اجتمع وزراء خارجية أمريكا وروسيا والسعودية يوم 3/8/2015 في قطر لمناقشة قضايا إقليمية تشمل "الحرب على الإرهاب" وسوريا واليمن والعلاقة مع إيران. وذلك في اجتماع ثلاثي منفصل عن الاجتماعات مع باقي وزراء الخليج.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد قال في وقت سابق: "إنه يعتزم بحث سبل مواجهة داعش في سوريا والدور الذي يمكن أن تلعبه إيران عندما يلتقي مع نظيره الروسي لافروف في قطر". وقال: "يجب أن نغير آليات الوضع في سوريا.. هذا الأمر من بين أسباب تفاوضنا مع تركيا في الأسابيع القليلة الماضية، وهناك قدر من التغير فيما يتعلق بالأمور التي أصبح الأتراك مستعدين للقيام بها وهناك تغير أيضا في بعض الأمور التي نشارك فيها. نريد دمج السعوديين ودمج الأتراك وفي نهاية المطاف ربما سنرى ما يمكن أن يقوم به الإيرانيون". فالوزير الأمريكي يوزع الأدوار على اللاعبين الرئيسين في المنطقة بصورة علنية.
وقال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير خارجية روسيا عقب هذا الاجتماع الثلاثي لوكالة نوفستي: "الجولة الثالثة من مشاورات موسكو بشأن التسوية السورية يمكن أن تعقد قبل نهاية أيلول المقبل.. نحن لا نستبعد أيضا أن تكون مشاورات موسكو3 جزءا من عملية أوسع نطاقا، وربما بمشاركة روسيا والولايات المتحدة، وبطبيعة الحال نحن ندعم المشاركة الفعالة للأمم المتحدة في مثل هذه الاتصالات ممثلة بستيفان دي ميستورا ونائبه، ومن المرجح أن تجري المشاورات في نيويورك قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.. ومجلس الأمن سيتخذ قرارا في الأيام المقبلة يدعم اقتراحات المبعوث الأممي إلى سوريا دي ميستورا بشأن التسوية في سوريا.. واللقاء الثلاثي يبحث موضوع تشكيل حكومة سورية معترف بها". وهذا ذكره ميستورا أمام مجلس الأمن "بإمكانية تشكيل حكومة ذات مصداقية يمكن العمل معها". فروسيا تؤكد تبنيها لمبادرات أمريكا المتعلقة بسوريا وتعاونها معها لتنفيذها.
وأعلنت الخارجية الروسية أن "وزير خارجية السعودية عادل الجبير سيزور موسكو يوم 11/8/2015 وستتركز محادثاته مع المسؤولين الروس على تفعيل التسوية السورية ومبادرة موسكو بإنشاء تحالف دولي.." وذكرت "العربية" يوم 2/8/2015 أن "مصادر دبلوماسية روسية كشفت أن موسكو بعد مفاوضات أجرتها مع واشنطن والرياض أعلنت عن مبادرة تشكيل تحالف دولي إقليمي يضم نظام بشار أسد ودول المنطقة لمواجهة خطر داعش وتنامي الإرهاب في الشرق الأوسط، وأن هذه المبادرة تحظى بدعم سعودي أمريكي، وأن نظام الأسد أعلن تأييده لها، ما يستوجب وضع آليات لتنفيذها في أرض الواقع ويجعل للقاء كيري - لافروف - الجبير أهمية خاصة باعتبار أنه قد ينقل المبادرة إلى مرحلة التنفيذ. وأكدت هذه المصادر أن المشاورات التي جرت بين بوتين وأردوغان ركزت حول ضرورة القبول ببقاء الأسد على رأس نظامه خلال المرحلة الانتقالية باعتبار أن سقوطه سيفتح الباب أمام سيطرة الجماعات المتشددة". فروسيا تقبل بإزاحة الأسد ولكنها تريد بقاءه مؤقتا وذلك حسب المخطط الأمريكي حتى يوجد البديل، ويجري العمل على صرف الأنظار عما ارتكبه النظام السوري من جرائم بدمجه في تحالف لمواجهة "الإرهاب".
ونقلت "الحياة" يوم 8/8/2015 عن مصادر سعودية أن "السعودية أطلقت مبادرة لحل الأزمة السورية اشترطت فيها وقف دعمها للمعارضة السورية مقابل انسحاب إيران ومقاتلي حزب الله من سوريا وتنص على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بإشراف الأمم المتحدة". وذكرت الصحيفة أن "مسؤولين سعوديين التقوا رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك في جدة يوم 7/7/2015 وعرضوا عليه المبادرة وعقد هذا الاجتماع تحت رعاية روسية". وذلك لتحفظ لإيران ماء وجهها بأن الانسحاب تم بصورة متبادلة، وكأن السعودية تدير الثوار، مع العلم أن دورها اقتصر على ضعاف النفوس الذين قبلوا مالها المسموم.
