تدخل الهجمة على المرأة المسلمة ضمن الهجمة على الإسلام بشكل عام، فالغرب وتابعوهم في الشرق يرون في الإسلام عدواً لهم يهدد وجودهم ومصالحهم في بلاد المسلمين.. وهذا ما دأبوا على فعله منذ قرون عديدة، وزاد تأثيرها بعد هدم دولة الإسلام. فإنّ المرأة المسلمة كانت ولا تزال هدفاً رئيساً لسهامهم المسمومة وخططهم الماكرة، فهم يخدعونها بالكلام الزائف عن الحرية والرقي والحضارة والتنوير والمساواة، وأنها بأحكام الإسلام مظلومة ومعنّفة ومهدورة الكرامة والحقوق! فهم يدركون تماما مدى تأثيرها في بيتها وعلى أولادها، وأنها إن فقدت القدرة على فهم دورها الأصيل كأم وربة بيت فهذا يشوش مفاهيمها الإسلامية، ويزعزع دورها في الوقوف كسدٍّ منيع أمام انحطاط المجتمع وتخلخل أركانه.
وكما هو دأب حزب التحرير في تبني قضايا الأمة وكشف الخطط ضد الإسلام والمسلمين، فقد أطلق القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير حملته العالمية "المرأة والشريعة بين الحق والباطل" والتي سيتوّجها بمؤتمر عالمي سيعقد يوم 28 من الشهر الحالي في خمس دول في آن واحد في قارات مختلفة من الشرق إلى الغرب، تحضره شخصيات مؤثرة من الأمة في تلك المناطق وتشارك فيه متحدثات في بث حي مباشر للناس حول العالم، وسيتخلله عرض فيديوهات وجلسات نقاش عديدة في المناطق الخمس.
والجدير بالذكر أن حملة عالمية كبيرة سبقت عقد هذا المؤتمر وأيضا بعدة لغات.. وهي مقسمة لثلاث مراحل؛ أولها بيان عوار العلمانية الليبرالية مقارنة بأحكام الشريعة الإسلامية حيث سلطت الضوء على تلك الحركات النسوية وأهدافها وأساليبها المختلفة وشعاراتها ومؤتمراتها ومنظماتها العلمانية التي تريد حرف النساء المسلمات عن أحكام النظام الاجتماعي الحامي لهن ويتشبثن بخيوط العنكبوت المتمثلة بمن ينفذ هذه الأجندة من الحركات والمؤسسات.. تبعتها المرحلة الثانية التي فيها توضيح لدور المرأة في الشريعة الإسلامية.. شريعة قائمة وضاربة جذورها قوية ثابتة تظهر عوار وفشل أي فكر أمامها لأنها مستمدة من شرع الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هذه الشريعة التي دور المرأة فيها واضح ومتميز، فيه الخير والعدل والراحة والسكينة، فيه النظام الاجتماعي الدرع الحامي لها الذي عندما خرجت منه ضاعت وطالها الذل والهوان حينما تركته وتمسكت بغيره ظانّة فيه الخير... ثم تصل الحملة إلى مرحلتها الثالثة والأخيرة وهي تبيان الطريق الصحيح للتغيير الجذري الذي به الحل والمعالجات لكل مشاكل المرأة التي فشلت النسوية في تحقيقها رغم كل محاولاتها ورغم التمويل الكبير لتلك الحركات والمؤسسات وخططها المرسومة ضد المرأة المسلمة والإسلام.. وبانتهاء تلك المرحلة نصل للمؤتمر العالمي الفريد من نوعه. حيث إن عقده في وقت واحد وفي قارات مختلفة وفي بث مباشر إلى العالم يميزه ويجعله فريدا من نوعه ويعطيه زخما إعلاميا كبيرا.. وكذلك فإن عالميته تعطيه نكهة خاصة لا نجدها في مؤتمرات أخرى، فهو باللغات العربية والإنجليزية والتركية والإندونيسية، فيه تقول النساء لكل العالم أننا مسلمات حاملات للدعوة الإسلامية صاحبات قضية واحدة وهمٍّ واحد، يجمعنا فكر واحد ومشاعر واحدة وهدف واحد ولو اختلفت اللغات وتباعدت المسافات..
هذا المؤتمر الذي سيكشف أهداف الأجندة العالمية في محاولات تحريف أحكام النظام الاجتماعي من خلال الحركات النسوية والجمعيات والاتفاقيات والمعاهدات وعلى رأسها "سيداو" والتي تدعمها الأنظمة في العالم الإسلامي.. وسيدحض بالأدلة فكرة "النسوية الإسلامية" المستخدمة في تلك الحرب ضد الإسلام والتي تعمل على ما يسمى إصلاح القوانين الاجتماعية الإسلامية.
ولأن دور الإعلام مهم جدا والذي يوجه سهامه وأبواقه ضد الإسلام وأحكامه خاصة فيما يتعلق بالمرأة، فإن هذا المؤتمر سيفنّد الأكذوبة الإعلامية الموجهة ضد المرأة والشريعة والتي تستهدف البناء الاجتماعي الإسلامي ومحاولة حرف ذوق وشكل حياة المرأة المسلمة وهويتها وآمالها بعيدًا عن الإسلام لتستند إلى المفاهيم والقيم الليبرالية العلمانية... وسيبين زيف الاتهامات ضد أحكام الشريعة الإسلامية بأنها تحطّ من كرامة المرأة وتظلمها وتستعبدها، وذلك بتناول وجهة النظر الإسلامية حول وضع المرأة ومعرفة حقوقها وواجباتها في الحياة (أم وربة بيت) حسب ما عرفه النظام الاجتماعي في الإسلام. مع توضيح أسس وقيم وقوانين هذا النظام الفريد من نوعه، وتأثيره على حياة المرأة وعلاقتها مع الرجل، وكذلك تأثيرها على الأطفال والحياة العائلية والمجتمع كله. مقارنة بالأيديولوجية والنظام الرأسمالي العلماني الذي لا يوجد فيه اهتمام بالنظام الاجتماعي.. كما سيعطي صورة واضحة جلية عن حياة النساء في ظل أحكام الشريعة التي فيها الحلول الحقيقية للمشاكل التي تعيشها النساء حاليا.. وأن هذا لن يتحقق إلا إذا حدث تغيير حقيقي يؤسس مستقبلاً مشرقاً للنساء، وهذا لن يكون عن طريق القوانين الوضعية والحركات النسوية والجمعيات والمجتمع الدولي بمؤسساته، بل من خلال العيش في ظل أنظمة الإسلام التي شرعها رب العالمين، والتي تنظّم شؤون الإنسان كلها ومن بينها علاقة الرجل بالمرأة وعلاقة المرأة بالرجل، وهذا لن يتحقق إلا بالعمل الجاد المجدّ لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تتزايد الدعوة لها في مختلف أنحاء العالم يوماً بعد يوم.
رأيك في الموضوع