إن الصراع في البوسنة الذي استمر لثلاثة أعوام ونصف قد شكل نقطة تحول في التاريخ الأوروبي بالنسبة لعدد الأرواح التي أزهقت منذ الحرب العالمية الثانية، لقد ارتكبت الفظائع في جميع الأطراف، ولكن المسلمين البوسنيين كانوا هم من تكبد الأسوأ من تلك الفظائع وخصوصًا المجازر التي وقعت في سربرينيتشا وسراييفو وأصبحت عنوانًا للصراع. ما بين نيسان/أبريل 1992 وكانون الأول/ديسمبر قتل ما يقارب من 100.000 إنسان وشرد ما يقارب 2.2 مليوناً آخرون في حرب كشفت عن عبارة "تطهير عرقي". أكثر من 50.000 امرأة معظمهن من البوسنيات تم اغتصابهن. اشتعلت الحرب بعد تفكك يوغوسلافيا الذي أدى إلى إعلان البوسنة الاستقلال عام 1992. بعدها تم حصار العاصمة سراييفو من قبل المليشيات الصربية المدعومة من الجيش الشعبي اليوغسلافي فيما عرف لاحقًا بأطول حصار في التاريخ الحديث. وفي أثناء الحصار قتل حوالي 100.000 شخص وجرح 50.000 آخرون. سقط على المدينة 300 قذيفة يوميًا وتهدمت آلاف الأبنية. وشهدت الحرب عودة مخيمات التعذيب الأوروبية إلى الوجود وبحسب جمعية لضحايا المخيمات فقد كان هناك 659 مخيمًا يديرها الصرب، لاقى فيها 30.000 شخصٍ حتفهم، وتم تعذيب وتجويع آلاف آخرين. معظم الضحايا دفنوا في مقابر جماعية في أماكن مختلفة من البلاد. ولكن الجريمة الأسوأ كانت في تموز/يوليو 1995 في بلدة سربرنيسا عندما حاصرت القوات الصربية شبه العسكرية، وتحت سمع وبصر قوات الأمم المتحدة الهولنديين، وقتلت أكثر من 8000 رجل وطفل مسلم في أفظع مجزرة في أوروبا منذ أيام النازيين.(وورلد بولتين)
: إن أفظع فعل في تلك الحرب هو التواطؤ الأوروبي في مأساة البوسنيين المسلمين وتشجيعهم للصرب على اقتراف جرائم الحرب. إن أوروبا والصرب خشوا إقامة البوسنيين لدولة إسلامية في وسط أوروبا وهذا ما دفعهم لارتكاب الجرائم الفظيعة تحت رعاية الأمم المتحدة. وقد كشف وزير الدفاع الهولندي السابق، جوريس فورهوفي، "إن الأمم المتحدة لو وفرت الدعم الجوي للقوات الهولندية العاملة في المنطقة الآمنة إبان الحرب في البوسنة لكان بالإمكان الحيلولة دون وقوع مذبحة سربرينيتشا". وأوضح فورهوفي، في حوار مع مراسل الأناضول، "أن اتفاقًا سريًّا بين بلدان التحالف الدولي آنذاك، حال دون تقديم الدعم الجوي اللازم للقوات الهولندية". وأشار أيضا "إلى أن الاتفاق السري عُقد بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، وأنه عثر على الاتفاق عندما كان يدقق وثائق أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية قبل عامين حول الحرب في البوسنة".. أما بالنسبة للتدخل الأمريكي فكان يستهدف الحد من التأثير الروسي السياسي في البلقان وليس مساعدة المسلمين كما يدّعي البعض.
رأيك في الموضوع