كتب عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي فضل الجعدي على منصة إكس يوم الثلاثاء 22 آب/أغسطس، متحدثاً عن نظام آل سعود: "إنهم يمارسون تعذيب الناس بالكهرباء والخدمات بغية الضغط على الانتقالي لتقديم تنازلات في ملف القضية الجنوبية". جاء قوله هذا قبل أن ينقضي أسبوع واحد على تصريح مماثل للقيادي الانتقالي بمحافظة حضرموت صلاح الجابري تحدى فيه السعودية بالاحتفال بالنصر عقب أن تهزم قوات الانتقالي العسكرية على الأرض. فكان الانتقاليون كمن يسددون سهامهم باتجاه السعودية، واحداً تلو الآخر، ليفتوا في عضدها ويفشلوا مخططات من يقف وراءها في المحافظات الجنوبية.
لقد انتظرت السعودية طويلاً بفارغ الصبر حتى يحين دورها في الدخول إلى جنوب اليمن الذي طالما راعها لفترة من الزمن. فقد قادت السعودية تحالفها المزعوم في آذار/مارس 2015م لعودة هادي، واتجهت للقيام بأعمال في محافظات اليمن الجنوبية، بعيداً عن جبهات القتال. فاختارت محمد زمام محافظاً للبنك المركزي في شباط/فبراير 2018م، فور بدئها تقديم الودائع بمليارات الدولارات لبنك عدن المركزي، وعينت في تشرين الأول/أكتوبر 2018م معين عبد الملك لرئاسة الوزراء رغم صغر سنه وقلة خبرته السياسية. ومع ولادة المجلس الانتقالي في آب/أغسطس 2019م، دعت لعقد مؤتمر لديها في تشرين الثاني/نوفمبر 2019م ببنوده المعلنة والمخفية، لتزيد من تأثيرها في القرارات السياسية على حكومة عدن - بعد أن جعلت عبد ربه أسيراً لديها - كحشر الانتقالي وعبد ربه في مقعد التفاوض نفسه مقابل مقعد صنعاء الذي ينحشر فيه الحوثيون والمؤتمريون، وتغيير القيادات العسكرية السابقة البريطانية في المحافظات الجنوبية، بقيادات عسكرية جديدة أمريكية.
في الجانب العسكري سارعت السعودية بإرسال قواتها إلى محافظة المهرة لمزاحمة قوات المجلس الانتقالي، والاستعداد في بدء مد أنبوبها النفطي (الخراير-نشطون) على بحر العرب ومساحة 5 كيلومترات على جانبيه، وعملت جاهدة لشراء ولاء بعض القبائل المهرية، كما أرسلت قواتها إلى القصر الرئاسي في معاشيق، ودعمت عصام بن حبريش وقواته في حضرموت، وخصصت مليار دولار من ودائعها لإقامة مشاريع بنية تحتية في محافظة حضرموت.
جرياً على تمزيق اليمن وتفتيته، ليزول خطره عن السعودية حسب قصر نظرها، وهي بغباء لا تعلم بأن الدور آت عليها بالتمزيق، لإعادة رسم خارطة سايكس بيكو جديدة للشرق الأوسط بـ"شرق أوسط كبير"، بعد إضعاف كل من العراق واليمن، وستحتفظ أمريكا المخططة للشرق الأوسط الكبير، بمنابع النفط في الشرقية في أيديها، لأن النفط جزء أساسي من السيطرة السياسية على المنطقة إلى جانب الموقع الاستراتيجي الفريد في العالم.
إن عويل الانتقاليين المتتالي هذا لا ينبئ إلا عن ضعفهم هم ومن يقف وراءهم، مقابل تحقيق من يقف وراء السعودية من مخططات في محافظات جنوب اليمن من تبديل للقيادات العسكرية، وتصفية للقيادات العسكرية المناوئة لها، وإضعاف لنفوذ الوسط السياسي السابق، لصالح الوسط السياسي الجديد كالحراك الثوري الجنوبي ورفقائه، وتمزيق محافظات جنوب اليمن بإيجاد كيانات سياسية مستقلة في كل من شبوة وحضرموت والمهرة.
إن نظام آل سعود الذي رسم حدوده بقلمه على الخرائط المندوبُ السامي البريطاني في العراق برسي كوكس، لم يكن يوماً نظام خير لأهل اليمن خاصة، ناهيك عن المسلمين عامة. وكذلك الإمارات التي أوجدتها بريطانيا ولا تزال تابعة حتى اليوم. نعرف أن كل ما تقوم به الرياض من أعمال تأتي مناوئة لأعمال أبو ظبي، وقد ذكر سعد العمري من الرياض - قبل تصريح الجابري - في صحيفة بلاده "البيان" بالحرف أن "أبو ظبي خانت الرياض في اليمن". إن السعودية والإمارات عميلتان للدولتين الاستعماريتين الغربيتين المتصارعتين على اليمن؛ أمريكا وبريطانيا.
إن مهاجمة مسؤولي الانتقالي ليست وليدة اللحظة، بل هو منذ نشأته يهاجم السعودية مواربةً من وراء باب، كاتخاذه من تردي خدمات الكهرباء والمياه والرعاية الصحية وانهيار الريال أمام الدولار وارتفاع الأسعار وغيرها في المحافظات الجنوبية ذريعة للهجوم على حكومة معين عبد الملك، ودفعه الناس لدخول قصر معاشيق. أما اليوم فإن هجومهم يأتي جلياً وواضحاً ضدها. وهو في الحقيقة وإن أماط اللثام متأخراً عن ممارسات السعودية التي تسير في ركاب أمريكا وتنفذ مخططاتها في محافظات اليمن الجنوبية، فقد كشف أيضاً عن عمالة المجلس الانتقالي الجنوبي لبريطانيا، الذين لم ينفكوا عن عمالتها منذ 1967م وحتى اليوم، فلماذا يعد الانتقاليون الجنوبيين بالرخاء في ظل حكمهم وهم الآخرون مجرد بيادق على رقعة الشطرنج وليسوا لاعبين؟!
يا أهلنا في اليمن عامة والجنوب خاصة: لم يكف بريطانيا أن احتلتكم لـ129 سنة، فهي تواصل العبث بدمائكم وبلادكم، حتى تبقي على نفوذها السياسي في البلاد، وتمنع أمريكا من أن تستحوذ عليها، فمتى تعودون للحكمة والإيمان؟! فالمتصارعون الدوليون يراهنون على بقائكم ألعوبة بيدهم، فاكسروا مراهنتهم وعودوا إلى حصنكم المكين يا من وصفكم رسول الله ﷺ بالحكمة والإيمان فقال: «جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ»، واعملوا مع حزب التحرير لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة واقتلاع المستعمرين من أرضكم.
رأيك في الموضوع