نظم مجلس الشورى يوم الأربعاء 02 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في صنعاء فعالية خطابية للذكرى 105 لوعد بلفور، حضرها عضو المجلس السياسي الأعلى محمد صالح النعيمي، الذي قال في كلمة بالمناسبة وعنونتها له صحيفة الثورة في 03/11/2022م "موقف اليمن ثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في بناء دولتهم المستقلة".
لقد تماشى الحوثيون مع حدود سايكس بيكو المصطنعة بتجزئة البلاد الإسلامية إلى أنظمة حكم هزيلة، وجعل تقديم بريطانيا وعد بلفور لليهود بتوطينهم في أرض الإسراء، بعد أن عجزوا عن شرائها بالمال من السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، وتمكين بريطانيا لهم من اغتصاب الأرض المباركة بعد هدمها الخلافة العثمانية وإنشاء كيان يهود فيها. جعل الحوثيون أرض الإسراء قضية خاصة وحصرية بأهل فلسطين، لا شأن لغيرهم من المسلمين بها، ورضوا بتجزئة البلاد الإسلامية إلى دويلات هزيلة، وهم أنفسهم نظام حاكم خلف سابقيه في الحكم. كذلك جعل الحوثيون للفلسطينيين حقاً في بناء دولتهم! أي دولة تلك؟ الدولة التي ضمن حل الدولتين إلى جانب كيان يهود بحسب الرؤية الأمريكية. إن الحديث عن القانون الدولي والشرعية الدولية هو الداء العضال في قضايا المسلمين، فتلك الشرعية الدولية هي التي أقرت حقاً ليهود في أرض الإسراء، وهي التي منحت كيانهم الاعتراف بـهم ضمن القانون الدولي.
لقد ذهب النعيمي في كلمته إلى تقاسم رغيف الخبز مع الفلسطينيين، في حضور نائب رئيس الوزراء للدفاع والأمن جلال الرويشان، ومساعد وزير الدفاع علي الكحلاني، ومسؤول الملف الفلسطيني للحوثيين حسن الحمران، بدلاً من الحديث عن إعداد القوة لقتال غاصبي الأرض المباركة، حيث قال "مبيناً أن ذلك الموقف يتجلى في تأكيدات القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى في عدد من المناسبات أن الشعب اليمني إلى جانب الشعب الفلسطيني وعلى استعداد لتقاسم رغيف الخبز معه". إذن فيما جاء ذكره للمقاومة في حديثه، وقد ألقى بالعنوان الحقيقي لاغتصاب الأرض المباركة وهو الإسلام والمسلمين، وحصرها في قضية فلسطينية؟ أما اتفاق الجزائر بين السلطة وحماس والفصائل، الذي أكد عليه النعيمي، فقد جاء ليسير مع السياسة الأمريكية في خُطَا حل الدولتين، وهو مصالحة سياسية ومحاصصة بين الفصائل على غرار العراق ولبنان.
التزييف والتضليل استمرا من جانب منظمي فعالية ذكرى وعد بلفور بحديث رئيس مجلس الشورى محمد حسين العيدروس عن "إعلان وعد بلفور باليوم الأسود في تاريخ الشعب الفلسطيني والأمة العربية برمتها، كونه مكن من غرس الكيان الصهيوني في قلب الأمة".
لقد حُدِّدَ لمجلس الشورى عنوان ذرائعي هو "كي لا ننسى وعد بلفور المشؤوم"، ما يعبر عن استكانة وتسليم بوعد بلفور، ورضاً بالأمر الواقع. الحوثيون هم من بدأ تنظيم فعالية سنوية لذكرى وعد بلفور، حيث لم تكن تنظم في عهد علي صالح، وفيها يشتم إحياء فعالية وعد بلفور واستمرارية تنظيمه سنويا في 2/11 من كل عام بتحويلها إلى مناسبة احتفالية فقط، أكثر من إعداد المسلمين لتطهير أرض الإسراء من دنس يهود، وعودتها إلى سلطان المسلمين تحت راية العُقاب. هذا هو الخطاب الرسمي للحوثيين للخارج ممثلاً بكلمة عضو المجلس السياسي الأعلى النعيمي، أما خطاب الاستهلاك المحلي والأتباع ففي كلمة مسؤول الملف الفلسطيني حسن الحمران!
ومما هو محزن ومفزع تناغم من حضروا الفعالية من الفصائل الفلسطينية واتفاقها في الرؤية مع الحوثيين، فها هي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين تقول في بيان لها بمناسبة ذكرى وعد بلفور، نقلته صحيفة الثورة: "فلسطين بكل ترابها ومقدساتها خالص للشعب الفلسطيني ولا تقبل القسمة أو التجزئة"، وكذلك الجبهة الديمقراطية التي قال ممثلها في اليمن خالد خليفة "لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالاستجابة التامة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني".
وما زلتم تضحكون على المطبعين مع كيان يهود وتسخرون من الجوار الخليجي، وعلى صفقة القرن وأصحابها، إنكم مثلهم! و"المقاومة" بالأمس تجري لقاءات ومفاوضات مع الكيان الغاصب لفلسطين لتمنحه الشرعية بترسيم الحدود البحرية معه، وتعتبر ذلك انتصاراً تاريخياً!
في الأخير نقول إن تحرير الأرض المباركة والمسجد الأقصى ليست سوى شعار تتزين به الأنظمة الحاكمة في البلاد الإسلامية ليس إلا، ويعبر عن تواطئهم وخذلانهم لقضية المسلمين في استعادة تلك الأرض إلى يد المسلمين، بعد أن دنسها يهود الغاصبون، ولا يعبر عن إرادة حقيقية لتلك الأنظمة في إجلاء الغاصبين عنها.
أما من سيعيد مسرى رسولنا ﷺ فهي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾، كما بين رسولنا ﷺ كيفية إعادتها حيث قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ». أخرجه مسلم.
رأيك في الموضوع