(مترجم)
أوردت صحيفة الفجر الباكستانية بتاريخ 6 أيار/مايو 2017، أن 12 شخصا على الأقل من بينهم 10 مدنيين وجندي من باكستان وآخر من الفيلق شبه العسكري لقوا حتفهم وأن حوالي 40 آخرين أصيبوا في إطلاق للنار والقصف بعد قيام قوات أفغانية بالهجوم على قوات الدفاع التي تحرس الموظفين الذين يقومون بالتعداد السكاني في قريتين على حدود تشامان يوم الجمعة.
إن الخط الحدودي الذي يفصل باكستان عن أفغانستان معروف باسم خط دوراند والذي قام بفرضه هو حاكم الهند البريطاني عام 1893م، مقسِّما بذلك تجمعاتالبشتون التي تقع على كلا الجانبين، وذلك ضمن عملية التقسيم وسياسة الحكم. وقد كان الآلاف من البشتون وبشكل يومي ولأسباب تتعلق بالتجارة وصلات القرابة وغيرها من الأسباب الأخرى يعبرون كلا الجانبين من الحدود بحرية لعقود طويلة. إنالإسلامغالٍ في قلوب قبائل البشتون،لذلك فقد قاموا بدور كبير ومهم في دعم حركة المقاومة ضد الصليبيين، سواء أكان ذلك في هزيمةوطرد الإمبراطورية البريطانية أو الاتحاد السوفييتي، فمسلمو هذه المنطقة كانوا هم العمود الفقري لحركة المقاومة.
فمنذ الغزو، واجه الأمريكيون مع حلفائهم هزائم مذلّة في الصراع في أفغانستان حيث إن مصيرهم لم يكن ليختلف عمن سبقهم من المحتلين. إلا أن أمريكا أدركت أهمية الحزام القبلي على الحدود الباكستانية الأفغانية في هذا الصراع وقامت بحيلة التقسيم لتحطيم العمود الفقري لحركة المقاومة في أفغانستان. فبناء على أوامر أمريكا، قام النظام الباكستاني بقيادة عملية تلو الأخرى قاتلا شعبه في الحزام القبلي ومقيما العديد من نقاط التفتيش وتسييج الحدود، بالإضافة إلى الاعتداءات التي أصبحت عادية وعمليات اعتقال مسلمي هذه المنطقة، كل ذلك هو بعض الأساليب التي تم اتباعها لتدمير المساعدات التي تُقدم لحركة المقاومة الأفغانية.
ليس هذا فقط، وإنما انقيادا للخطة الأمريكية للتقسيم والحكم، قامت أمريكا بتنصيب نظام كابول وقامت أيضا بدعم النظام الباكستاني الذي صعد التوتر على الحدود في محاولة لإيجاد الكراهية بين مسلمي كلا الجانبين. ففي السنوات الأخيرة شهدت كل نقاط التفتيش بما فيها بوابة الصداقة على الحدود الباكستانية - الأفغانية في منطقة تشامان تبادلا للقصف وإطلاق النار على فترات منتظمة من القوات التي تحرس الحدود مما خلق توترا بين كلا الجانبين. فمسلمو كلا البلدين كانوا على صلة قريبة جدا من بعضهم حتى إن أفغانستان في بعض الأوقات تم اعتبارها إقليما خامسا من باكستان، إلا أنه ومنذ الغزو الأمريكي فإن نظامي كلا الدولتين واللذين أصبحا لعبة بيد الأمريكان حاولا وباستمرار خلق بيئة من العداوة والكراهية بين المسلمين. وبدون أي حياء قام كلا النظامين بتبادل تصريحات نارية مشتتين بذلك الانتباه عن الغزو الأمريكي ووجوده، والذي هو سبب عدم الاستقرار في المنطقة. فكلا النظامين الخائنين لم يقم بدعم الاحتلال الأمريكي لأفغانستان فقط بل تجاوزا ذلك بخلق المبررات لبقائه الطويل في المنطقة.
فكما ورد في الفجر بتاريخ 17 نيسان/أبريل، أخبر رئيس الوزراء الباكستاني الجنرال ماكماستر بأن باكستان تنتظر "الشراكة المفيدة للجانبين مع أمريكا والعمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، لنشر السلام والأمن في المنطقة وما بعدها".
إن النظامين الدميتين بيد أمريكا على كلا الجانبين من الحدود سيستمران بتقسيم المسلمين لتأمين أهداف أمريكا في المنطقة. ولا يمكن للمسلمين السماح لهذين النظامين بتقسيمهم على أسس وطنية. بل على العكس، يجب عليهم اتباع الإسلام الذي سينهض بهم كأمة واحدة قوية. فالمسلمون سيعانون دوما من الانقسام فيما بينهم طالما تخلوا عن أوامر الإسلام التي توحدهم في أمة واحدة ودولة واحدة تحت حكم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة﴾ [الحجرات: 10]
إنه فقط من خلال الخلافة الراشدة على منهاج النبوة سيتمكن المسلمون على كلا جانبي خط دوراند من التوحد ثانية، وتدمير الهيمنة الأمريكية على المنطقة وفي كل مكان. فالخلافة ستوحد مسلمي كلا الجانبين، وتغلق سفارة أمريكا ومراكز العمليات العسكرية، وتطرد القوات الأمريكية والدبلوماسيين من البلاد الإسلامية.
بقلم: م. محمد صلاح الدين
رأيك في الموضوع