إن الحكومات الغربية تعلم علم اليقين بسجل الإجرام الوحشي الذي يرتكبه نظام الطاغية كريموف ضد المسلمين في أوزبيكستان، ولقد سبق لمنظمات حقوق الإنسان أن وثّقت سياسات التعذيب المتبعة في سجون كريموف، بل لقد وصل الأمر بمنظمة الصليب الأحمر أن أعلنت عن وقفها لزيارات المعتقلين في سجون كريموف بسبب العراقيل التي وضعها نظام كريموف أمامها، فأعلن مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر السيد إيف داكورد Yves Daccord في 11/4/2013 رفضه لأن تكون اللجنة شاهدة زور على ممارسات زبانية النظام البشعة معلنا أن النظام يعرقل عمل اللجنة التي لم تتمكن من القيام بالزيارات. وكانت دول الاتحاد الأوروبي في أول 2009 تذرعت بأن النظام سمح للصليب الأحمر بإجراء زيارات للتحقق من ظروف المعتقلين في السجون لتلغي العقوبات التي فرضتها على نظام كريموف، وكانت تفضل لو أن منظمة الصليب الأحمر لم تفضح السجل الأسود لممارسات التعذيب في أوزبكستان. وقد وثّقت (لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب) في تقريرها في 14/11/2013 خروقات نظام كريموف المتكررة لإجراءات المعتقلين، بل وأعلنت أن هذه الخروقات هي سياسة متبعة من قبل النظام (أي ليست حوادث فردية منعزلة)، وشبّهت اللجنة ممارسات التعذيب في السجون بالأساليب التي استخدمت في عهد ستالين لانتزاع اعترافات المعتقلين واستخدامها لإدانتهم والحكم عليهم بأحكام جائرة، كما وثّقت حالات وفاة بعض المعتقلين من جراء التعذيب، ولجوء النظام إلى تمديد عقوبات سجن إضافية للمعتقلين تحت ذرائع واهية، وفضحت القضاء المزيف الذي هو أداة طيعة بيد النظام لفرض عقوبات جائرة، وكشفت أن توقيع نظام كريموف على المعاهدات التي تحظر تعذيب السجناء لا يساوي الحبر الذي وقع به، بل هو لتضليل الرأي العام وإيهامه بأن نظام كريموف يلتزم بالمواثيق الدولية.
إلا أن قادة الدول الأوروبية وأمريكا اعتمدوا سياسة "التطنيش" وصموا آذانهم عن سماع كل الحقائق الدامغة والمثبتة. وليس هذا بمستغرب، فالمبدأ الميكيافيللي الذي تقوم عليه سياساتهم يقوم على أن الغاية تبرر الوسيلة، وبما أن الغاية عند هؤلاء الحكام هي استعباد شعوبهم لصالح عصابة من المتنفذين من أصحاب المصالح الخاصة، فضلا عن اتباع سياسات استعمارية تهدف إلى نهب ثروات المستعمرات (التي مُنحت استقلالا صوريّاً)، فكل شيء مبرر عندهم، من دعم الطواغيت المجرمين في أوزبيكستان كما في سائر بلاد المسلمين، وقد فاحت رائحة فضائح السجون السرية للمخابرات الأمريكية وتواطؤ أجهزة المخابرات الغربية معها في القيام بأساليب التحقيق البربرية الهمجية التي فاقت في وحشيتها محاكم التفتيش سيئة الذكر في القرون الوسطى.
