في صبيحة السابع من تشرين الأول/أكتوبر قام مجاهدو غزة باقتحام دفاعات العدو الصهيوني المحتل فيما يعرف بغلاف غزة، وقاموا بقتل وأسر عدد كبير من جنوده ومستوطنيه، وقد حصل هذا بالرغم من امتلاك العدو لأحدث الأسلحة وأجهزة المراقبة على مدار الساعة بالمقارنة مع ما يمتلكه المجاهدون الأبطال من أسلحة فردية، لكنهم يمتلكون العقيدة الصحيحة التي تجعل المسلم يستهين بهذه الحياة الفانية ويضحي بالغالي والنفيس، وعينه ترنو إلى جنة عرضها السماوات والأرض ورضوان من الله أكبر.
لقد كشفت هذه الأحداث عن أمور كثيرة فيها دروس وعبر للمؤمنين، منها:
أن الأمة الإسلامية مهما جرى عليها من تجهيل فإنها تبقى خير أمة أخرجت للناس؛ فلقد رأينا الناس في غزة هاشم رغم القصف الوحشي البربري ورغم المجازر ورغم سقوط آلاف الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ إلا أنهم صابرون مستبشرون، أضف إلى ذلك ظروف الحصار المفروض عليهم من كل النواحي (انعدام الكهرباء والماء والدواء...)، إلا أنهم ثابتون، وتطالعنا الأخبار يوميا عن عمليات بطولية يقوم بها المجاهدون الأبطال من قتل لجنود الاحتلال وتدمير لآلياته العسكرية وإسقاط لطائراته.
ومن الدروس أيضا التي كشفت عنها هذه الأحداث فزاعة جيش العدو الذي لا يقهر! فقد طالعتنا الأخبار بأن قائداً من قواد العدو يقول لجنوده: سنوزع عليكم الحفاظات وإذا اقتضى الأمر نوزع عليكم البودرة! فأي جيش هذا الذي قيل عنه إنه هزم ستة أو سبعة جيوش عربية في حرب 1967؟! إن المسلم يموت قهرا وهو يرى تخاذل حكام وجيوش المسلمين عن نصرة أهلنا في غزة العزة، غزة البطولة، غزة الرجال الرجال، الذين قل نظيرهم في هذا الزمان.
ومن الدروس أيضا أن هذه الأحداث كشفت زيف مدعي حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل، إذ لم يفرق العدو في قصفه للمستشفيات والمساجد والعمارات السكنية، بين طفل وامرأة ورجل، سوى أنه يريد أن يشبع حقده الدفين على الأمة الإسلامية.
ومن الدروس أيضا تخاذل حكام المسلمين الرويبضات الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، وباعوا دينهم بدنيا غيرهم لقاء كراسي معوجة القوائم وهم يرون إخوة لهم يستغيثون ويستصرخون ولكن لا مغيث ولا ناصر لهم إلا الله سبحانه؛
فقد رأينا ملك الأردن يطلق الرصاص على الناس الذين أرادوا عبور الحدود لنجدة إخوانهم في غزة، فوق أنه منع جيش الكرامة من نصرتهم، وقام ببطولات بهلوانية بإرسال البسكويت والأكفان للمستشفيات في غزة!
أما حاكم مصر السيسي فقد وضع جيشه على حدود سيناء لمنع تدفق اللاجئين إلى سيناء بدل أن يقوم بإرسال جيش الكنانة لنصرة أهل غزة وتحرير المسجد الأقصى من براثن يهود، وقال للمستشار الألماني إذا كنتم تريدون تهجير أهل غزة فليكن إلى صحراء النقب وليس إلى سيناء ريثما تنتهي (إسرائيل) من تصفية حماس والجهاد الإسلامي!
إن المرء ليعجب من قلوب هؤلاء الحكام الأنذال وهم يرون أهل غزة يدفنون تحت ركام العمارات السكنية وهم أحياء، وهم (الحكام) لا يحركون ساكنا!!
أما حاكم تركيا أردوغان فبدل أن يرسل طائرات بيرقدار المتطورة لنصرة أهلنا في غزة فإنه يقوم بمظاهرة وكأنه لا يملك جيشا قويا مستعدا للشهادة في سبيل الله، وتحول إلى قائد مظاهرة بدلا من قائد أقوى جيش في المنطقة! في الوقت الذي يرسل جيشه إلى سوريا، ليس نصرة للمسلمين في بلاد الشام الذين تعرضوا لأبشع أنواع المذابح على يد طاغية الشام، ولكن لشراء الفصائل والحفاظ على طاغية الشام وحفظ مصالح أمريكا، وكذلك أرسل جيشه إلى ليبيا وأذربيجان وأرسل طائرات بيرقدار إلى أوكرانيا! أما في شأن فلسطين وغزة فيقوم بمظاهرة وكأن هذا كل ما يستطيع عمله!!
أما حكام بلاد الحرمين والإمارات فيقومون بمهرجانات للرقص والغناء المختلط لإلهاء شعوبهم عن واجبهم تجاه دينهم وأمتهم! وكذلك باقي حكام المسلمين لا يحركون ساكنا تلبية لاستغاثات مسلمي غزة الذين يتعرضون لأبشع المذابح والحصار، فهم صم بكم عمي لا يعقلون، ولو أن أمراً أتاهم من سيدهم في البيت الأسود بتحريك جيوشهم لهرعوا إلى تنفيذ الأمر دون تأخير، كما حدث في حرب الخليج الثانية ضد العراق! هذا من حيث مواقف الحكام.
أما من حيث مواقف الشعوب فقد رأينا أن هذه الأحداث قد كشفت عن معدن الأمة، فقد أبدت استعدادها لبذل الغالي والنفيس في سبيل الله من خلال المسيرات والمظاهرات في العراق والأردن واليمن والمغرب وبنغلادش وباكستان وتركيا...، ما يدل على أن هذه الأمة تحتاج فقط إلى قيادة سياسية واعية تأخذ بيدها إلى شاطئ الأمان، وهذا ما يقوم به حزب التحرير من عمل فكري من خلال الخطب والمسيرات والنشرات لبث الوعي عند أبناء الأمة للضغط على جيوشها والتحرك لنصرة إخوانهم في غزة وتحرير فلسطين وسائر بلاد المسلمين المحتلة، وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة التي توحد المسلمين تحت قيادة واحدة وتحرر البلاد الإسلامية من كل فكر دخيل، وتطبق الإسلام في الداخل وتحمله إلى العالم بالدعوة والجهاد.
بقلم: الأستاذ صديق عبد الستار – ولاية العراق
رأيك في الموضوع