ما زلنا نتحدث عن الأساليب والوسائل الماكرة التي تتبعها الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا بمساعدة السياسيين المتنفذين في الحكم في مصر الكنانة؛ لتطويق عملية الانفجار والتغيير على أساس الإسلام، ووصلنا النقطة الخامسة وهي:
5- زيادة التقارب مع كيان يهود وزيادة قواعد الغرب: فقد بادر الغرب منذ سنوات طويلة لإيجاد ركائز معينة له في بلاد المسلمين تحول دونها ودون عودتها مرة أخرى لتاريخها أيام حكم الإسلام. فحاول في بداية الأمر استعمارها عسكريا، لكنه فشل فشلاً ذريعا في هذا الأمر فاستعاض عن ذلك بأمور عديدة أخرى؛ منها العملاء السياسيون، ومنها إنشاء كيان يهود في قلب البلاد الإسلامية؛ ليكون قاعدة متقدمة له في التصدي لأية عملية تغيير تحدث، وليكون كذلك قاعدة عسكرية متقدمة تتدخل سريعا في حال حدوث أي تغيير ضد عملائه السياسيين. وقد عمدت الأنظمة العربية المحيطة بكيان يهود إلى أعمال كثيرة لتقوية هذا الكيان، ومدّه بأسباب البقاء والاستمرارية؛ منها التقارب معه عبر معاهدات سلام، ومن هذه الدول مصر، حيث كانت من أوائل الدول التي أعلنت صراحة عن عقد اتفاقية سلام سنة 1978 مع كيان يهود، وكان من أحد أهدافها الدفاع المشترك عن مصالح الغرب، والوقوف المشترك لأية عملية تغيير وأعقب هذه الاتفاقية إقامة قواعد عسكرية أمريكية في سيناء، ونزع كل أنواع الأسلحة منها، إلا ما يلزم لحرب الجماعات الإسلامية. ولعل الحوادث الأخيرة التي قام بها النظام، وسمح له يهود بزيادة أعداد الجنود المصريين داخل سيناء من أجل ملاحقة الجماعات الإسلامية، أكبر برهان على التقارب والتنسيق المشترك لحرب ومنع أية عملية تغيير تحدث في مصر.
6- تقريب بعض الجماعات الإسلامية السلفية، مثل ما يسمى بحزب النور السلفي؛ لتضليل الناس عن الواقع الصحيح؛ أي لتجميل صورة النظام في نظر الناس من جهة، وللتغطية الشرعية بطريقة مضللة على جرائم النظام التي يقوم بها هنا وهناك ضد العمل الإسلامي المخلص الصحيح. فقد أورد موقع الجزيرة نت تصريحا لرئيس حزب النور السلفي بتاريخ 28/1/2018، جاء فيه: "يعلن حزب النور تأييده للرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية... واعتبر مخيون أن السيسي هو أقدر من يقوم بهذه المهام الجسيمة خلال السنوات الأربع المقبلة، مشيرا خصوصا إلى تحسين الوضع الاقتصادي، ومكافحة الإرهاب، وترسيخ المرجعية العليا للشريعة الإسلامية في جميع نواحي الحياة". ومثل هذا الأمر ما تقوم به مشيخة الأزهر وبعض التابعين للنظام ممن يسمون علماء.
7- التضييق على الناس عن طريق الوظائف والامتيازات: وهذا ديدن جميع الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية. فأغلب الذين لا يوالون الأنظمة، لا ينالون وظائف حكومية وذلك كورقة ضغط على المعارضة. فقد أورد موقع (الراكوبة لأخبار السودان ومصر) بتاريخ 14/8/2011: "وتأتي مطالبات الإسلاميين بعد سنوات طويلة مما يقولون إنها محاولة قام بها النظام السابق طوال 30 عاما؛ لتجريدهم من كل شيء والتنكيل بأسرهم وحرمانهم من الوظائف القيادية في الحكومة، والهيئات والمؤسسات والجامعات... وأعرب عمر علي 21 عاما، عضو الجماعة الإسلامية، عن تخوفه من استمرار نفس فكر النظام السابق، في حرمان كل من يطلق لحيته، وينتمي لأي تيار إسلامي من أي عمل سواء حكومي أو خاص. وقال لـ"الشرق الأوسط": "إن الشباب الذين ينتمون لتيارات إسلامية مُنعوا في الماضي من الالتحاق بالكليات الخاصة بالجيش والشرطة، ومنعوا من التعيين في الوظائف الحكومية"، لافتاً: إلى أنه يخاف الذهاب لإجراء الاختبارات في الكليات العسكرية، حتى لا يجد من يرفضه، على الرغم من نجاحه في الاختبارات، لمجرد انتمائه الديني. من جانبه، أكد محمد نور، المتحدث الإعلامي باسم حزب النور قائلا: إننا طالبنا وما زلنا نطالب بإلغاء مثل هذا التمييز ضد التيار الإسلامي، متسائلاً: لماذا يتم عزل التيار الإسلامي، واستبعاده من المشاركة في بناء الوطن، سواء في الحكومة أو العمل كمستشارين في الوزارات المختلفة؟!"
وبعد هذا الاستعراض لأهم الأمور في محاولات الغرب تطويق العمل الإسلامي، ومحاربته بكل السبل لإجهاضه، ومنعه من الوصول إلى غايته وهدفه الصحيح نقول: إن الغرب قد حاول بعد هدم الخلافة وخلال فترة الاستعمار التي أعقبت ذلك تغييب شعب مصر عن واقعه الحقيقي، وتضليله ومحو الإسلام من ذاكرته، لكنه فشل فشلا ذريعا؛ حيث بدأت الثورات ضد الاستعمار الفرنسي ثم الإنجليزي، ثم انطلقت حركات عدة تدعو للتغيير على أساس الإسلام. واليوم يزداد هذا الفشل أمام التوجه العام نحو الإسلام، رغم كل حملات التجهيل والتضليل. لقد حاولوا ربط مصر بمعاهدات سموها السلام مع كيان يهود، ولكن بعد أربعين عاما وقف رئيس وزراء كيان يهود نتنياهو أمام الكنيست ليعلن فشل كل معاهدات السلام مع المحيط العربي؛ حيث قال في الذكرى الأربعين لتوقيع معاهدة كامب ديفيد: "لقد نجحنا في توقيع معاهدات سلام مع الحكومات لكننا فشلنا في إيجاد السلام مع الشعوب".
إن فشل الغرب قديما وحديثا في تطويع شعب الكنانة وإخضاعه لمخططات الغرب ليذكرنا بحقائق عديدة تتعلق بمصر الكنانة، وأبنائها وتاريخها منها:
1- مصر كانت وستعود بإذن الله بوابة الفتح لإعادة مجد أمة الإسلام، وهي تتهيأ لهذا الأمر العظيم رغم الكيد والمكر الكبيرين.
2- لقد كانت مصر السبب في وحدة الأمة في وقت التمزق والتردي والذل والهوان.
3- أهل مصر يحبون الإسلام، ويخلصون له ويضحون من أجله على مر العصور، وبرز منها قادة عظام، وعلماء أفذاذ خاصة في زمن العز بن عبد السلام والظاهر بيبرس وقطز والأشرف خليل بن قلاوون وغيرهم الكثير. وبرز منها قادة عظام في الثورات التي انطلقت من الأزهر الشريف، وقادة التغيير على مر العصور.
4- أرض مصر فيها طاقات كبيرة في المال والرجال والثروات، وفي موقعها الحساس في البلاد الإسلامية.
5- مصر كانت وما زالت امتداداً تاريخياً ومعنوياً لأرض الشام، وبوابة الفتح للشمال الأفريقي ولبيت المقدس، وستعود بإذن الله كما كانت.
وفي الختام نقول بأن مصر كانت وستبقى كنانة الله في الأرض، وكنانة أمة الإسلام بالرجال القادة الغيورين على الإسلام والمسلمين. وستبقى رحما وعونا وغوثا كما عهدها المسلمون على مر التاريخ، وكما وصفها الرسول الأكرم ﷺ. وسوف تعود مصر بوابة الفتح والوحدة لأمة الإسلام من جديد لتنطلق منها السهام النافذة لأعداء هذه الأمة ولتحرر بيت المقدس مرة ثالثة كما حررتها من الصليبيين والمغول. فنسأله تعالى أن ذلك قريبا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
رأيك في الموضوع