قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن المرتزقة الروس شنوا سلسلة من الهجمات الدموية على مناطق التعدين التقليدي الحدودية بين السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، من أجل سرقة الذهب، ما أسفر عن مقتل عشرات السودانيين بتلك المناطق. وأكدت الصحيفة أن العشرات من عمال المناجم قد ماتوا في ثلاث هجمات كبرى على الأقل هذا العام يزعم أن مرتزقة فاغنر هم من نفذها، وفاغنر هي شركة عسكرية خاصة يربطها المسؤولون الغربيون بالكرملين الروسي.
ووفقاً للصحيفة فإن شهود عيان أكدوا لها أن مجموعة تتبع لفاغنر اجتاحت معسكرات مليئة بمناجم المهاجرين وعمال الألغام على الحدود بين الدولتين على مدار ستة أسابيع، وأكدوا أن المقاتلين أطلقوا النار عشوائياً بواسطة أسلحة أوتوماتيكية ما أدى إلى تحطيم المعدات والمباني، كما قاموا بسرقة الدراجات النارية. ولفتت الصحيفة إلى أن أحد الشهود وصف مقبرة جماعية تحتوي على أكثر من 20 ضحية، فيما تحدث آخرون عن مئات القتلى والمصابين.
تنتشر هذه المعلومات المؤكدة رغم نفي رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، بحسب وكالة الأناضول في 20/06/2022م، ضلوع مجموعة فاغنر الروسية في عمليات التنقيب عن الذهب في البلاد. وكذلك نفى وزير المالية في لقاء مع الإندبندنت العربية وجود فاغنر في السودان، وأنه لا يعلم عنهم شيئا.
فأي حكام هؤلاء الذين ضيعوا البلاد والعباد بنشر الشركات الأمنية وهو أمر شائع ومنتشر في كل البلاد الإسلامية، وتأذى منه المسلمون؟! لكن حكام السودان يجربون كل المهالك، ويعينون كل من يغذي المرتزقة، أو الجنود المأجورين الذين يعملون من أجل المال لا من أجل هدف سياسي أو قضية، ويغذون الحروب في كل بلاد المسلمين. وبات المرتزقة يشكلون جيش احتلال من نوع آخر، وسوقاً للتجارة بدماء المسلمين، يتم ذلك بأيدي حكام المسلمين باتفاقهم مع الشياطين إن أمكن مقابل المحافظة على عروشهم المتهالكة!
إن الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة تعاظم دورها بعد غزو أمريكا للعراق عام 2003، وحققت أرباحاً خيالية، من خلال توقيع عقود مع حكومات دويلات الضرار هذه، مقابل القيام بأعمال أمنية وعسكرية فيها، خاصة في أفغانستان والعراق. وأبرز الشركات الأمنية التي ظهرت في العراق هي شركة بلاك ووتر ذات السجل الإجرامي في حق أهل العراق حيث قامت بقتل عشرات العراقيين في مشهد دموي وسط العاصمة بغداد دون أن تحاسب، وهي بذلك تكون قد رفعت الكلفة عن الحكام الرويبضات بأن يتم القتل بأيد أجنبية خفية! ورغم مغادرة هذه الشركات الأمنية بعد انسحاب أمريكا من العراق، إلا أن مصادر من التحالف الوطني العراقي، تشير إلى أن هذه الشركات عادت إلى العراق بغطاء الاستثمار مع الحكومة العراقية، وأنها لا تزال تضمر أهدافاً غير مُعلنة، تتشابه في حقيقتها مع سابقتها بلاك ووتر، لتصفية شخصيات عراقية، وبثّ الخوف والرعب في العراق، بالإضافة إلى مساعدة بعض السياسيين المتعاونين مع السفارة الأمريكية في بغداد، على ضمان نفوذٍ اقتصادي دائم. هذا هو واقع هذه الشركات الأمنية فهي لا تنتهي من مهمة حتى تبدأ بمهمة أخرى من القتل والتنكيل بأهل البلد، وهو ما سيحدث في السودان ما لم يتوقف هذا العبث.
يشار إلى أن الكثير من المؤسسات والمنظمات الحكومية والأهلية في البلاد الإسلامية بدأت تستعين بهؤلاء المرتزقة الأمنيين مؤخراً، بعدما ثبت ضعف الجهات الأمنية الرسمية وذلك بإضعاف الجيوش على أيدي حكام لا يريدون أن تنعم الأمة الإسلامية بالأمن والاستقرار، لتظل مستباحة من المستعمرين. ويؤكد الخبراء أن هذه الشركات الأمنية هي واجهات لوكالات استخبارية أجنبية وتأكد ذلك في العراق، إذ إن أغلب عناصر الشركات الأمنية كانوا ضباطاً في وكالة الاستخبارات الأمريكية، وبعضهم ضباط في جهاز الموساد التابع لكيان يهود، ووزارة الدفاع الأمريكية، التي نفذت الكثير من الخروقات الأمنية في العراق حتى ضد الجهات الحكومية.
وفي دول الخليج يدير المرتزقة التابعون للشركات الأمنية الخاصة السجون في الإمارات والسعودية، كما يقومون بعمليات تعذيب المعارضين من سياسيين ومثقفين ورجال أعمال. ويتقاضى هؤلاء المرتزقة رواتب تتراوح بين 1500 و3000 دولار، تدفع من الملكية العامة للأمة من النفط لتبقى الأمة مستعمرة.
أما في الشام الجريح فقد تعاظم دور شركة فاغنر في دعم نفوذ روسيا المساند لنظام الأسد جزار الشام. وسلط هذا الدور الضوء على السياسة العسكرية الروسية المعتمدة في سوريا، والتي تقتضي باستغلال المرتزقة، رغم التعتيم على دورهم ووجودهم، لتقليص نسبة الخسارة في صفوف الجنود الروس.
إن شركة فاغنر الروسية العسكرية هي كغيرها من الشركات الأمنية تعبث بأمن بلاد المسلمين، وهي شركة غير مسجلة رسميا ظهرت في آذار/مارس 2016 بعد نشر صحيفة فونتانكا الإلكترونية المستقلة الروسية تحقيقا حول مقتل عشرات المرتزقة أثناء العمليات البرية في محيط تدمر. وفي تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، لخّص رئيس مجموعة المحققين المستقلين في النزاعات المسلحة (Conflict Intelligence Team)، رسلان ليفييف، المهمة الرئيسية لمرتزقة فاغنر في سوريا بـ"المشاركة بالعمليات الهجومية عالية المخاطر ومنع الضغط الاجتماعي على السلطات الروسية في حال ازداد عدد القتلى في صفوف قوات الجيش".
هكذا استبيحت حياض المسلمين على يد الحكام العابثين المأجورين العملاء الذين يقومون بالنقيض عن واجبهم بوصفهم حكاما تجب عليهم حماية الأمة والذود عنها بأنفسهم، ولكن هكذا يميز الله الخبيث من الطيب، ولعل ذلك يوقظ من يتوهمون أن هؤلاء الحكام فيهم ذرة خير، فيعملوا مع العاملين لإقامة دولة المسلمين حامية الحمى التي تذود عن حياض الأمة بجيوشها كما كانت من قبل؛ إنها الخلافة على منهاج النبوة.
#بالخلافة_نقتلع_نفوذ_الكافر
رأيك في الموضوع