وحين يريد الحكام البطش بخصومهم فما عليهم إلا رفع شماعة "محاربة الإرهاب" التي تبرر إشاعة أجواء الرعب في البلاد لمنع أي متظلم من الصدع بشكواه أو المطالبة بمحاسبة المسؤولين وتبرر البطش بكل من يفكر أو يدعو للتحرر من نظام الهيمنة والاستعباد المفروض من قبل حكام روسيا والدول الغربية. فتحت ذريعة محاربة الإرهاب يمكن سن قوانين مضحكة يتعمدون تضمينها تجريم ما يسمى بالفكر المتطرف ولو كان كتبا تتضمن أدعية أو أحاديث نبوية أو ما شاكل ذلك، فالغرض من قوانين مكافحة الإرهاب هو تمكين السلطة (في أوزبيكستان كما في روسيا وباقي دول آسيا الوسطى) من البطش بأي معارضة أو دعوة للتغيير ولتحرير البلاد من حكم العصابات التي تشرعن إرهابها تحت ستار القانون. وهكذا لم يجد كريموف من يحاسبه لا على مجزرة أنديجان في 13 أيار 2005، التي راح ضحيتها ما يربو عن الـ 7000 مسلم، ولا على ما سبقها أو تلاها من ممارسات وحشية في السجون، ولا من يسائله لماذا طرد منظمات حقوق الإنسان، وبطش بناشطيها، بل حتى منع الصليب الأحمر من القيام بأعماله، وهذا كله يعني أن حكام روسيا والغرب هم شركاء لكريموف في هذه الجرائم، كما يفرض التساؤل عن أسباب صمت الرأي العام الغربي عن هذه الممارسات. ولكن الناس في الغرب انطلت عليهم حيل المخابرات الغربية التي لا تفتأ من حين لآخر تذكرهم بالخطر الإرهابي المزعوم.
لقد تصدى حزب التحرير لإجرام الطاغية كريموف وعمل على فضح جرائمه، ولم يخش في ذلك إلا الله القوي العزيز. لقد نهج الحزب نهج الرسول r في الصدع بقول الحق ومحاسبة الحاكم الطاغية، كما جاء في الحديث الشريف: «سيد الشهداء حمزةبن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله»، وقد قدم شبابه وأهاليهم وأنصارهم من التضحيات ما تهتز له الجبال، ومع ذلك فلم تلن لنا قناة في مواجهة الطغيان.
ونحن اليوم إذ جئنا هنا لنعلن عن اختتام الحملة العالمية التي أطلقها حزب التحرير تحت عنوان #كريموف_حاقد_على_الإسلام، فإننا نوجه من هنا رسالة:
- إلى أحبتنا من حملة الدعوة في سجون الطاغية كريموف وأهاليهم وأحبابهم: نقولها مدوية نحن معكم وأنتم في قلوبنا ندعو لكم في صلواتنا صباح مساء، جزاكم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء فقد سطرتم بثباتكم وتضحياتكم صفحات من نور تشفع لكم إن شاء الله عند بارئكم يوم لا ينفع مال ولا بنون، وتشهد لكم بها الأمة، ونقول لكم اصبروا وأبشروا ببشرى رسول الله r لآل ياسر: «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة»، فصبرا يا حملة دعوة الحق فإن موعدكم الجنة بإذن الله، واعلموا أن لكل أجل كتاباً، وأن الله منجز وعده لكم وعسى أن يكون قريبا.
- إلى الأمة الإسلامية: إن الله سبحانه وتعالى يوجب على المسلم نصرة أخيه المسلم، يقول الحق سبحانه: ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، وقال رسول الله r: «المسلم أخو المسلم،لا يظلمه،ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة» وفي الحديث «فكوا العاني»يعني الأسير. فالشرع يوجب عليكم نصرة إخوانكم المظلومين في أوزبيكستان كما في سائر بلاد المسلمين.
- ونخص بندائنا قادة الجيوش فأنتم أصحاب القوة والقدرة على النصرة، واعلموا أن الله ناصر دينه ومنجز وعده وأنكم ستقفون بين يديه يوم الدين فتحاسبون على ما قدمتم لأنفسكم من خير أو شر، فلا تغرنكم الحياة الدنيا وأقبلوا على جنة عرضها السموات والأرض، وأنتم تحسّون بأنّ الأرض تميد تحت أقدام الظالمين، فانحازوا إلى صف الأمة وانصروا دين الله تفوزوا برضوان ربكم، وبعز الدارين ودعاء الملائكة لكم، وإن توليتم فلن تعجزوا الله سبحانه.
- ورسالة إلى أولي الألباب المنصفين في الغرب ألا تكونوا، بصمتكم، شركاء في الجرائم التي يرتكبها قادتكم بدعمهم لدكتاتور أوزبيكستان غاضّين الطرف عما يرتكبه جلاوزته من جرائم موثقة بين أيديهم وهم أول من يعلم بها.
اللهم أنزل رحمتك وسكينتك على إخواننا المظلومين في سجون طاغية أوزبيكستان، وانصرهم بملائكتك وبجندك الذين لا يعلمهم إلا أنت، وخذ بأيدينا لما تحب وترضى، أنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير.
عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رأيك في الموضوع