تُعد محافظة مأرب من أهم محافظات اليمن بسبب ما حباها الله من ثروة نفطية وغازية، إضافة إلى ثروة زراعية منذ القِدم؛ ففيها شركات تستخرج النفط والغاز وفيها مصفاة صافر - وهي الوحيدة في البلد بعد تهالك مصفاة عدن - وفيها أكبر محطة كهرباء في البلد كانت تغذي معظم مناطق اليمن وخصوصاً العاصمة صنعاء والتي تعيش في ظلام وتعتمد على المولدات التجارية التابعة للمتنفذين - وتعد الزراعة النشاط الرئيسي لسكان المحافظة، إذ تحتل المرتبة الثالثة من بين المحافظات في إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة 7.6% من إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية، وأهم محاصيلها الزراعية الفواكه والحبوب والخضروات.
هذه الأسباب الموجبة جعلت للمحافظة أهمية كبيرة، وجعلت الإنجليز يتشبثون بها عن طريق عملائهم الذين نزحوا إليها بشكل كبير وخاصة قيادات حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين؛ ولكن أمريكا تدرك تماماً أن عملاءها الحوثيين لن يستطيعوا الصمود بدون تأمين مصدر طاقة لهم ومنفذ بحري. أما المنفذ البحري فمحافظة الحديدة تقع حالياً تحت سيطرتهم ولن يتركوها، وبقي لهم مصدراً للطاقة ولا يوجد أمامهم غير محافظة مأرب، وهم الآن في تقدم مستمر نحوها خصوصاً بعد سقوط محافظة الجوف بأيديهم، ومأرب الآن واقعة تحت سيطرة ما يسمى بالشرعية وبالذات حزب الإصلاح عن طريق قوات عميل الإنجليز الخبيث علي محسن صالح الأحمر والذي عينه الإنجليز نائباً لهادي.
وسوف نبين هنا أهم الأعمال التي تقوم بها أمريكا لإسقاط مأرب بيد الحوثيين؛ إن الفاعل الرئيسي لإسقاطها بيد الحوثيين هي عميلة أمريكا السعودية حيث تقوم بالأعمال التالية:
أولاً: سوف نبدأ من آخر الأعمال وهي تسريب معلومات استخباراتية عن طريق رجالها للحوثيين حيث تعطيهم معلومات، فتارة تقوم الجماعة بإرسال صواريخ أو عمل عبوات ناسفة آخرها كان في 27/5/2020م، وهي محاولة اغتيال وزير دفاع حكومة هادي الوزير المقدشي، ورئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز، وأوضحت المصادر بأن عبوة ناسفة استهدفت سيارة رئيس أركان قوات هادي صغير بن عزيز، ليلة الأربعاء أثناء اجتماع قيادات قوات التحالف بداخل ما تسمى المنطقة العسكرية الثالثة في منطقة صحن الجن بمدينة مأرب. (وكالة الصحافة اليمنية).
وفي شباط/فبراير 2020م نجا وزير دفاع هادي من محاولة اغتيال، فيما أصيب أربعة من مرافقيه (سكاي نيوز عربية)؛ وفي 6/2018م نجا نائب رئيس الجمهورية الفريق علي محسن الأحمر من محاولة اغتيال بمحافظة مأرب شمال اليمن. وقال مصدر محلي إن مجهولين أطلقوا قذيفة هاون على موقع كان يجلس فيه الأحمر. (المهرة بوست).
كل هذه الأعمال تكشف التنسيق المخابراتي بين عملاء أمريكا السعودية والحوثيين، فالخلايا التي تزرع العبوات الناسفة والمعلومات التي تعطي الإحداثيات لصواريخ الحوثي التي قتلت المئات من قوات تابعة لهادي تدل على هذا التنسيق، فمأرب مهمة للجماعة الحوثية الساعية إلى تأسيس كيانها القابل للحياة ويكون ممتدا على مساحة جغرافية تحتوي على موارد طبيعية من جهة ومنفتحة على البحر من جهة ثانية.
فأمريكا لديها خطان للعمل في مأرب ولاختراق تحصينات عملاء الإنجليز:
الخط الأول: هو السعودية، فهي تعمل ليل نهار على اختراق الوسط القبلي والعسكري في مأرب بشراء ولاءاتهم خصوصا وأن هذين الوسطين أفسدهما الهالك علي صالح بالمال فهم خدم للمال أينما وجد وجدوا؛ ومع شراء الولاءات تعطي للحوثيين معلومات استخباراتية لتصفية عملاء الإنجليز أمثال علي محسن ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وغيرهم، وليس من المستبعد تصفية هذه القيادات ومن ثم عقد اتفاق بين السعودية والحوثيين في الأيام القادمة بشكل ظاهر.
أما الخط الثاني: فهو اختراق حزب الإصلاح وشرائهم ومن ثم عقد اتفاق معهم ومع جماعة الحوثي عن طريق تركيا أردوغان خصوصاً وأن كثيراً من قيادات الإصلاح في تركيا أبرزهم صاحبة جائزة نوبل وصاحبة قناة بلقيس الفضائية توكل كرمان وهي من التيار الموالي لأمريكا في حزب الإصلاح منذ أن كانت في صنعاء ترأس منظمة صحفيات بلا قيود وقد شاركت بفاعلية ضد عميل الإنجليز صالح في ثورة شباط/فبراير 2011م.
ومن الجدير ذكره حول ما يدور في مأرب هو العبث الذي يقوم عملاء الإنجليز من نهب منظم للثروات في ظل أبناء البلد الذين سحقهم الجوع والمعاناة، وهذه الشرذمة القليلة تتمتع بالثروات وكأنهم ورثوها عن آبائهم؛ فلم يحلوا مشاكل الناس في المحافظة. فعلى سبيل المثال لا الحصر أزمة السكن باتت من أكبر المشاكل التي تثقل كاهل الناس هناك بسبب النزوح، حيث ارتفعت أسعار العقارات بشكل جنوني، إضافة إلى غلاء المعيشة، وآخر مساوئهم أظهرتها الأمطار التي جرفت منازل الناس وأصبح البعض بدون مسكن وفُقد البعض جراء السيول.
والأصل فيهم أن يرعوا شؤون الناس ويُحسنوا من نظرتهم لهم ويعطوا النموذج الأمثل لأهل اليمن في الرعاية، فمحافظة مأرب لا تنقصها الإيرادات ففيها المقومات ليصبح أهلها في رخاء ولكن كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾، حقاً إن هؤلاء الحكام لا يعقلون ولا يرعوون ولا يتعظون! فقبل هروبهم إلى مأرب تركوا قصورهم وشركاتهم وأموالهم في صنعاء وأخذها ظلمة آخرون واليوم سوف يكررون المشهد نفسه في مأرب.
هذا هو المشهد في مأرب وهي نموذج مصغر للواقع في اليمن؛ فبعد خمس سنوات من الحرب أضحت اليمن اليوم أشبه ما تكون بمقاطعات لها حكم ذاتي في كثير من الأمور، فمناطق واقعة تحت سيطرة الحوثيين؛ ومناطق تحت سيطرة ما تسمى بالشرعية مثل مأرب وتعز، ومناطق تحت سيطرة المجلس الانتقالي مثل عدن ولحج والضالع حيث إن المجلس الآن هو الفاعل الرئيسي فيها؛ أما محافظة حضرموت فساحلها فيه تأثير كبير لقوات النخبة الحضرمية التابعة للمجلس للانتقالي ربيب الإمارات، وأما الوادي فتأثير قوات علي محسن الأحمر نائب هادي هو الأقوى باسم ما يسمى بالشرعية، ومحافظات تقع تحت نفوذ جهتين والوضع فيها غير مستقر مثل أبين وشبوة وسقطرى والمهرة؛ هكذا أضحى الوضع في هذا البلد المحروم أهله من كل خيراته وأصبح الإخوة يوجهون سلاحهم نحو بعضهم في منظر محزن ومؤلم.
فليدرك أهل اليمن أن الوضع في ظل هؤلاء الحكام السفهاء في الشمال والجنوب، في الخارج والداخل، سوف يزداد سوءاً لأنهم عملاء وخونة ومن أتفه خلق الله، ويجب علينا أن نسقطهم لأنهم لا يستحقون القعود على كرسي الحكم دقيقة واحدة.
ندعو الناس ليتدبروا حالهم وليدركوا أن هذا الحال لن يخرجهم منه إلا دينهم وإسلامهم الذي يفرض عليهم أن يحكّموه في علاج جميع مشاكلهم، وليعرفوا أن حزب التحرير لديه الحل الجاهز المستنبط من ديننا الإسلام العظيم للخروج ليس باليمن وحدها من هذا الوضع بل العالم كله؛ فالحزب لديه المشروع العملي الجاهز للتطبيق والأمة فيها الرجال المخلصون الأتقياء الأقوياء وفي مقدمتهم شباب حزب التحرير.
ندعوكم للعمل معنا لإقامة دولة الإسلام التي وعدنا الله سبحانه بها وبشرنا بها نبينا محمد ﷺ: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾.
رأيك في الموضوع