كل ما يعاب على العدالة والتنمية فقد استطاع الفوز مجدداً، وهذا ليس نابعاً من قدرته على الإقناع، بقدر ما هو راجعٌ لحب الناس للإسلام وأهله وثقته فيهم دون سواهم، ونفورهم من العلمانيين ودعاة التحرر من الدين،
- لقد انهارت كل الأحزاب الأخرى بما جنت على نفسها نتيجة غياب أي قاعدة فكرية لها، وتورطها في الفساد والعبث.
- انهيار اليسار كان مدوياً، رغم قوة حضوره الإعلامي وكل الجعجعة التي استطاع إيجادها، ليعلم الجميع أن المسلمين لا يمكن أن ينساقوا وراء طروحات فكرية يشتمُّ فيها معادة الإسلام.
- كما أعلنت الدولة مراراً، فقد صيغ التقطيع والنظام الانتخابي بحيث لا يستطيع أي حزب الحصول على أغلبية مريحة تمكنه من تشكيل الحكومة وحيداً، وهذا ما حصل فعلاً، وسيضطر الحزب الفائز إلى خوض مفاوضات مع الأحزاب الصغيرة للحصول على الأغلبية المطلوبة لنيل ثقة البرلمان، مما يفتح الباب للأحزاب الخاسرة لابتزاز الحزب الحاكم ونيل أكثر من حجمها الحقيقي لتظهر مرة أخرى أكذوبة تمثيل الأكثرية التي يدعيها النظام الديمقراطي.
وفي الأخير، نقول، لا نتوقع حدوث تغيير حقيقي في مجريات الأمور، فحزب العدالة والتنمية معروفٌ بمجاراته للقصر (الحاكم الحقيقي) وخضوعه للأوامر، وسيستمر في تنفيذ ما يُطلب منه كما عهدناه مع بعض الهوامش الضيقة لحرية الحركة، وفي المقابل ستستمر الدولة في تأييد حزب الأصالة والمعاصرة من خلف ستار بل وبلا ستار، لتبقيه خياراً جاهزاً في حال أبدى الحزب الحاكم أي تمنع، وبعبعاً تضغط به عليه لمزيد من التنازلات.
إن هذه الانتخابات كما قلنا دوماً عبثٌ لن تغير شيئاً في واقع الناس ومعاناتهم، وسيستمر شقاؤنا إلى أن تُكلَّل بإذن الله جهود المخلصين بالنجاح، ويمن الله علينا بخلافةٍ راشدةٍ على منهاج النبوة تقيم فينا شرع ربنا وترفع عنا الضنك. نسأل الله أن يجعل ذلك اليوم قريباً.
رأيك في الموضوع