ونشرت قناة الميادين المؤيدة لإيران يوم 4/8/2015 مبادرة إيرانية متعلقة بسوريا نقلا عن مصدر إيراني رفيع تنص على "وقف فوري لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة تعديل الدستور السوري، وإجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين". وذكر المصدر أن "المبادرة جرى تقديمها والتشاور بشأنها مع تركيا وقطر ومصر ودول أعضاء في مجلس الأمن". فإيران تقترح مبادرة ضمن المخطط الأمريكي، وهي تعلن استعدادها للسير مع أمريكا بصورة علنية.
وكان وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم أجرى يوم 6/8/2015 مباحثات في عُمان مع نظيره العُماني، حيث أكدا أن: "الوقت قد حان لتضافر الجهود البناءة لوضع حد للأزمة في سوريا.." ونقلت "الوطن السعودية" "معلومات حول إمكانية عقد لقاء ثلاثي بين وزراء سوريا والسعودية وإيران في مسقط". فسلطنة عُمان تلعب دورا في تهيئة المكان لأمريكا وعملائها للتباحث معهم سرا مثلما حدث مع الإيرانيين حول الملف النووي، ومع الحوثيين حول الملف اليمني والآن مع النظام السوري.
واجتمع كيري مع وزراء خارجية دول الخليج وأكد لهم أهمية تطبيق الاتفاق النووي مع إيران، وقال "الولايات المتحدة ستقدم الدعم لحلفائها الخليجيين لمنع زعزعة أمن أي منها.. وإن التركيز كان على محاربة داعش والقاعدة والتطرف.." وقال: "توافقنا على تسريع بيع بعض الأسلحة الضرورية.. والبدء بعمليات تدريبت محددة جدا بهدف تبادل وتقاسم معلومات استخباراتية.. واستمرار المشاورات التي بدأت في كامب ديفيد في أيار الماضي حول كيفية دمج الأنظمة الدفاعية الإقليمية من الصواريخ البالستية وزيادة عدد التدريبات العسكرية التي نقوم بها معا". فأمريكا تستهدف دول الخليج لتتمكن من إحكام السيطرة عليها تحت هذه المسميات.
وذكرت الأنباء يوم 8/8/2015 عزم جيفري فيلتمان مسؤول الشؤون السياسية في الأمم المتحدة زيارة سوريا قريبا. فأمريكا تريد الاتصال بالنظام السوري مباشرة بواسطة هذا المسؤول وهو بالأصل مسؤول أمريكي، وكان نائبا لوزير خارجيتها.
من هنا يتبين أن هناك حراكا على مستوى دولي وإقليمي تقوده أمريكا بتعاون روسي، وبتوزيع أدوار على أدواتها السعودية وإيران وتركيا والأمم المتحدة يتركز حول الوضع في سوريا، فهي محاولة أخرى من قبلها لتطبيق الحل السياسي الهادف للحفاظ على النظام العلماني وعلى نفوذها في سوريا، ويعمل عميلها دي ميستورا في هذا الاتجاه لاستئناف المحادثات في جنيف3، والمبادرات السعودية والإيرانية والروسية تدور في هذا الإطار.
فالجديد هو إمكانية أن تلعب السعودية دورا موجها داخل سوريا للتأثير على الثوار بإمداد بعضهم بالمال المسموم، وتركيا بجانب ما تقوم به للتأثير على الثوار ستقوم بدور عسكري، وقد أعلنت رسميا اشتراكها مع أمريكا في ضرب الثورة السورية بذريعة محاربة تنظيم الدولة وفتحت لها قاعدة إنجرليك، ولإيران دور معروف في التأثير على النظام السوري، والجديد أيضا أن يجري تنسيق علني بين هذه الدول الثلاث مع أمريكا لتنفيذ الحل، واستعداد إيران للتخلي عن بشار أسد، وهي تحاول إثبات انفتاحها على المجتمع الدولي وسيرها مع أمريكا، بجانب استعداد النظام السوري الانصياع للأوامر الأمريكية للتباحث حول مصير رموزه.
ولكن المخلصين الواعين في سوريا سيكونون لهم بالمرصاد وسيعملون بإذن الله وعون منه على إحباط ألاعيب أمريكا وأتباعها وأدواتها وكافة المتعاونين معها كما أحبطوها على مدى أربعة أعوام حتى يأتي الله بأمره.
رأيك في الموضوع