إن الحرب التي يشنها كيان يهود الغاصب لفلسطين على غزة بعنف وهمجية قل نظيرها في تاريخ البشرية كانت بضوء أخضر من أمريكا دولة الإرهاب وصانعته وقائدة دول العالم إليه والتي ما زالت تتغنى بكذبة حقوق الإنسان، وقد وقفت بعصبية غير معهودة من قبل إلى جانب كيان يهود المسخ. إن هذه الحرب الصليبية الوحشية المجرمة التي انتهجت سياسة الأرض المحروقة فأهلكت الحرث والنسل وسلطت كامل قواها العسكرية على المدنيين العزل في المدارس والمستشفيات والمساكن بحقد دفين وقساوة أشد من الحديد لتغطية هزيمتها المعنوية التي ألحقها بهم المجاهدون الأبطال في طوفان الأقصى قد كشفت خمس حقائق للمسلمين:
الحقيقة الأولى: أن الأمة الإسلامية أمة واحدة
لقد أظهرت الحرب على غزة بشكل واضح أن الأمة الإسلامية أمة واحدة، على قلب رجل واحد، وأنها جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر؛ فالأمة كلها تتوق إلى الجهاد والقتال إلى جانب إخوانهم في غزة ولم يمنعهم من ذلك إلا القيود التي كبّلهم بها الحكام العملاء المجرمون الذين يقفون في فسطاط الكفار والمنافقين، ومنعوا جيوش الأمة من نصرة أهل فلسطين، فالأمة الإسلامية أمة واحدة رغم محاولات الكفار المستعمرين لتفريقهم بالوطنيات التي كانت من ثمار اتفاقية سايكس بيكو، ورغم إشعال الحروب الداخلية العبثية بينهم، إلا أن مفعولها أوشك على النهاية فقد أفل نجمها وبان عوارها وتكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة.
الحقيقة الثانية: خيانة الحكام لقضايا المسلمين
إن خيانة الحكام لقضايا المسلمين معروفة لكل ذي عقل سليم؛ فلم ينصروا لها قضية واحدة منذ تربعوا على العروش ولم يحركوا جيشاً واحداً لنصرة فلسطين وأخواتها العراق وأفغانستان والشيشان وكوسوفا وجنوب السودان وكشمير وقبرص وبورما وأراكان... وأصبحت رائحة خيانتهم للإسلام والمسلمين وقضاياها المصيرية تزكم الأنوف، إلا أن الحرب الصليبية الوحشية على غزة وأهلها زاد وضوحها وسقطت ورق التوت حتى عن الذين يتظاهرون بالوقوف معها إعلاميا وهم كغيرهم في الخيانة لفلسطين وأهلها سواء بسواء، والحكام قسمان:
الأول: هم الذين فاحت رائحة خيانتهم ولم يبق في وجوههم قطرة من الحياء، بل إنهم قد أعلنوها صراحة؛ أنهم في خندق أعداء الأمة الإسلامية بلسان الحال أو بالمقال، كمصر والإمارات وغيرهما، وهؤلاء هم جزء من السياج الأمني الذي يحمي اليهود من غضب الأمة وتحرك جيوشها.
الثانى: هم الحكام المنافقون الذين يظهرون للأمة غير ما يخفون عنها، فيتظاهرون كذبا أنهم مع فلسطين فيحسنون الخطاب الإعلامي وينظمون المسيرات والاحتجاجات لامتصاص غضب الأمة الإسلامية خوفا من الثورة عليهم وإسقاط عروشهم؛ كأردوغان الذي نظم مسيرة فلسطين الكبرى، ولم يطلق رصاصة على أصدقائه اليهود، بينما قتل آلافاً من المسلمين خدمة لسيدته أمريكا التي يدور في فلكها في كل من أفغانستان حيث قتل فيها مئات المسلمين في فترة قيادة تركيا أردوغان لحلف الناتو الذي يحارب الإسلام والمسلمين، كما قتل آلاف المسلمين في العراق وسوريا وليبيا خدمة لأمريكا التي أوكلت إليه حربهم بالنيابة عنها، وكذلك إيران وأحزابها في لبنان والعراق واليمن؛ فلم نسمع منهم إلا جعجعة ولكننا لم نر طحينا! فصواريخ الحوثيين يطلقونها برضا سيدتهم أمريكا لرفع شعبيتهم المنهارة خلال الهدنة مع السعودية والتي أوشكت الثورة عليهم تلوح في الأفق، وبإطلاقهم تلك الصواريخ أبعدوا عنهم شبح الثورة إلى حين.
