بعد أن أخفق الأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان في مهمتهم الموكلة إليهم من قبل منظمة الأمم المتحدة، أخفقوا في مهمتهم المعلنة لكنهم قاموا بدورهم الحقيقي حيث كان المجرم بشار بحاجة إلى مهل أمريكا علّه يستطيع إنهاء هذه الثورة، بعد إتمامهم هذه الأدوار القذرة تم تكليف دي ميستورا بمهمة جديدة تمثلت في إعلانه عن خطة لتجميد القتال في سوريا بادئاً بمدينة حلب، وسرعان ما وافق النظام على هذه الخطة، وتابع دي ميستورا لقاءاته فالتقى شخصيات من المعارضة الخارجية ليعرض عليهم خطته وشاب التردد موقف الائتلاف بداية حتى جاء اليوم الذي سيعرض فيه دي ميستورا خطته أمام مجلس الأمن، إذ سبقه هجوم مباغت للنظام على أطراف حلب محاولا إحكام الحصار عليها، إلا أنه باء بالفشل، وانكشفت سوءة الأمم المتحدة عبر مبعوثها دي ميستورا الذي أعلن أن المجرم بشار أسد جزء من الحل، وقدم تقريره الذي يعلن فيه أن النظام مستعد لوقف القصف مدة ستة أسابيع، ورغم أن الخطة التي يقدمها لا تلقى قبولا بين أهل الشام إلا أنه كان يعوّل على يأس الثوار من هذا الواقع، كما صرح بذلك في مؤتمر صحفي: "أن فرص نجاح خطته تأتي من الملل الذي تعانيه الأطراف من طول مدة الصراع"، وأخيرا اجتمع الائتلاف مع شخصيات معارضة عسكرية وسياسية من حلب اجتمعوا في كلس ليبحثوا خطة دي ميستورا وأعلنوا رفضهم للخطة باعتبارها جزئية ليعلنوا بذلك موافقتهم على السير مع دي ميستورا في خطته، واللافت أن الموقف الفرنسي من الخطة شبيه بموقف الائتلاف الرافض لكون الأسد جزءا من الحل، مما دفع دي ميستورا لزيارة فرنسا لبحث الخطة وأبعادها، إلا أن نتائج الزيارة التي ترافقت مع زيارة الخوجا رئيس الائتلاف المعارض لباريس، كانت جيدة بالنسبة لدي ميستورا حيث أعلن الائتلاف أنه لا يشترط رحيل الأسد في المرحلة الانتقالية، وهذا عين ما تريده أمريكا وما تهدف له خطة دي ميستورا، إذ إن القبول بالأسد جزءاً من الحل هو قبول ببقائه في الفترة الانتقالية.
إن الناظر إلى المهام التي يتكلف بها مبعوثو الأمم المتحدة يجد أنها تصب في هدف إيجاد الحل السياسي الذي تدعو له أمريكا؛ فمهمة كوفي عنان كانت تشكيل حكومة مشتركة بين النظام والمعارضة الخارجية وإنهاء الصراع، بينما جاء دي مستورا ليهيئ الأجواء للحل السياسي كما صرح بذلك عندما وضح هدف خطته فقال: "إن خطة تجميد القتال تهدف لإيصال المساعدات الإنسانية وزرع بذور الحل السياسي في سوريا"، والحل السياسي هو عين ما قدمه كوفي عنان، حكومة مشتركة بين النظام والمعارضة. وليكون ذلك مقبولا عند أهل الشام الثائرين كان لا بد لأمريكا أن تستخدم وسائلها في الضغط على الناس؛ فمن براميل بشار المتفجرة إلى التضييق على النازحين واللاجئين، إلى محاولات احتواء الكتائب المقاتلة عبر هيئة الأركان أو وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، بالإضافة إلى بث الفتنة بين الثوار ومحاولة إيجاد اقتتال بينهم.
إن ترافُق هذه الأحداث مع بعضها ليس عبثا، بل هو ترتيب أمريكي لفرض الحل السياسي على أهل الشام، لكن المتابع يجد أن محاولات أمريكا تبوء بالفشل في كل مرة، والسبب الرئيسي في ذلك هو وعي أهل الشام على هذه المكائد من جانب، والفجوة الكبيرة بين مشروع أمريكا ومشروع ثورة الشام من جانب آخر، فخطة دي ميستورا خطة فاشلة ليست لأنها جزئية، بل لأنها مؤامرة حقيقية تحاول إنقاذ النظام المجرم، وإنها لن تعرف طريقا للنجاح إذا ما ثبت أهل الشام على ثورتهم، وإذا ما وحد الثوار صفوفهم وتداركوا أنفسهم، فيوقفوا كل أشكال الاقتتال فيما بينهم. إن خلاص هذه الأمة هو بتمسكها بدينها وحُسن توكلها على الله، فإن هذه المكائد والمؤامرات إلى بوار، قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾.
رأيك في الموضوع