تناقلت وسائل الإعلام أن مصر تُحذّر كيان يهود: "الوضع في الضفة يخرج عن السيطرة وستواجهون انفجاراً، ومخاوف من اشتعال انتفاضة ثالثة"، كما حذر المسؤولون المصريون من أنّه إذا استمر الوضع في الضفة على ما هو عليه، فإنّ كيان يهود سيواجه انفجاراً وفوضى في الأراضي الفلسطينية.
لفهم هذه التصريحات التي تفوح منها رائحة الخيانة عبر الحرص على كيان يهود، وقراءتها القراءة السياسية الدقيقة، لا بد من توصيف النظام المصري. إن أي دولة في العالم يجب أن تقوم على خدمة مبدأ معين أو على خدمة مصالحها على الأقل، أو تسخير مبدئها لخدمة مصالحها، لكن النظام المصري كغيره من الأنظمة في بلادنا الإسلامية لا يخدم مبدأ الأمة ولا يسخر طاقاتها ومواردها لخدمته، فهو لا يطبق الإسلام في الداخل ولا يحمله بالدعوة والجهاد للخارج، بل يطبق الرأسمالية التي فرضها المستعمرون على بلادنا بعد هدمهم الخلافة عبر دول أنشئت وأنظمة صممت لتخدم مصالحهم، فالنظام المصري قائم أساسا على خدمة مصالح المستعمرين وتسخير كل طاقات أهل مصر من أجل تنفيذ خططهم ومؤامراتهم على الأمة، وهنا تكمن المصيبة التي عمت آثارها الكارثية على قضايا الأمة الإسلامية.
إن النظام المصري عميل لأمريكا وقد رهن سياسة مصر الداخلية والخارجية لها فهو لا يخرج عن طوعها قيد أنملة، وذلك جلي بشكل دقيق يطال كل تفاصيل الحكم والسياسة والرعاية في مصر أفقيا وعموديا؛ من المناهج الدراسية والاقتصاد، مرورا بالعلاقات الدولية والإقليمية، فالنظام المصري ينفذ حرفيا مخططات أمريكا في أرض الكنانة.
وقضية الأرض المباركة ليست استثناء في هذا السياق، والتصريحات الدورية لقادته تجسد هذه الحالة الكارثية للنظام المصري، فهذه التصريحات تعبر عن الواقع الحقيقي لهذا النظام؛ بأنه أداة تنفيذية في أيدي المستعمرين ينطلق في تصريحاته وأعماله السياسية من هذا المنطلق، فهو ينفذ الرؤية الأمريكية في الحل ويبدي حرصه على كيان يهود وعلى تثبيت أركانه عبر إعطاء جل الأرض المباركة ليهود ضمن مشروع أمريكا (حل الدولتين).
ذلك الحل الذي تفرضه أمريكا لتثبيت كيان يهود كقاعدة متقدمة في حربها على الأمة الإسلامية مقابل كيان أمني هزيل يقوم بحراسة كيان يهود، فتبعية وعمالة النظام المصري لأمريكا ودوره الوظيفي في خدمة مصالحها وتنفيذ مخططاتها تحكم علاقاته سواء بكيان يهود أو بالفصائل الفلسطينية التي يسعى دوما لكبح جماحها وفرض التهدئة لغسل أيدي يهود من دماء المسلمين والحرص على عدم (تفجير الأوضاع) وتثبيط الأمة الإسلامية عن تحرير فلسطين.
وتحرير فلسطين هدف كبير لأمة عظمية لا يمكن لكيان أنشأه المستعمرون على مقاسهم ويتفانى في خدمة مصالحهم أن يحظى بشرف تحقيقه، وعلاقة الأمة الإسلامية بهذا النظام تحددها الأحكام الشرعية والواقع السياسي الموجود، فالواقع السياسي هو أن الأمة الإسلامية في واد والنظام المصري وأمثاله في واد آخر، والإجراء الشرعي تجاههم هو اقتلاعهم، وإقامة كيان سياسي له إرادة سياسية تنفذ فيه إرادة الأمة بتحرير الأرض المباركة، واستعادة سلطان الأمة.
وعلى أهل فلسطين بشكل عام أن ينظروا إلى النظام المصري من هذا المنظور الشرعي وأنه جزء من المشكلة وليس جزءاً من الحل، وعلى الفصائل الفلسطينية خاصة أن تدرك هذه الحقائق الشرعية والسياسية وأن لا ترتمي في أحضان النظام المصري العميل لأمريكا، فمن يصافح النظام المصري ويرتمي في أحضانه يرتمي فعليا في أحضان أمريكا، ويسعى لتثبيت رؤيتها وتنفيذ خططها في تثبيت كيان يهود، وفي جعله كيانا طبيعيا في المنطقة.
فتحرير الأرض المباركة نتيجة حتمية للصراع وهو قرار مؤجل من النظام المصري، فالنظام المصري وجيش مصر على وجه الخصوص يستطيع أن يحرر فلسطين في ساعة من نهار، وعبر محطات تاريخية كثيرة منذ إنشاء كيان يهود كان الجيش المصري على بعد خطوات من تحرير الأرض المباركة، والذي منعه من ذلك خيانة الحكام وعدم وجود قرار سياسي بالتحرير، ما يجعل النظام المصري شريكاً فعلياً في المؤامرة على الأرض المباركة بعدم تفعيل تحرير فلسطين مع قدرته على ذلك، فتأجيل قرار تحرير فلسطين يعني أن المأساة اليومية لأهل فلسطين سوف تستمر والقتل وهدم البيوت واقتحامات المسجد الأقصى سوف يستمر، وهذه مصيبة، أليس كذلك؟!
لكن المصيبة الأكبر أن هذا ليس القرار الوحيد المؤجل، بل نهضة الأمة الإسلامية هو قرار سياسي مؤجل، ورفعة أهل مصر هو قرار سياسي مؤجل، وسيادة الأمة وانعتاقها من المستعمرين واستعادة ثرواتها وقبل ذلك كله تحكيم شرع ربها في دولة جامعة للمسلمين.. قرار سياسي مؤجل.
إن أهل القوة والمنعة وقادة الجند المخلصين في مصر مطالبون شرعا بتكرار ما قامت به جيوش مصر والقائد البطل المظفر قطز عندما قاد جيوش مصر فكسر ظهر المغول في معركة عين جالوت وحرر الأرض المباركة، فهذا القرار المؤجل لتحرير فلسطين يمكن تفعيله في ساعة من نهار، ويمكن للجيوش المصرية أن تتحرك وتنهي كيان يهود وتقتلعه من جذوره وترفع رايات الإسلام على مسرى الرسول ﷺ، بل إن أهلنا في مصر وقواهم الحية وجيشهم العظيم قادرون على استعادة عظمة الأمة الإسلامية ومجدها إن هم اقتلعوا هذا النظام العميل للغرب واستعادوا القرار السياسي وسلطان الأمة بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع