"5 انتصارات حقّقتها المرأة السّعوديّة في 2017"، عنوان كبير وجذّاب تصدّر العديد من الصّحف والمواقع لينوّه أصحابه بفضل ملوك السعوديّة على المرأة هناك وليظهروا فضلهم عليها. أوّل هذه الانتصارات حصول المرأة على رخصة قيادة السّيّارة، فقد أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز في أيلول/سبتمبر أمرا ملكيّا بالسّماح بإصدار رخص قيادة السّيارات للنساء. وأمّا الانتصار الثّاني فهو إنهاء الولاية على المرأة؛ إذ أصدر الملك سلمان في أيار/مايو قرارا بـ"ضرورة مراجعة الإجراءات المعمول بها لديها ولدى الأجهزة المرتبطة بها ذات الصّلة، بالتعامل مع الطلبات والخدمات المقدمة للمرأة، وحصر جميع الاشتراطات التي تتضمّن طلب الحصول على موافقة ولي أمر المرأة لإتمام أيّإجراء أو الحصول على أيّ خدمة مع إيضاح أساسها النّظامي والرّفع عنها في مدّة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ صدور الأمر". أمّا الثّالث فهو حضور المباريات؛ إذ أعلن رئيس الهيئة العامّة للرّياضة تركي آل الشيخ في تشرين الأول/أكتوبر بأنّه تقرّر البدء في تهيئة 3 ملاعب في الرّياض وجدّة.. لتكون جاهزة لدخول العائلات مطلع 2018 وفقاً للضّوابط الخاصّة بذلك. والانتصار الرّابع هو التّعيين في مناصب قياديّة في آذار/مارس؛ فقد وافق مجلس الشّورى السّعوديّ على توظيف النّساء في قطاعات وزارة الحرس الوطنيّ في الأعمال المساندة، وتمليك العسكريّين سكناً بعد التّقاعد، وجاءت هذه الموافقة نتيجة توصية رفعتها لجنة الشّؤون الأمنيّة بالمجلس. وفي شهر أيلول/سبتمبر، قالت السّلطات السّعوديّة، إنّه تمّ تعيين امرأة في منصب حكوميّ كبير للمرّة الأولى، بعدما أصدر أمين المنطقة الشّرقيّة فهد بن محمد الجبير أمراًبتعيين إيمان بنت عبد الله الغامدي مساعد رئيس بلديّة محافظة الخبر لتقنية المعلومات ورئاسة قسم الخدمات النّسائيّة كأوّل امرأة سعوديّة تشغل هذا المنصب في العمل البلديّ.
أمّا الانتصار الخامس فهو منع الإساءة للمرأة؛ حيث أصدر الدكتور عواد بن صالح العواد، وزير الثقافة والإعلام في كانون الأول/ديسمبر، تعليمات بمنع بثّ أي مسلسل أو برنامج يتضمّن إساءة صريحة أو ضمنيّة لنساء المملكة أو أيّ فئة أخرى. وأكّدت الوزارة في بيان نشرته على صفحتها على تويتر، أنّ أيّ قناة تعرض أعمالا مخالفة، سيطبّق بحقّها النّظام وتتمّ معاقبتها على هذه المخالفات.
"انتصارات" هذا ما أطلقوه عليها وهي في حقيقة الأمر تضليل وإبعاد للمرأة في السّعوديّة عن أحكام دينها لتحسب أنّ هذه "المكاسب" قد وهبتها لها العلمانيّة وأنّها كانت مقهورة مغمورة مضطهدة! باطل لا يريدون به إلّا الباطل!! فقد نالت المرأة في الإسلام منذ 1400 عام من الحقوق ما رفع مكانتها وأعزّها وأكرمها بنتاً وأختاً وزوجةً وأمّاً. عاشت مكرّمة يذود عنها الرّجل ويشاركها حياته بمودّة ورحمة.
لا زالت سهام الغرب موجّهة نحو المرأة المسلمة لأنّه يعلم أنّها مربّية الأجيال وهي العمود الفقريّ في الأسرة فيسعى جاهدا لصرفها عن أحكام دينها وتشكيكها فيها وفي إنصافها لها. والمرأة في السّعودية صارت هدفا له ليبيّن أنّها تمرّدت على تلك العباءة وعلى أحكام سادت مجتمعها حُسِبت - مغالطة وكذبا وبهتانا - على الإسلام، فهذه (الانتصارات!) الخمسة التي يتشدّق بها الإعلام إيحاء بأنّها انتصارات على التّخلّف والرّجعيّة في إيماءة خبيثة دنيئة إلى أحكام الإسلام - وهي بريئة منها -.
نشرت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" في تموز/يوليو من العام الماضي، تقريرا بعنوان "كمن يعيش في صندوق: المرأة ونظام ولاية الرّجل في السّعوديّة"، ندّدت فيه بما وصفته بقيود لا تزال مفروضة على المرأة في السّعودية. وقد أشارت إلى أنّ الرّياض "نفّذت سلسلة من التّغييرات المحدودة على امتداد أكثر من عشر سنوات لتخفيف القيود المفروضة على المرأة"، بما في ذلك إلغاء القانون الذي كان يلزم المرأة بالحصول على تصريح من وليّ الأمر للعمل. (روسيا اليوم بتصرّف)
إنّ ما عاشته المرأة في السّعوديّة من حرمان... الإسلام منه براء وهو صنيع حكّامها وعلمائها الذين يفتون عن غير هدى. هم مَنْ ظلمها وليس دينها، وكيف لدين خالقها أن يحرمها ما ليس فيه معصية لربّها؟! والمؤلم أنّهم يتباهون بهذه الحقوق التي نالتها المرأة على أنّها من "بركات العلمانيّة"... خسئوا، ينكرونها وهي أحكام من الله وهبها للمرأة لتحيا عزيزة كريمة.
لكن! ما يقوم به هؤلاء الملوك وعلماؤهم على أنّه تمكين للمرأة في السّعوديّة لأمر مخجل ومؤسف بل هو عار على الجبين لن تمحوه آلاف السّنين! فهل بهذه "المكاسب" تكون المرأة قد نالت حقوقها وصانت كرامتها وحقّقت حياة الطّمأنينة والأمن والهناء؟! أبمثل هذه "الانتصارات" تغيّرت أوضاعها الاقتصاديّة فتغلّبت على الفقر وغلاء المعيشة؟! فبالرّغم من غياب المعلومة - أو تغييبها - يمكن استقراء تفشّي ظاهرة الفقر من التّقارير غير الرسمية وبعض الإجراءات الحكوميّة كتخصيص الموازنة العامّة للسّعودية لعام 2014 مبلغ 29 مليار ريال سعودي (نحو 7.7 مليار دولار) لبرامج معالجة الفقر... (الجزيرة نت: السّعوديّة... مفارقة الفقر في بلد الذّهب الأسود) وهل تبدّلت أوضاعها المعيشيّة فلا بطالة؟! (أكّدت الهيئة العامّة للإحصاء أنّ معدّل البطالة في السّعوديّة خلال الرّبع الثّاني من 2017 بلغ 12.8 %)، ولا طلاق؟! (127 حالة طلاق يوميّا بمعدّل 5 حالات طلاق كلّ ساعة)، ولا عنوسة؟! (عدد السّعوديّات المصنّفات عوانس "227.860" سعوديّة تجاوزت عمر 32 سنة ولم تتزوّج.) (الهيئة العامّة للإحصاء). أهذا ما تتمنّاه المرأة في السّعوديّة؟! قيادة سيّارة وحضور مباريات كرة القدم والحصول على مراكز قياديّة؟! أهذا هو مبتغى المرأة المسلمة سواء في السّعوديّة أو في غيرها من بلاد المسلمين؟!!
إنّ المرأة المسلمة في كلّ بلاد المسلمين لن تنخدع بهذه الشّعارات البرّاقة الرّنانة لأنّها قد علمت زيفها وتأكّدت أن لا خير لها إلّا في شرع ربّها، وأنّه الوحيد الذي ضمن حقوقها وحفظ كرامتها... يقول عليه الصّلاة والسّلام: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي، مَا أَكْرَمَ النِّسَاءَ إِلاَّ كَرِيمٌ، وَلَا أَهَانَهُنَّ إِلاَّ لَئِيمٌ». فلترفع المرأة سقف مطالبها لتنادي فقط... بتحكيم شرع ربّها.
بقلم: زينة الصّامت
رأيك في الموضوع