لقد خرجت ثورة الشام لاستبدال نظامٍ مجرم حكم أهل الشام عقوداً من الزمن وهو يفتري ويكذب على أهلها بشعار مقاومة وممانعة وغيرها من المصطلحات التي سوقها لنفسه ليغير ويطمس حقيقة خيانته وعمالته للغرب الكافر ودوره في حفظ أمن كيان يهود وتنفيذ سياسة أمريكا في بلاد الشام وعلى رأسها محاربة كل من يرفع شعار الإسلام ويطالب بعودته، فلقد كانت حقيقة النظام وصبغته النصيرية تدل على طبيعة أعماله؛ فهو نظام حاقد على الإسلام وأهله، فكان مناسباً لمصالح أمريكا في المنطقة، خاصة في نقطة مهمة وخطيرة عليها مثل بلاد الشام المباركة التي ذكرت في كثير من الأحاديث النبوية.
وبعد مسيرة سنوات من الثورة للتخلص من ذلك النظام المجرم ومن القائمين عليه من الخونة والعملاء تفاجأنا بأنه قد تسلق على تضحيات أهل ثورة الشام أشخاص سموا أنفسهم قادة فصائل وهم في حقيقتهم أجراء مرتبطون بمخابرات الداعمين، ما لهم من البطولات إلا الجعجعات، فلقد تحررت الشام والأقصى وروما بخطاباتهم وهم جالسون بأحضان مخابرات النظام التركي العلماني في الشمال الغربي، فيحركهم كيفما يشاء وفي أي وقت يشاء، بعد أن سلب قرارهم وكسب ولاءهم وكبلهم بماله المسموم ووعوده الكاذبة، أرتالهم تعرف كل الوجهات إلا وجهة فتح الجبهات والعمل لإسقاط النظام المجرم!
إن ثورة الشام التي ضحى أهلها بفلذات أكبادهم وبأموالهم حتى كان من ضمن الفاتورة التي قدموها أعراضهم التي اغتصبت في سجون النظام النصيري، والتي هي أغلى ما يملكون بعد دينهم، إضافة لمعاناة التهجير والعيش منذ سنوات في مخيمات وخيم لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء... كل ذلك يضاف إلى تلك الفاتورة، فجميع هذه التضحيات كانت من أجل أن يعيشوا بكرامة وعزة ويتخلصوا من نظام الخيانة والعمالة؛ نظام أسد المجرم بكافة أركانه ورموزه والعصابة الطائفية التي هيمنت على نظام الحكم فيه، ويكنسوا معه حقبة الحكم الجبري، ويفتحوا حقبة تاريخية جديدة يكونون فيها أعزاء بدينهم عظماء بتاريخهم؛ حقبة تحدث عنها رسول الله ﷺ منذ 14 قرناً في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عَنْ حُذَيْفَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضّاً، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ».
فحري بأهل الشام ألا يمثل ثورتهم أشخاص خائنون للأمانة كأمثال من تسوّد قيادة فصائل الثورة اليوم المرتبطين، والذين أصبحوا يسيرون على نهج النظام في التضييق على أهل الثورة وفي بناء السجون والزج بالصادقين فيها ويعتقلون كل من يريد الخلاص من التبعية والتحرر من نفوذ الأنظمة العلمانية ومن هيمنة الرأسمالية حتى يكسبوا رضا الغرب وولاءه.
وحري بأهل الثورة أن يتوجوا تضحياتهم بشيء عظيم يوازي تلك التضحيات التي بذلوها عبر سنوات الثورة، وليس هنالك شيء أعظم وأرفع من أن تتحقق على أيديهم بشرى الرسول الكريم ﷺ ووعد الله سبحانه بإقامة الخلافة على منهاج النبوة.
قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
بقلم: الأستاذ عبود العبود
رأيك في الموضوع