الحقيقة الثالثة: القيادة الإسلامية الواحدة (الخلافة)
لقد كشفت حرب غزة أن الحكام قد تودع منهم وأن تحريكهم للجيوش لإنقاذ أهل فلسطين من الحرب الصليبية الوحشية الإجرامية شبه مستحيل، وأن المسلمين بحاجة ماسة أن تكون لهم قيادة واحدة تدافع عنهم وترد عدوان المعتدي عليهم، وأنها يجب أن تكون إسلامية وليست وطنية ولا قومية. إن تلك القيادة الإسلامية الجامعة للمسلمين التي تحرك جيوش المسلمين لنصرة فلسطين وأخواتها وتحريرها كاملة وإعادتها إلى ديار المسلمين هي الخلافة الراشدة التي تحكم بشرع الله وتطبق ما أنزل الله فتخرج الناس جميعا من ظلمات الرأسمالية وفسادها إلى نور الإسلام وعدله وتحمي المسلمين ومقدساتهم من الكفار المستعمرين.
الحقيقة الرابعة: قوة المسلمين لا تقف أمامها أية قوة في الأرض
لقد كشفت الحرب على غزة بشكل واضح أن الأمة الإسلامية تمتلك قوة لا تقف في وجهها أي قوة في الأرض مهما كانت ما دامت لها قيادة من جنسها وليس من أعدائها؛ فثلة من المسلمين في فلسطين على مساحة صغيرة لا تكاد ترى على الخارطة فعلت في عملية طوفان الأقصى ما أرعب كيان يهود فكانت ردة فعله على المدنيين عنيفة لتغطية هزيمته المعنوية ورعبه الشديد، فظن أنه يستطيع اقتحام غزة في أيام قلائل وتهجيرهم إلى خارج فلسطين، ولكن ثبات المجاهدين وقتل كل من تقدم لاقتحامها زاد يهود رعباً، وبان أن كيانهم هش يسهل على جيش واحد من جيوش المسلمين إذا تحرك أن يهزمه ويخرج اليهود من فلسطين أذلة وهم صاغرون، فكيف لو كانت للمسلمين قيادة واحدة تجمعهم وتستخدم كل مقدرات المسلمين وقواهم؟! إنها بلا شك ستهزم أي قوة في الأرض مهما كانت قوتها ومهما امتلكت من أسلحة وجيوش ومقدرات.
إن طوفان الأقصى أثبت للمسلمين بطلان مقولة أن كيان يهود قوة لا تقهر، وأن أمريكا التي تقف خلفه بعصبية بان عوارها وهي ليست إلا نمر من ورق، ولن تستطيع أن تقف في وجه قيادة إسلامية واحدة (الخلافة)، بل إن هزيمتها مع جميع حلفائها ممكنة، وإن انتزاع زمام المبادرة منها ليس مستحيلا. إن سيطرة أمريكا على منابع القوة العسكرية والاقتصادية والإعلامية أعطاها صورة من الهيبة غير صورتها الحقيقية، لكن بوجود دولة إسلامية واحدة (الخلافة) سيتبين الحجم الحقيقي لأمريكا ناهيك عن أي دولة استعمارية دونها.
الحقيقة الخامسة: كيان يهود هش يمكن هزيمته هو ومن يقف خلفه من الدول الكبرى
إن طوفان الأقصى الذي أرعب كيان يهود أثبت للمسلمين أنه كيان هش ضعيف مهما امتلك من قوة فهو يخشى المواجهة البرية، وهي التي تقلب الموازين، وإن جيوش المسلمين قادرة بإذن الله تعالى أن تهزم يهود وتخرجهم من فلسطين أذلة وهم صاغرون كما هزم البطل صلاح الدين الصليبيين في فلسطين وأخرجهم منها أذلة وهم صاغرون، فالتاريخ يعيد نفسه. قال الله تعالى: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾.
إن تحرير فلسطين وأخواتها معلوم غير مجهول وهو تحريك الجيوش وفتح الجبهات مع يهود، فعليكم أن تنتفضوا للضغط على الحكام لتحريك الجيوش أو لإسقاط العروش، والعمل مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فهي أقصر الطرق لتحرير فلسطين وأخواتها ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.
بقلم: الأستاذ حاشد قاسم – ولاية اليمن
رأيك في الموضوع