إن المبادئ وأنظمتها لا تقبل الشراكة، فإما أن يكون المبدأ مطبقا جملة وإما لا، وهذا من سنن الله في الأرض، فالنظام الإسلامي لما كان مطبقا فهو لم يأخذ عن غير الإسلام من العقائد، وكذلك النظام الشيوعي قبل انهيار الاتحاد السوفيتي ومن ثم المنظومة الاشتراكية، وأيضا النظام الرأسمالي المفروض على العالم حاليا.
وعليه يمكننا فهم سبب هدم الخلافة، وهو ما عملت عليه دول الكفر من نشر مفاهيم غير إسلامية كالوطنية والقومية وغيرها، ساعدها في ذلك تقبل المسلمين لهذه المفاهيم، وهذه سنة الله في التغيير ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ فعندما غيّر الأنصار رضي الله عنهم ما بأنفسهم فاعتنقوا الإسلام وتركوا بذلك النظام القبلي الذي كان مطبقا عليهم، أكرمهم الله بنصرة رسول الله التي مكنته ﷺ من إقامة الدولة الإسلامية الأولى التي استمرت أكثر من ألف ومائتي سنة، والتي امتد سلطانها إلى مشارق الأرض ومغاربها.
إلا أنه لما طرأ ضعف على فهم الإسلام في عقول المسلمين، وقبلوا بالمفاهيم الغربية التي زرعها الكافر المستعمر ليمزق كيان الأمة ويوهن جسدها ويجعل بأسها بينها؛ زال سلطان المسلمين وهُدمت دولتهم فتفرقت جماعتهم وتشتت شملهم وذهبت ريحهم.
نعم لقد تمكن الغرب الكافر المستعمر من القضاء على دولة الخلافة قبل مئة عام، ولكنه لم ولن يتمكن من القضاء تماما على الإسلام في نفوس المسلمين، فستبقى جذوة الإسلام متقدة في نفوسهم، رغم كل محاولات الغرب الكافر لطمس هويتهم الإسلامية، وحرفهم كلية عن دينهم، وإلباسهم ثوب العلمانية الباطلة الفاسدة.
ويبقى السؤال هل ستعود دولة الخلافة من جديد لتكون كما كانت عبر قرون طويلة وعصور مديدة ملء سمع العالم وبصره؟
والجواب بلا ريب وبدون أدنى شك نعم إنها قائمة قريبا بإذن الله، فهي وعد الله سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾، وبشرى رسوله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
وذلك يكون بأن نجعل من مفاهيمنا مفاهيم إسلامية صافية نقية فننبذ القومية والوطنية والديمقراطية والعلمانية، ونعمل لنعيدها سيرتها الأولى اقتداء بسيدنا محمد ﷺ، فنعمل مع العاملين المخلصين لإقامة دولة الإسلام، ونطالب أهل القوة والمنعة بإعطاء النصرة إلى حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية، والقضاء على أنظمة الظلم والجور بتطبيق أحكام الإسلام في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وما ذلك على الله بعزيز، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾، وقال عز من قائل: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلّنا الله)، وقال الإمام مالك رحمه الله: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)، فإلى صلاح دنياكم وآخرتكم ندعوكم أيها المسلمون، فهل أنتم مجيبون؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
رأيك في الموضوع