قدم مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إفادته إلى مجلس الأمن مساء الأربعاء الماضي 17/02/2016م عن الوضع في اليمن، وقد وردت في خطابه عدة نقاط أظهرت الأهداف والمرامي السياسية الخفية لدول الاستعمار الغربي من تأخير الحل السياسي في اليمن.
يأتي في مقدمتها فرض هيمنة القانون الدولي وجعله النافذ دون غيره رغم أنف أهل اليمن وإنْ أشقاهم، لأنه يكرس أطماع الدول المتصارعة فيه ويجعل لها مشروعية التصرف في اليمن من دون وجه حق. فقد ورد في الخطاب "إن احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي أمر أساسي حتى يتمكن اليمن من تخطي هذه الأزمة بعزم وسلام" و"ومن المهم أن يحظى موظفو الأمم المتحدة بحرية العمل والتحرك من دون شروط أو عوائق تؤثر على عملهم". ثم يليه التسويغ لتدخل الدول الاستعمارية الغربية عسكرياً في اليمن لفترة طويلة تحت مظلة محاربة الإرهاب والحفاظ على أمن المنطقة؛ فقد ورد في خطاب إسماعيل ولد الشيخ أحمد "لقد أشرت أكثر من مرة إلى التواجد المتزايد للتنظيمات الإرهابية، الأمر الذي يشكل خطرا طويل الأمد على اليمن والمنطقة ككل". وإغراء الأطراف المحلية المتحاربة في اليمن بإذكاء حدة القتال فيما بينها وجعلها تسعى لتحقيق مكاسب ميدانية لتقوية موقفها عند الجلوس إلى طاولة المفاوضات بالتلويح المستمر بأن الحل في اليمن سياسي وليس عسكريا، رغم مرور قرابة عام منذ اندلاع القتال مؤخراً في اليمن وسقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى جراءه، فقد قال ولد الشيخ أحمد "إن النزاع في اليمن سياسي. ولا يمكن للحل إلا أن يكون سياسياً"، بل ذهب ولد الشيخ أحمد في إفادته إلى الإفصاح عن تأخير موعد جولة المفاوضات التالية من المفاوضات لتبقى الأيدي على الزناد في جبهات القتال؛ فقد ورد في خطابه القول "بالرغم من بعض الخطوات الإيجابية، ما زال التباعد في وجهات النظر عميقا بين الجهات اليمنية، مما يدعوني إلى التريث في الدعوة إلى جولة جديدة من محادثات السلام". كما يتضح بشكل جلي أن أطراف الصراع الجاري في اليمن دولية بأيدٍ محلية تحت نظر ورعاية إقليمية، فقد ورد في خطاب إسماعيل ولد الشيخ أحمد "إن وقف الأعمال القتالية من جديد سوف يفسح المجال لمحادثات مقبلة واتفاقات تمهد لمرحلة انتقالية سلمية. وسوف أتابع العمل بشكل مكثف مع كل الجهات اليمنية والإقليمية والدولية للتوافق على ركائز الحل السلمي". كذلك يتفق الطرفان الدوليان "أمريكا وبريطانيا" المتصارعان في اليمن بالحفاظ على مؤسسات النظام وعدم انهيار الاقتصاد، فقد ورد في الخطاب "بالإضافة إلى ذلك، واصلت العمل من أجل التوصل إلى اتفاقيات من شأنها أن تحفظ مؤسسات الدولة التي يعتمد عليها اليمنيون" و"إن الالتزام بهذه التدابير وتطبيقها يتطلب دعما سياسيا متواصلا من جميع الأطراف بالإضافة إلى دعم المانحين السخي للتمكن من سد الثغرات وإدارة الأموال واتخاذ التدابير اللازمة، بما يساعد على استقرار الاقتصاد اليمني" .كما أن تفتيت اليمن إلى دويلات لم يعد خافياً وبدأ يظهر علانية بالتوطئة لإرسال قوات دولية على الحدود المزمع إقامتها بين فتاته الناتجة عن ذلك، فقد جاء في الخطاب "إن وقف الأعمال القتالية في اليوم الأول للمحادثات ترافق مع إنشاء لجنة خاصة للتهدئة والتنسيق تهدف إلى ترسيخ الالتزام بهذا الإعلان".
إن الدول الغربية الاستعمارية تتفق جميعها اليوم في الحرب على البلاد الإسلامية بدثار الحرب على الإرهاب، خصوصا بعد إخفاق أنظمة الحكم التي سلمت لها الحكم يدا بيد أو من وراء ستار عند نهاية فترة الاستعمار الأولى التي انتهت معظمها في النصف الثاني من القرن الماضي، وإخفاقها في الاستمرار بتطويع الشعوب التي تحكمها بأفكار الغرب الرأسمالي بعد سلخهم عن أفكار الإسلام وأنظمته.
إن دول مجلس الأمن لا يهمها الأرواح التي تزهق في اليمن، وإن أظهرت أسفها تصنعاً، فهي سبب الصراع الرئيس للنزاع فيه، بل إنها تسخر قتل الناس في اليمن وتشريدهم من بيوتهم لتطويعهم لما ستطرحه من حلول بعد أن تكون الحرب قد فتكت بهم فيخضعوا لتلك الحلول.
كما إن نشوب الحرب في اليمن ناتج عن الصراع الدولي عليه بين أمريكا وبريطانيا، فإن تعثر الحل السياسي المرتقب ناتج عن عدم رضاهما بالتقاسم الذي تم بتوقيع اتفاق السلم والشراكة الذي تم برعاية الأمم المتحدة وحصلت بموجبه أمريكا على جزء من النفوذ السياسي في اليمن بإشراكها الحوثيين في الحكم مما انتقص من نفوذ بريطانيا السياسي التي راوغ هادي لأمرها له بعدم تمكين الحوثيين من المشاركة الفعلية في الحكم.
تعمل أمريكا في صراعها مع بريطانيا في اليمن بواسطة الحوثيين وجناح "التصالح والتسامح" في الحراك الجنوبي، وتعمل بريطانيا المستميتة في الصراع ذاته لإبقاء نفوذها السياسي في اليمن بفريقي هادي و"شرعيته" وصالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام وجناح في الحراك الجنوبي المصنوع على بصيرة صالح، للانفراد بالسيطرة على اليمن مما جعل اليمن عرضة للحرب الدائرة فيه.
ستستمر دول الغرب الاستعمارية في اللعب دواليك من سوريا إلى اليمن ومن ليبيا إلى أفغانستان حتى توقفهم دولة الخلافة على منهاج النبوة التي سيقيمها حزب التحرير قريباً بإذن الله.
بقلم: المهندس شفيق خميس - اليمن
رأيك في الموضوع