أظهر تقرير صادر عن مؤسسة الإغاثة العالمية "أوكسفام" أن ثمانية أفراد فقط، جميعهم رجال، يمتلكون ثروة تعادل ما يملكه النصف الأفقر من سكان العالم، وطالبت المؤسسة بالعمل على تقليص دخل أولئك الذين يتصدرون القائمة. وأشار تقرير أوكسفام إلى أن التفاوت في الثروات أصبح أكثر اتساعا من ذي قبل مع وجود بيانات من الصين والهند تشير إلى أن النصف الأكثر فقرا من سكان العالم يمتلكون أقل مما كان مقدرا سابقا.
وقالت أوكسفام التي وصفت الفجوة بأنها "فاحشة" إنه إذا كانت البيانات الجديدة متاحة فإنها كانت ستوضح أنه في 2016 كان مجموع ما يمتلكه تسعة أشخاص يعادل ما يمتلكه 3.6 مليار شخص يشكلون النصف الأفقر من البشرية وليس 62 شخصا كما أشارت التقديرات حينئذ.
وطبقا لأحدث الحسابات فإنه في 2010 على سبيل المقارنة كانت الأصول المجمعة لأغنى 43 شخصا تساوي ثروة أفقر 50% من سكان الأرض. (CNBC عربية)
الراية: إن تقرير أوكسفام هذا شاهد جديد على فساد المبدأ الرأسمالي، وهو يبرز خطأ النظرية الاقتصادية الرأسمالية، التي اعتبرت أن المشكلة الاقتصادية سببها الندرة النسبية، وأن علاجها يكمن في زيادة الإنتاج أو ما يعرف بزيادة الإنتاج الأهلي دون النظر في توزيع الثروة على الأفراد، نعم إنه يبطل واقعياً نظرية الندرة النسبية التي تعتبر أن الموارد غير كافية لإشباع حاجات الناس، ليتضح أن موارد الأرض تكفي ساكنيها وتزيد لو وزعت توزيعا عادلاً، لكن مع وجود طبقة الرأسماليين الذين يزدادون ثراءً فاحشاً على حساب قوت البشر وأرواحهم فمن الطبيعي أن لا يبقى لملايين الناس كسرة خبز يقيمون بها أودهم.
وهذه النظرة الاقتصادية الباطلة، التي خلطت بين وسائل زيادة الثروة وبين توزيعها، تسبب المشاكل الاقتصادية المزمنة من مثل الركود والبطالة والفقر، كما سببت العديد من الأزمات الاقتصادية العالمية التي كان آخرها الأزمة الاقتصادية المالية عام ٢٠٠٨ والتي لا زالت بعض الدول تعاني من آثارها.
كما أن الرأسمالية أفرزت طبقة ممن يعرفون ببارونات المال والنفط، وهم أولئك المتنفذون في السياسة والاقتصاد ويديرون دفة الحكم في الدول الكبرى وفق مصالحهم دون الاكتراث بأرواح البشر أو لقمة عيشهم، مما يجعل استمرار الظلم الواقع على الناس مستمراً دون توقف بل هو في ازدياد مطرد يوماً بعد يوم.
إن شعوب العالم وثرواته، من وجهة النظر الرأسمالية، عبارة عن فريسة يتصارع عليها "مصاصو الدماء" الرأسماليون الذين يتغذون على ويلات الناس وشقائهم بل على دمائهم وقوت يومهم، وليس أمام العالم من سبيل للنجاة إلاّ بالتخلص من هذا المبدأ الوحشي الاستعماري، وتبني نظامٍ يحسن رعاية الناس ويقيم بينهم العدل، ويوزع الثروات عليهم فلا تكون دُوْلَةً بين الأغنياء منهم، ويكفل إشباع حاجات الإنسان الأساسية إشباعاً كليا لكل فرد مهما كان حجم الثروة، نظامٍ ينظر للإنسان بوصفه إنساناً لا ماكينة منتجة للمال أو سلعة قابلة للبيع والاستبدال، فيحفظ له كرامته ويصون عرضه وماله ودمه، ولن يتحقق ذلك إلا بمبدأ الإسلام ومشروعه الحضاري الذي بات أمل البشرية من جديد وسفينة نجاتها من ظلم الرأسمالية وظلماتها.
رأيك في الموضوع