نرى في الإعلام تغطية كاملة لعدوان يهود واغتيالاته لأهل فلسطين، ومنها ما حصل مؤخرا في جنين ومخيمها، لكننا لم نر أو نسمع خلال هذه التغطيات الإعلامية من المحللين والمعلقين والسياسيين الذين تتم استضافتهم للتعليق على هذه الأحداث عن الحل الجذري لقضية فلسطين.
والكبير في أمتنا والصغير يتمنى بل يريد تحرير فلسطين فلماذا يتجاهل الإعلام هذا الحل؟! بل يتجاهل حتى كلمة تحرير عند الحديث عن قضية فلسطين، واستبعاد الحديث عن دور جيوش الأمة في حل هذه القضية، فيما تعج التغطية الإعلامية لقضية أوكرانيا مثلا بالحديث عن دعم أوكرانيا بالأسلحة والطائرات والصواريخ والطائرات المسيرة وصولا للتهديد النووي وضرورة تحرير كل الأرض الأوكرانية واستعادة شبه جزيرة القرم؟! فيما لا تخرج مفردات الإعلام عند تغطية أحداث فلسطين عن المناشدات والاستنكارات وحصر القضية بأهل فلسطين وحدهم والمطالبة بحل الدولتين ولا تظهر خيارات التحرير وطرد المحتلين من بلادنا كخيار حقيقي وشرعي!
إن المطلوب من الإعلاميين بكل بساطة هو تأدية واجبهم وأن يكونوا منسجمين مع أنفسهم فهم جزء من أمتهم التي يجب أن ينحازوا لقضاياها فيعبروا عنها بما يخدم وحدتها ونهضتها ومكافحة أعـدائها، وإن قضية فلسـطين واسطة العقد في قضايا المسلمين، قضية لا حل لها إلا بالتحـرير الكامل.
فالقاصي والداني، والصغير والكبير يدركون تمام الإدراك أن الذي يحول دون تحـريرها ويمنع الأمة الإسلامية وجيوشها من الجـهاد في سبيل الله لاقتلاع كيان يـهود من جذوره هم الحكام والأنظمة الخانعة لأمريكا وبريطانيا، ولا يخفى على الإعلاميين من متابعاتهم الإعلامية حجم التآمر على قضية فلسـطين، وتلك الأعمال المقصودة لفصلها عن الإسلام والأمة الإسلامية وجعلها مرهونة للقرارات الدولية والمبادرات الإقليمية التي تكرس الاحتـلال وتحميه، والحديث عن التحرير يصطدم مع هذه المنظومة من الحكام العملاء ومن يقف وراءهم من المستعمرين ويهدد وجودهم وخططهم فيحاولون شطبه من التعاطي الإعلامي.
فتغيب كلمة التحرير عن التغطية الإعلامية لقضية الأرض المباركة ولا تكاد تذكر، كما يغيب استنصار جيوش الأمة وتحميلها مسؤولية تحرير الأرض المباركة، يغيب ذلك سواء في عدم استضافة من يدعو لهذا الحل الشرعي أو بالتغطية والتعتيم وتجاهل التحركات الجماهيرية التي تطالب بذلك ليحل محله ضيوف يغردون ضمن سرب الأنظمة وحلولها الاستعمارية التي ثبتت كيان يهود وتضمن أمنه.
فأي حديث عن حلول أخرى غير تحرير الأرض المباركة هو إطالة في عمر الاحتـلال وإمعان في تقزيم القضية، وترويج للحلول الاستسلامية المشينة، كالتدخل الدولي ومجلس الأمن والقوات الدولية والترويج لها كأنها البلسم الشافي لأهل فلسـطين، وفي المقابل يريدون لوسائل الإعلام أن تحجب كل صوت يعكر صفو مشاريعهم أو يفسد عليهم مخططاتهم.
ولقد بات الإعلام الرسمي يعمل بشكل حثيث على منع وصول أي صوت أو نداء يتحدث عن الحل الحقيقي لقضية فلسـطين، وتريد الأنظمة العميلة للغرب لوسائل الإعلام أن تصبح صوتا ومنبرا لكل مرجف وعمـيل، يتحدث بلغة الغرب ومفرداته الخبيثة، ويتناول أدوات الاستسلام والتفريط.
وبذلك الخط الذي ترسمه غرف الأخبار لوسائل الإعلام الرسمية وذلك القاموس من المفردات الذي تفرضه الأنظمة على وسائل الإعلام بات ملاحظا خشية الإعلاميين من تغطية أعمال حزب التحرير التي يخرج فيها عن قيود وقواميس الأنظمة وأسيادهم المستعمرين ومفرداتهم البغيضة ويستنصر بها الأمة الإسلامية وجيوشها لتحـرير بيت المقـدس، بل بات ملاحظا الخشية من الحديث عن جيوش المسلمين ومسؤوليتها عن تحـرير الأرض المباركة، فلا يتم تسليط الضوء على مسؤوليتها وقدرتها على التحـرير، ولا يتم إبراز مسؤوليتها في وسائل الإعلام أو جعلها محل حوار ونقاش على المنابر الإعلامية.
وعلى سبيل المثال لم تقم معظم وسائل الإعلام بتغطية أعمال الحزب الجماهيرية الحاشدة التي خرجت في رام الله والخليل وقلقيلية تطالب جيوش الأمة بالتحرك العاجل لنصرة جنـين وتحـرير فلسـطين، وعجزت منابرها عن استضافة أي صوت يوجه البوصلة نحو الحل الصحيح المفضي للتحـرير والخلاص من الاحتـلال وجـرائمه!
إن الإعلاميين جزء من الأمة وهم أبناؤها، وانتماؤهم الوحيد يجب أن يكون لأمتهم وقضاياها، وواجبهم أن ينقلوا كل همسة أو صوت يجهر بالحقيقة ويضع البلسم على الجرح، ودفن كل بوق أو عميل يروج لمشاريع الاستعـمار ودوام الاحتـلال بألفاظ وعبارات منمقة مشبعة بالسم والخيـانة.
وعلى الإعلاميين أن يدركوا أن المستقبل للأمة وللإسلام، وأن الاستعـمار يحصي أيامه الأخيرة وإن ادعى خلاف ذلك، وسيرحل ومعه كل المرتزقة والعمـلاء والأتباع، ولن يحظوا بمقعد في طائرات المستعمرين التي ستغادر كل بلادنا كما غادرت أفغانستان تجر أذيال الخيبة والهزيمة، وعليهم أن يبصروا طريق نهضة الأمة كما أبصرها كثيرون، وأن ينحازوا إلى أمتهم وإلى المخلصين فيها فهذا هو الحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع