القيادة الحقة هي التي تحمِل دعوة الله وتذكر بالصدق مع الله، وتحمل هم هذه الرسالة وهم الإسلام وتعمل على الذود عنه وإعزازه، لا تخشى في ذلك لومة لائم ولا يثنيها عنه قلة السالكين لهذا الطريق. وهي التي تعمل على حراسة شرع الله وتقوم على أن تجعله يحكم الأرض بكل قوة وصلابة، لا تهادن ولا تجامل ولا تتهاون. لها من العزيمة ما تقهر به كل تردد ومن الجرأة والإقدام ما ينفي عنها كل تراخٍ أو إدبارٍ. صادقةٌ هي وصدقها مع الله المعزّ النّاصر ذي القوّة المتين.
القيادة الحقة هي مسؤولية، يخشى كل من يخاف الله عدم إعطائها حقّها، في رواية عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي ثم قال: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا» رواه مسلم
القيادة الحقة تعني أن يكون هم القائم عليها تطبيق أحكام الله عز وجل في الناس لينير حياتهم بها فيتجلى كمال شرع الله في حل مشاكلهم وتأمين حاجياتهم وضمان العيش الكريم لهم فينشر العدل والرحمة بينهم ويجعلهم يطمئنون له ويدخلون في الإسلام أفواجا.
والقائد الحق هو من لا يرى العالم إلا وقد حكمه شرع الله سبحانه وتعالى وساده وقاده لأنه على يقين بوعد الله بالتمكين والنصر لعباده الصادقين.
والقائد الحق هو الذي يضع الأمانة العظيمة فوق كل اعتبار كما فعل سيدنا أبو بكر رضي الله عنه الذي نهل من خير الخلق ﷺ وصاحَبَه في هجرته، قال كلمته الفصل إثر وفاة أحبّ النّاس إليه عليه الصّلاة والسّلام ونادى في المسلمين: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّداً فَإِنَّ مُحَمَّداً قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ" في خطوة حاسمة حافظت على وحدة الدّولة وقضت على الرّدّة.
القائد الحقّ هو رائد لا يكذب أهله، صادق مع الله سبحانه وتعالى ومع رسوله ﷺ والمؤمنين، يعمل واصلا ليله بنهاره ليعيد للإسلام عزه ومجده ويوحد المسلمين تحت راية التوحيد ويلم شملهم في دولة واحدة في ظلها يحيون حياة قوة وعزة يقهرون بها الأعداء ويذلّونهم ويسودونهم ويقودونهم بأحكام الله العادلة.
ثم القيادة الحقة هي التي تضع عهدها مع الله على رأس أولويات أعمالها؛ لأنها تؤمن بأن ذلك فرض عليها يجب الالتزام به. هي القيادة التي تجدد هذا العهد كل حين وآنٍ وتجزم بأن لا راحة لها إلا إذا حكم شرع الله العالم وعاد للإسلام عزه وصار هو القيادة الوحيدة التي تخرج الناس من ظلمات حكم البشر إلى نور حكم رب البشر، قيادة لا هم لها إلا تنفيذ حكم الله والعيش في ظلّه.
إن القيادة الحقة هي قيادة تكتلت في حزب سياسي، حزب التحرير، الذي يعمل على استئناف حياة المسلمين بالإسلام، لا يريد منصبا ولا يسعى لعرض دنيوي، بل يخشى الله وكأنه يراه ويصدقه في تنفيذ العهد الذي قطعه حتى تعلو راية التوحيد خفاقة في عنان السماء، ويكون الدين كله لله ولا أمر إلا له. فلله درها من قيادة صدقت ربها: عليه توكّلت وبوعده تشبّثت وتيقّنت.
رأيك في الموضوع