نشر موقع (رويترز، الثلاثاء، 17 شعبان 1440هـ، 23/04/2019م) خبرا جاء فيه: "قال جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض يوم الثلاثاء إنه سيتم الكشف بعد انتهاء شهر رمضان في حزيران/يونيو عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي طال انتظارها لكسر الجمود من أجل إيجاد حل للصراع بين كيان يهود والفلسطينيين.
وأدلى كوشنر، صهر ترامب وأحد معدي الخطة الرئيسيين، بهذه التصريحات خلال منتدى لمجلة تايم في واشنطن دون الخوض في تفاصيل".
الراية: تسعى إدارة ترامب جاهدة لتصفية قضية فلسطين كونها عائقا أمام مخططاتها للمنطقة، وحرصا منها على أمن كيان يهود وفق رؤيتها، إلا أن صفقتها هذه بغض النظر عن تفاصيلها محكوم عليها بإذن الله بالفشل؛ وذلك للاعتبارات التالية:
أولا: أن الإدارة الأمريكية قد سطحت القضية وجعلتها أشبه بصفقة تجارية، وهو سلوك يزيد من تعقيدها ولا يمكن أن يؤدي إلى حل، وما عجز عنه دهاقنة السياسة الأمريكية طوال عقود مضت لن ينجح به رئيس أرعن أو مستشار غرّ في السياسة.
ثانيا: أن قضية فلسطين هي قضية عقدية لدى الأمة الإسلامية، والأمة بموروثها الثقافي لا يمكن أن تتنازل عن شبر واحد من بلادها، فكيف لو كانت هذه البلاد هي الأرض المباركة مسرى رسول الله e؟! لذلك فلا صفقة ترامب ولا حل الدولتين ولا المبادرة العربية ولا غيرها قادرة على نزع الصفة الإسلامية عن كل فلسطين بقدسها وعسقلانها وصفدها وتل ربيعها، مهما تنازل حكام المسلمين العملاء ورضوا بالخنوع والتفريط.
ثالثا: طوال عقود خلت من سعي دول الغرب الاستعمارية لوضع حلول لقضية فلسطين، ورغم سعيها للحفاظ على كيان يهود، لأنه قاعدة متقدمة لهم في بلاد المسلمين وخنجرا مسموما في خاصرة الأمة، إلا أن تلك الحلول دائما ما اصطدمت مع يهود، لأن قادة هذا الكيان المسخ وفي ظل انبطاح وتآمر الحكام والأنظمة يرون الواقع الراهن أفضل من أي حل مهما كان شكله أو اسمه، ولما حاول رابين المضي فيما يسمى بعملية السلام كان مصيره القتل. والشارع اليهودي اليوم أكثر يمينية وتشددا مما كان عليه من قبل. ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾.
رابعا: لقد أثبتت الأحداث أن الاتفاقيات التي أبرمها حكام العرب مع كيان يهود لم تتعداهم إلى الشعوب، وبقيت الشعوب تتطلع لفلسطين على أنها محتلة، وبقيت ترى في كيان يهود كيانا محتلا، فلا اتفاقية كامب ديفيد ولا وادي عربة ولا أوسلو استطاعت تسويق هذا الكيان، لذا فمهما كانت نتائج هذه الصفقة فلن تغير من الواقع شيئا ولن يستطيع ترامب أن يحدث فجوة في التاريخ والجغرافيا والثقافة، لا سيما مع تنامي الوعي لدى الأمة واستحضارها لفلسطين في ثورتها ضد الحكام العملاء، وثوار الجزائر شاهد على ذلك.
لذلك وغيره، فصفقة ترامب محكوم عليها بالفشل بإذن الله، هذا إن لم تولد ميتة أصلا. ومع ذلك، ورغم كل الاعتبارات سالفة الذكر، فإنه لا يسقط عن كاهل الأمة وقواها واجب التحرك لإفشال صفقة أمريكا وحل الدولتين وجميع الحلول التصفوية، كما لا يسقط عن جيوشها واجب التحرك لتحرير فلسطين كاملة من رجس يهود المحتلين.
رأيك في الموضوع