أكد عضو مجلس السيادة في الحكومة الانتقالية في السودان أبو القاسم برطم أن الخرطوم يجب أن تكون لديها علاقات متوازنة مع كل العالم، بما في ذلك كيان يهود. وفي حوار مع موقع إرم نيوز الإماراتي، حسب ما أوردته صحيفة الانتباهة قال برطم: "حريصون أن تكون مصلحة السودان العليا هي التي تقود السياسة الخارجية للبلاد، سواء كانت بعلاقات مع (إسرائيل) أو غيرها.. بحسب الوثيقة الدستورية التي قالت علاقات خارجية متوازنة مع كل العالم ولم تستثنِ أحدا".
وبرر موقفه بقوله: "كنت أتمنى من القوى السياسية والإعلام طرح المواضيع التي حولها خلاف للنقاش المفتوح في الهواء الطلق، لأنه كما يوجد رافضون يوجد أيضا مؤيدون لمسألة التطبيع حتى يتم قياس ذلك، وإن الشعب السوداني به ٤٥ مليوناً يجب أن يبدوا رأيهم بعيداً عن الأحزاب السياسية".
بات جليا خلال الفترة الماضية، كيف تسعى الدول الراغبة في التطبيع مع كيان يهود، إلى إبراز المنادين بالتطبيع، ودعمهم بكافة السبل، سواء عبر الإعلام الرسمي أو عبر وسائل التواصل الإلكتروني، كان برطم وما يزال يكرر أسطوانة التطبيع نفسها، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع كيان يهود، هذا الشخص الذي أصبح في مجلس السيادة بعد أن كان في برلمان حكومة البشير يردد الأسطوانة المشروخة هذه التي يؤيد فيها التطبيع مع يهود. وهذه المرة يعول على موضع سلطته، ويرتكز بوصفه عضو مجلس السيادة على القانون الوضعي (الوثيقة الدستورية)، وعلى وهم كبير يعشعش في دماغه هو ومن شايعه، بأن الرأي العام لم يتم قياسه وأن مصلحة السودان فوق كل اعتبار.
في معرض النظر إلى الآراء المؤيدة للتطبيع في بعض بلاد المسلمين، نعم هناك العديد من حكامهم أمثال برطم من المؤيدين الذين لا يملكون المعلومات الكافية عن دينهم الذي يحرم إقامة علاقة مع دولة محاربة فعلاً، بل تحتل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وتنكل بإخواننا من أهل فلسطين صباح مساء حتى بالنساء في السجون، أو ممن تأثروا بالحملات الإعلامية المنسقة لدويلات سايكس بيكو التي صنعت لترعى كيان يهود التي تروج للتطبيع معه حفاظا على الكراسي وليس على المصلحة العامة التي يلوح بها برطم، وما رأينا تحققها في الدول التي سبقت للتطبيع، لأن مصلحة الأمة الإسلامية حيث شرع الله وليست مصلحة يعد بها يهود شر خلق الله في الأرض، وكذلك هناك قطاع آخر مؤيد للتطبيع؛ من الذين أتعبتهم ظروف الحياة القاسية، في العديد من زوايا بلاد المسلمين، بين فقر وشظف عيش يرغبون في الخروج من مستنقعهم إلى مستنقع التطبيع والخيانة، ويتوهمون أن في ذلك خلاصهم!
ونتساءل هنا متى كانت السلطات في السودان وفي كل بلاد المسلمين التي طبعت تضع الرأي العام لشعوبها موضع الاهتمام وهي تقدم على التطبيع مع يهود؟! وهل هناك لدى أي جهة دراسة واضحة أو استطلاع قيم للرأي العام يظهر مدى قبول أو رفض ذلك التطبيع؟ لم ولن يحدث هذا في الواقع وإن حدث فلن يكترث لنتائجه التي لن ترضي أمثال برطم من المنادين بالتطبيع.
إن الاستطلاعات الوحيدة المتوافرة بهذا الصدد هي صادرة عن مؤسسات كيان يهود، وإننا نستعرضها ليس ثقة في نتائجها لأنها لشروط تتعلق بالموضوعية لا يمكن أن يتم الاستناد لطرف دولة يهود في هذه الحالة، فيما يتعلق بحجم المؤيدين أو الرافضين لكنا نستعرضها لنسكت الأصوات الشاذة المطالبة بالتطبيع ونريها حجمها الحقيقي في الأمة بتقييم من دولة يهود التي يتهافت الحكام للتطبيع معها.
يكشف استطلاع للرأي، أجرته خارجية كيان يهود نهاية العام 2018، أن نسبة لا بأس بها من شعوب الدول العربية، يفضلون التطبيع مع كيان يهود، ووفق موقع (إسرائيل تتكلم بالعربية)، والتابع لخارجية دويلة يهود فإن السؤال حول قبول التطبيع طرح على ألف شخص فقط ولم يذكر العينة التي طرح عليها الاستطلاع في كل دولة من الدول في المنطقة التي شملها الاستطلاع ولكنا نجزم بأن المستطلعة آراؤهم هم من أمثال برطم ومن هم على شاكلته.
النتائج أوضحت أن العراق، حل في المرتبة الأولى، حيث أعرب ما نسبته 43% من المستطلعة آراؤهم، عن تأييدهم للتطبيع، وجاءت الإمارات ثانية بنسبة 42%، والمغرب ثالثا بنسبة 41%، وتونس رابعة بنسبة 32%، والسعودية أخيرة بنسبة 23%.
إذا هذا الاستطلاع أجري في دول تشتهر بتكميم الأفواه وسطوة السلطة وتجبرها لدرجة الطاغوت وكان لافتا عدم ذكر الموقع للكيفية التي أجري بها الاستطلاع، كما أنه لم يأت على ذكر الموقف، في دول مجاورة مثل سوريا خاصة المناطق التي لا يسيطر عليها نظام أسد ولا الدول التي تقيم علاقات مع كيان يهود مثل مصر والأردن والتي اكتوت بلظى التطبيع ولعنته الماحقة.
قد تعكس وسائل التواصل الإلكتروني بعض الحقائق التي يغيبها الإعلام الرسمي الذي لا علاقة له بتبني قضايا الأمة الإسلامية، فبعد إعلان الرئيس السابق لأمريكا دونالد ترامب عن اتفاق التطبيع بين الإمارات وكيان يهود مباشرة، تصدر هاشتاج "التطبيع خيانة" موقع تويتر، حيث عبر الملايين من المسلمين عن رفضهم القاطع للتطبيع وانتقد آلاف المغردين من منطقة الخليج، خطوة التطبيع.
وإن كنا نعلم أن الرأي لا يؤخذ به في التشريع الرباني الذي يحرم أي تقارب أو تطبيع مع منتهك حرمات الله ولكنا نبرهن سقوط من حشيت عقولهم بالمغالطات للترويج للتطبيع مع دويلة يهود التي أكد رب العالمين أنها ستزول وسيزول معها الزبد والجيف من أهل السلطة والثروة اليوم النادمون لا محالة علي ما اقترفته أيديهم يوم تعقد دولة الخلافة الراشدة محاكماتهم العادلة بشرع الله فينكل بهم في الدنيا، وما لهم في الآخرة من أولياء لأن دولة يهود لن تنفع نفسها ناهيك عن أن تنفعهم.
رأيك في الموضوع