لقد شهدت سماء الأردن الضربة الإيرانية الثانية وكانت الطائرات الغربية وعلى رأسها الأمريكية، تقوم بإسقاطها قبل أن تصل إلى كيان يهود.
وأكد الأردن على لسان الناطق باسم حكومته، محمد المومني، أن "موقف بلاده واضح ودائم" بأنه "لن يكون ساحة للصراع لأي طرف"، وذلك في أعقاب إعلان عمّان اعتراض صواريخ في أجواء المملكة، في خضم الهجوم الإيراني الذي استهدف كيان يهود، الثلاثاء الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري.
وصرّح المومني لقناة المملكة، بأن "حماية الأردن والأردنيين تعتبر مسؤوليتنا الأولى"، مضيفاً أن أجزاء من الصواريخ سقطت في مناطق مختلفة من المملكة، مشيراً إلى "عدم وجود إصابات حرجة، بينما تم تسجيل 3 إصابات صنفت طبياً بأنها طفيفة".
أعاد الأردن في تلك الليلة مشهد نيسان الماضي في الضربة الأولى تحت ذريعة السيادة الأردنية التي تصل أعماق الأرض وتبلغ عنان السماء، وأن الموقف الأردني ثابت مع جميع الأطراف، ولن تكون الأردن ساحة لحرب طرف على حساب طرف!
والحقيقة التي يدركها الجميع أن الأردن هو كيان وظيفي أنشئ لحماية كيان يهود في الأصل وهو يقوم وسيقوم بهذا الدور كلما تعرض كيان يهود للخطر؛ فمن حذر كيان يهود من الحرب سنة 1973 وأخبر غولدا مائير بالحرب؟ ومن كبّل الجيش في الأردن ومنع الناس من التحرك لنصرة أهل غزة وكل فلسطين؟ ومن أقام المعاهدات وانطلقت من قواعده المساعدات العسكرية لكيان يهود في حرب غزة؟ ومن أقام الجسر البري لنقل احتياجات يهود الغذائية؟ ومن صاحب التعاون الأمني والعسكري مع يهود؟ ومن الذي حمى أطول خط مجابهة مع كيان يهود، وصاحب العلاقات السرية والعلنية مع يهود حتى قبل نشأة كيانهم؟
أما بالنسبة لحجة الأردن بمفهوم السيادة، فأين كانت سيادة الأردن يوم ضرب يهود المفاعل النووي في العراق؟! وأين كانت سيادة الأردن وطائرات يهود تضرب جنوب سوريا؟! وأين كانت سيادة الأردن يوم قتل يهود أبناء الأردن على الأرض الأردنية؟! وأين كانت السيادة الأردنية يوم احتلال بعض مناطق الأردن؟! وأين هي سيادة الأردن ووصايته على المسجد الأقصى ويهود يدنسونه ويقتحمونه ليل نهار؟! وأين تلك السيادة المزعومة وتهديدات يهود ضد الأردن قائمة؟!
إن موقف الناس في الأردن معلوم غير مجهول، فهو أرض الحشد والرباط وأرض العز والفخار وأرض الشهداء والبطولات، وهم يدركون خيانة النظام ودوره الوظيفي في حماية كيان يهود، بل جاء طوفان الأقصى فاضحاً كاشفاً لأعمى العينين، ورأوا بأم أعينهم كيف أسقط النظام تلك الصواريخ على رؤوسهم حماية لكيان يهود، وهذا الكشف والإدراك بإذن الله مقدمة للعمل للتغيير.
أما دور مجلس النواب فمعلوم أنه مجلس لا وزن له ولا قيمة سواء السابق أو الحالي، والنظام سمح بتعدد الأطياف السياسية التي تؤمن بوجوده لأجل خيانة وخطر قادم كما حدث سابقا ليكونوا شركاء في الخيانة والإثم.
وختاما: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأمَّا كون اليهود كانوا ينتصرون على العرب، فهذا لا يُعرف، بل المعروف خلافه، والله تعالى قد أخبر بما يدل على ذلك، فقال تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾، فاليهود من حين ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله، وحبل من الناس لم يكونوا بمجردهم ينتصرون، لا على العرب، ولا غيرهم، وإنما كانوا يقاتلون مع حلفائهم قبل الإسلام".
ويهود حبلهم مع الله مقطوع ويبقى حبل الناس شرقا وغربا، ومن أشدهم وأكثرهم حماية هي ما تسمى بدول الطوق ومنها الأردن، فجميعهم وظيفتهم حماية كيان يهود، والأصل في الأمة أن تقطع هذا الحبل وأن تقوم بالعمل للتغيير فلا يبقى لهم حبل ولا حماية ليقفوا أمام الحقيقة القادمة.
قال تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً﴾.
بقلم: الأستاذ عبد الحكيم عبد الله
رأيك في الموضوع